جلسة «ملء الفراغ الرئاسي» الـ 20 تمهد لها تحضيرات بروتوكولية ولقاءات «كسر جليد»

لبنان يستعد لانتخاب سليمان الأحد المقبل بحضور أمير قطر والرئيس الفرنسي وشخصيات أجنبية وعربية

TT

في الجلسة العشرين يلتئم مجلس النواب اللبناني بكامل أعضائه الاحياء الـ127 عند الخامسة من بعد ظهر الاحد المقبل لانتخاب رئيس الجمهورية التوافقي العماد ميشال سليمان لملء الفراغ الرئاسي المستمر منذ ستة اشهر.

وقد نشطت الحركة امس لإنجاز الاجراءات والتحضيرات التي تتطلبها هذه الجلسة الاستثنائية. وترافق ذلك مع التحضيرات والاجتماعات الجدية التي «كسرت جليد» الجلسات الـ19 السابقة المؤجلة. وأول الغيث كان الدعوة التي وجهها رئيس مجلس النواب نبيه بري لهذه الغاية عن طريق الامانة العامة للمجلس. وقبل توجيه الدعوة كان امين عام المجلس عدنان ضاهر عقد سلسلة اجتماعات مع مسؤولي التشريفات والبروتوكول. كما عقد اجتماعا امنيا مع مسؤولي الامن في المجلس لوضع اللمسات النهائية على كل الترتيبات اللازمة.

وسيشهد المجلس جلستين متتاليتين لا يفصل بينهما اكثر من ربع ساعة. الاولى لانتخاب الرئيس التوافقي حيث تمرر خلالها صندوقة الاقتراع على 127 نائبا من اصل 128 بعد اغتيال النائب انطوان غانم.

وتبدأ الجلسة بتلاوة اسماء النواب الغائبين، ثم الوقوف دقيقتي صمت حداداً على النائب غانم والنائبين الراحلين نديم سالم وصبحي ياغي. وتتبع ذلك تلاوة المواد 49 و73 من الدستور والمواد 11 و12 من النظام الداخلي والمتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية.

وبعد عملية الانتخاب وفرز الاوراق التي يتولاها اصغر النواب سنا، يعلن الرئيس بري النتيجة ويتوجه بعدها لاصطحاب الرئيس المنتخب ويعلن افتتاح جلسة القسم حيث يلقي الرئيس سليمان خطاباً يتوجه فيه بالشكر الى النواب والى الذين ساهموا في انضاج التوافق اللبناني. ثم يلقي بري كلمة يرحب فيها بالرئيس المنتخب وبالقادة والرؤساء العرب والاجانب والسفراء المعتمدين في لبنان.

وعلم ان من بين المدعوين المؤكد حضورهم امير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ووزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ووزير خارجية ايطاليا ماسيمو داليما وممثل الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا ووزير خارجية اسبانيا ميغيل انخل موراتينوس، فضلاً عن وزراء الخارجية العرب الثمانية اعضاء لجنة الوساطة العربية وامين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى. وتوقعت مصادر ادارية في المجلس النيابي ان تكون القاعة المخصصة للضيوف مكتظة بالرؤساء والزعماء والشخصيات الدبلوماسية والنقابية والاعلامية والاجتماعية المحلية والاجنبية، الامر الذي اضطر المسؤولين عن الترتيبات الادارية واللوجستية الى تأمين شاشات عملاقة في مكتبة المجلس وفي قاعة الصحافة لمتابعة وقائع جلسة الانتخاب التي ستنقل مباشرة على الهواء.

وبعد انتهاء الجلسة يتلقى الرئيس المنتخب التهاني في مكتب رئيس المجلس قبل ان يتوجه الى قصر الرئاسة في بعبدا. وتوقعت مصادر نيابية ان يقدم الرئيس السنيورة استقالة حكومته مساء الاحد، على ان يبدأ الرئيس المنتخب الاستشارات الملزمة مع النواب لاختيار رئيس الحكومة الجديد الاثنين المقبل. وطوال يومي الثلاثاء والأربعاء يجري رئيس الحكومة الجديد استشاراته في المجلس النيابي حول شكل الحكومة وتوزيع الحقائب الوزارية.

وقد بدأت في بيروت امس التحضيرات العملانية لانتخاب قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، فحدد رئيس مجلس النواب نبيه بري الخامسة من بعد ظهر الاحد موعداً لجلسة الانتخاب، فيما انشغلت دوائر مجلس النواب باجراءات تنظيم الجلسة. ويذكر ان بري كان حدد في وقت سابق تاريخ العاشر من يونيو (حزيران) المقبل موعداً للانتخابات الرئاسية. وكان ذلك قبل التوصل الى اتفاق الدوحة.

وقد اتصل رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، بالعماد سليمان وهنأه بالرئاسة، وحمّله التهاني للعائلة، وابلغه «تقديم كل الدعم» قائلاً: «ان الامانة اصبحت بين يديك».

هذا، وتلقى الرئيس بري امس سلسلة اتصالات للتهنئة باتفاق الدوحة، ابرزها من رئيس الحكومة الفلسطينية المقال اسماعيل هنية، رئيس الحكومة العراقية السابق أياد علاوي بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام، نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي. واجرى اتصالا هاتفيا بوزير الخارجية الايراني، منوشهر متكي، لشكره على «الدعم والمساعدة في التوصل الى اتفاق الدوحة».

وعاد الى بيروت امس السفير السعودي الدكتور عبد العزيز خوجة، وزار فور وصوله رئيس الحكومة فؤاد السنيورة. وقال عقب اللقاء انه اتى ليبارك «لجميع اللبنانيين بما تم من اتفاق» آملاً في ان «تكون بداية ممتازة وجيدة وان يستمر هذا الامر الى الابد، ان شاء الله، وان يعود لبنان، مرة اخرى، الى ازدهاره وقوته ووحدته ونموذجا ومثالا جميلا للتعددية والثقافة والحرية الحقيقية والديمقراطية التي كنا نفخر بها». وقال: «نحن نتوق جدا الى ان يعود لبنان الى ما كان وان يكون الصيف المقبل مزدهراً وحيوياً ويعود اليه جميع المصطافين العرب والأجانب ونرى مناطق السياحة والاصطياف مزدهرة ومزدحمة وكل الوجوه تبتسم وتضحك. وان شاء الله كل الجروح تلتئم».

واستغرب خوجة السؤال عن أخذ قطر دور السعودية في لبنان وقال: «قطر دولة صديقة وشقيقة وعضو في مجلس التعاون. واول من دعا الى عقد اجتماع للمجلس الوزاري في القاهرة كانت المملكة العربية السعودية ومصر. وتم الاجتماع وقرر الوزراء تشكيل لجنة برئاسة قطر اتت الى لبنان ثم انتقلت الى قطر. هناك تنسيق كامل بين قطر والمملكة. والاتصالات مستمرة بين الشيخ حمد والامير سعود الفيصل. وعلى كل حال، نكمل بعضنا البعض. المهم ان يعود لبنان وتعود الوحدة فيه. نحن لسنا في صدد صراع. المهم ان يتم العمل، سواء في الدوحة او في الرياض او في القاهرة او في الرباط او في اي مكان. والحمد الله، لقد اثبت العمل العربي انه مهم جداً، كما اثبت نجاح العمل العربي المشترك. والحمد لله، لقد اثبتت الجامعة العربية مقدرتها تماما على العمل والجهد الذي قام به الامين العام (عمرو موسى) على مدى شهور طويلة سابقا اثمر ثمارا طيبة. هناك تراكم لعملية بنائية تمت. والمبادرة العربية كانت هي الاساس لهذا الحل. والحمدلله،نجحت المبادرة العربية ونجح العمل العربي المشترك. هذا ما يجب ان نفخر به وما يجب ان نردده. العمل ليس ان تنافس دولة دولة اخرى. نحن كلنا كدول عربية واحد ونكمل بعضنا البعض. المهم اننا نجحنا، ونجح العمل العربي المشترك. وهذا امر نفخر به. جلسنا مع بعضنا ونجحنا. وهذا ما نفخر به. ويجب ان يفخر بذلك لبنان. ويجب ان ننسى الماضي وكل ما سبب هذه الجروح».

وأبرق وزير المهجرين نعمه طعمه امس الى كل من أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والى رئيس حكومته وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، مهنئا بـ «الإنجاز الوطني والقومي الذي تحقق على يد دولة قطر الشقيقة وبمساندة جميع الاخوة العرب، لجهة إعادة جمع الشمل اللبناني ورعاية الحوار الوطني بين الأطراف المتنازعة وإرساء أسس الحل المنشود الذي وأد الفتنة وأوقف مسلسل العنف وأخرج لبنان من مرحلة التشرذم والانقسام الى مرحلة استعادة الدولة لدورها ووحدتها». وأشاد بـ«التضحيات والجهود التي قامت بها الشقيقة قطر على هذا الصعيد، حيث عمل سمو أميرها ورئيس حكومتها على التدخل المباشر في أدق التفاصيل والإصرار على إيجاد حل للأزمة اللبنانية، وبالفعل هذا ما حصل وحاز ثقة واطمئنان جميع الأطراف اللبنانية».

وأكد عضو كتلة «التحرير والتنمية» التي يرأسها بري، النائب علي خريس على «ضرورة ان يستثمر التوافق اللبناني الذي حصل في الدوحة بمزيد من الحوار والتوافق على مختلف القضايا التي محل تباين بين الأطراف اللبنانية». ورأى انه «من اللافت ان ننتخب رئيسا للجمهورية اللبنانية في اليوم الذي نحتفل به بعيد التحرير الوطني، عيد شرف الامة العربية والمسيحية والإسلامية، عيد المقاومة التي يجب ان نقف بخشوع امام شهدائها الأبرار وان نضع على رأس مقاوميها اكاليل الغار وأوسمة الانتصار». واعتبر «ان تجديد المؤسسات الدستورية اللبنانية، من رئيس الجمهورية الى حكومة وحدة وطنية الى قانون انتخاب اتفق اللبنانيون عليه، هو بعث حياة جديدة للجميع خارج اطار الخوف والترقب والحذر من الداخل والخارج».