ميدفيديف يزور الصين تأكيدا على أولويات سياسته الخارجية

بينما يتوجه بوتين غربا في سباق غير معلن مع خليفته

فرقة الموسيقى النحاسية الصينية تعزف احدى مقطوعاتها لدى وصول الرئيس الروسي الجديد ديمتري ميدفيديف إلى بكين امس في أول زيارة خارجية له وهو ما يعكس تزايد الاهتمام بالتعاون مع الصين في المجال العسكري والطاقة (رويترز)
TT

فيما توجه رئيس الحكومة الروسية فلاديمير بوتين غربا نحو بيلاروس، لحضور اجتماعات رؤساء حكومات بلدان الكومنولث، اتخذ الرئيس الروسي الجديد ديميتري ميدفيديف طريقه شرقا، في زيارتين لكل من قزقستان والصين، رغم اعلانه عن انه سيبدأ برنامج زياراته الخارجية بعد توليه رسميا مقاليد السلطة في الكرملين، بزيارة المانيا، ومن دون تفسير لتعديل برنامج زياراته الخارجية. واذا كانت رحلة بوتين الى الشقيقة «المشاكسة» بيلاروس تستهدف ضمنا توطيد علاقات بلاده مع بلدان الكومنولث، فلم يكن اختيار ميدفيديف لقزقستان بعيدا عن نفس التوجه، وليس من قبيل الصدفة، على حد قوله. وقد حدد الرئيس الروسي صراحة الاسباب التي تقف وراء هذا الاختيار، في اطار ما قاله حول اعلاء بلاده لعلاقاتها مع بلدان الكومنولث، ولموقع هذه الجمهورية الاسيوية على خارطة الاهتمامات الاستراتيجية لروسيا في القارة الاسيوية. وكان بوتين قد استهل زيارته لمينسك عاصمة بيلاروس بلقاء رئيسها الكسندر لوكاشينكو، في الوقت الذي اعلنت فيه نظيرته الاوكرانية يوليا تيموشينكو عن انها تتطلع للقائه، ربما في محاولة لتبديد توتر العلاقات بين البلدين بسبب تمسك اوكرانيا بالانضمام الى الناتو، واعلان رئيسها عن ضرورة جلاء الاسطول الروسي بعد انتهاء اتفاقية استئجاره لميناء سيفاستوبول عام 2017. واذا كانت نتائج اجتماعات بوتين مع نظرائه في بيلاروس لم تتبلور بعد، فان ما حققه ميدفيديف في الاستانة عاصمة قزقستان يؤكد نجاح مهمته في هذه الجمهورية الاسيوية، بما تضمنته من توقيع لعدد من الاتفاقيات التي تتسق مع استراتيجية تعزيز علاقات روسيا مع اصدقائها التقليديين في اطار منظومة الكومنولث، ما يخفف من الصدع الذي اصاب هذه المنظومة منذ اندلاع الثورات الملونة في جورجيا واوكرانيا، اللتين تتزعمان مسيرة التحول صوب الانضمام الى الناتو والاتحاد الاوروبي. وقد اعلن الرئيسان ميدفيديف ونورسلطان نزاربايف في ختام مباحثاتهما عن اتفاق حول نقل الغاز من غرب الصين وحتى اوروبا الغربية عبر اراضي روسيا وقزقستان، الى جانب الاعلان عن توجه واضح نحو تحقيق التكامل الاقتصادي في اطار ما سبق واعلنه نزاربايف حول الاتحاد الاورواسيوي، من خلال اتفاقية التعاون التقني وتكثيف التعاون في مجالات الطاقة والاستخدام السلمي للفضاء الكوني. وكانت موسكو قد استبقت زيارتي ميدفيديف وبوتين الخارجيتين باعلان حول تشكيل وكالة فيدرالية جديدة، تبدو بمثابة وزارة دولة للشؤون الخارجية، تقتصر مهمتها على تطوير التعاون الاقتصادي مع بلدان الكومنولث من خلال المؤسسات الاقتصادية والمنظمات غير الحكومية. اما عن زيارة ميدفيديف للصين فيمكن تناولها من منظور ما سبق واعلنت عنه موسكو حول ضرورة بناء العالم متعدد الاقطاب، وتعزيز علاقات روسيا في اسيا في اطار منظمة شنغهاي، التي تضم الى جانب الصين وروسيا عددا من بلدان اسيا الوسطى، فضلا عن الهند وايران ومنغوليا التي تتمتع بصفة مراقب. ومن اللافت ان ميدفيديف استبق زيارته للصين باعلانه عن قلق بلاده تجاه خطة نشر الدرع الصاروخي الاميركي، في الوقت الذي اعاد فيه الى الاذهان اقتراح بلاده حول التعاون في انشاء منظومة مشتركة مضادة للصواريخ، في نفس الوقت الذي يستعد فيه للقاء رؤساء الدول الثماني الكبار في هوكايدو باليابان في يونيو (حزيران) المقبل. على ان الزيارة، وحسب المصادر الروسية الرسمية، لا تقتصر وحسب على السياسة وبحث عدد من القضايا الدولية، ومنها مشكلة شبه الجزيرة الكورية والملف النووي الايراني وكوسوفو والشرق الاوسط، بل تتركز بدرجة اكبر على قضايا التعاون الاقتصادي وبحث قضايا صادرات روسيا من النفط والغاز واسعارهما والعمل من اجل زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، الذي يتجاوز الستين مليار دولار، الى جانب قضايا التعاون في مجالات الثقافة والعلوم والرياضة.