لبنان يترقب دعما اقتصاديا جديا من دول الخليج

TT

هدأت الاسواق المالية في بيروت على ارتفاع جاوز 15 في المائة خلال يومين بعد استنفاد العوامل النفسية الفورية التي افرزها اتفاق الدوحة. لكن موجة الانتعاش تمددت سريعاً الى قطاعات اساسية كالمصارف والعقارات والسياحة والخدمات والنقل فضلاً عن قطاع الاستهلاك. وفيما تنهمك المؤسسات والشركات بإعادة هيكلة مخططاتها لمواكبة الطفرة المتوقعة في معظم القطاعات الاقتصادية، بدأت الانظار تشخص الى طبيعة المساهمة العربية والخليجية تحديداً، الحكومية منها والخاصة، في تثمير النهوض الاقتصادي اللبناني. وبحسب معلومات استقتها «الشرق الاوسط»، من مصادر مصرفية ومالية واسعة الاطلاع، سيحصل العهد الجديد رئيساً وحكومة على دعم مالي جدي ومباشر من بعض البلدان الخليجية يتلاقى مع الدعم السياسي المعلن الهادف الى إرساء حلول متكاملة لإخراج لبنان من ازمته والمساهمة الفعالة في إعادة وضع اقتصاده على سكة النمو الايجابي. ويتوقع ان تظهر الخطوات التنفيذية للدعم المباشر بعيد تأليف الحكومة الجديدة وانطلاق اعمالها. فيما يتكرس جزء مواز من الدعم في تنفيذ الالتزامات المعقودة من جانب دول ومؤسسات عربية ودولية في مؤتمر باريس 3 والمربوطة بمشاريع قوانين إنمائية وإصلاحية يقرها المجلس النيابي وتصل مبالغها الاجمالية الى نحو 2.5 ملياري دولار. ومن المرجح ان تكون المساهمات الخليجية الحكومية على شكل ودائع مباشرة لدى البنك المركزي بينها وديعة سعودية بقيمة مليار دولار سبق لرئيس الحكومة الحالية فؤاد السنيورة ان طلبها وتلقى وعداً ايجابياً بدراستها، وودائع مماثلة، إنما بأحجام اقل من الكويت والامارات وقطر، بما يعزز الاستقرار النقدي ويساهم بخفض الفوائد على الدين العام ويعزز موقع البنك المركزي في ادارة الشأنين المصرفي والمالي.

اما الشكل الثاني للدعم فيمكن ان يتمثل بالإيعاز الى الصناديق السيادية والصناديق المالية والتمويلية بتخصيص لبنان وقطاعاته بجزء مناسب من التوظيفات والقروض المتوسطة والطويلة الاجل. وهذا ما يشجع الاستثمارات الخاصة والرساميل على سلوك اتجاه مماثل علما بأن شبكة العلاقات القائمة بين القطاعات الخاصة في لبنان ودول الخليج كفيلة بلعب دور حيوي في هذا المجال.

وفي اول ثمار الاقبال الاستثماري اعلن مصرف «فرنسبنك» عن اقفال اصداره من الاسهم التفضيلية على مبلغ 100 مليون دولار اميركي مقابل عرض اولي تراوح بين 60 و80 مليونا كان المصرف يطلبه عند بدء عملية الاصدار، فيما وصل حجم اكتتابات للمستثمرين ما يعادل 1.3 ضعف قيمة المبلغ الاساسي.

وهذه الاسهم التفضيلية من فئة A التي طرحها المصرف للاكتتاب امام المستثمرين من داخل وخارج لبنان هي غير تراكمية ويمكن تحويلها او استردادها، وهي محتسبة ضمن امواله الخاصة الاساسية، وقد لعب فرنسبنك للاعمال ـ الذراع الاستثماري لفرنسبنك، دور وكيل الاصدار لهذه الاسهم.

وصرح رئيس مجلس ادارة مجموعة «فرنسبنك» ورئيسه التنفيذي عدنان القصار ان الطلب الكثيف الذي لقيه هذا الاصدار من عموم المستثمرين جاء من قبل مستثمرين افراد ومؤسساتيين من داخل لبنان وخارجه حيث بلغت حصة اللبنانيين نحو 55% وحصة غير اللبنانيين نحو 45%.

واضاف: اسباب عديدة تجعل من هذا الاصدار متميزا، فحصولنا على قيمة اكتتاب غير متوقعة في ظل الظروف الدقيقة والحرجة التي يمر بها لبنان والتي نأمل ان يكون اتفاق الدوحة قد خلفها وراءنا الى غير رجعة، وفي ظل التطورات الدولية غير المؤاتية التي شهدتها الصناعة المصرفية والمالية الدولية، ولا سيما ازمة الرهونات المالية العقارية في الولايات المتحدة الاميركية وتداعياتها السلبية في اكثر من دولة وسوق في العالم، خير دليل على هذا. اضف الى ذلك ان العائد البالغ 8.5% سنوياً، والطلب الكثيف الذي لاقاه الاصدار عند عموم المستثمرين، يشكلان دليل ثقة جديدة بلبنان وصناعته المصرفية رغم كل الظروف المعروفة، كما يشكلان علامة فارقة بالنظر الى شروط الاكتتاب العامة وسرعة الاقفال وحجم الاصدار.