بلدة عمشيت سبقت البرلمان اللبناني .. وانتخبت ابنها قائد الجيش رئيسا

الفنان روميو لحود وصفه «بموزع الفرح على كل لبنان»

TT

عمشيت انتخبت رئيسها. هذه البلدة استبقت الاحد المقبل ولم تنتظر اعادة فتح قاعة مجلس النواب لانتخاب ابنها قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية. فبعد ستة اشهر من الفراغ، سئمت الانتظار، وها هي اليوم منهمكة بإضافة اللمسات الاخيرة الى سلسلة الاحتفالات التي باشرت اقامتها منذ اول من امس في ساحتها، «ساحة الجيش». فإلى هنا توافد الاهالي لحظة سماع خبر التوافق، رجالا ونساء واطفالا. مداخل البلدة، كساحتها وطرقها الفرعية، مزينة بالاعلام اللبنانية ومزدانة بصور الـ«العماد» حتى ان احداها ذُيِّلت بعبارة «فخامة الرئيس». عمشيت، هذه البلدة الساحلية العريقة، منهمكة اليوم في استكمال استعداداتها التي «جمّدت» قبل خمسة اشهر، لاسيما عند اغتيال مدير العمليات في الجيش اللواء فرانسوا الحاج. أهلها استعادوا ابتساماتهم ولبسوا الفرحة من جديد، رغم انهم يؤكدون ان ايمانهم بوصول سليمان الى سدة الرئاسة لم يتلاشَ يوما.الفرحة العارمة تملأ قلوبهم، يرحبون بالصحافيين يفتحون بيوتهم لاستقبالهم ليحدثوهم عن مزايا سليمان. فهو «الآدمي» و«محبّ الناس» والعصامي الذي «صنع نفسه بنفسه» والحريص على ابقاء علاقته بأهل قريته متينة عبر تأدية الواجبات الاجتماعية «رغم صعوبة الظروف الامنية التي تحيط به»، والاهم انه «موزّع الفرح على كلّ لبنان»، كما قال ابن هذه البلدة الفنان روميو لحود لـ«الشرق الاوسط» خلال الجولة التي قامت بها في عمشيت. ويضيف: «إنه الخبر الذي انتظرناه على احرّ من الجمر. كنا في حيرة وإذا بنا نتلقى الخبر السار. فالعماد سليمان معروف بشهامته ولطفه وصبره. ويده كالحديد إنما مع قفاز من المخمل. لدي ثقة عمياء به وبطريقته في ادارة الامور. فهنيئا لنا وللبنان بوصوله رئيسا لاسيما انه لم يركع ويتوسّل». وأشار الى انه «في صدد التحضير لاعداد مهرجان فني على مستوى رفيع جدا احتفاء بهذه المناسبة «.

بدورها تعرب نجاح غسطين لحود عن سرورها الكبير «لحظة الاعلان الرسمي عن التوافق على العماد سليمان رئيسا. فهذا الامر ننتظره منذ فترة طويلة. الجميع فرحون لاننا نعرف من هو. إنه شخص حكيم وعادل وقد ظهر ذلك عبر اعماله. وأعتقد ان هذا اكثر ما يحتاج اليه لبنان في هذا الظرف الدقيق». يبدي ألبير نون وهو من سكان عمشيت، فخرا باقتراب موعد انتخاب سليمان، ويقول: «أولاد المنطقة يعرفون انه بنى نفسه بنفسه. كما ان اعماله منذ ان دخل المؤسسة العسكرية خير برهان على نظافة كفّه. متأكدون أنه رجل في مستوى المسؤولية فهذا ما لمسناه خصوصا حين تمكن من التوفيق بين فريقي 8 و14 آذار، لكننا نأمل في أن يتعاون معه الطاقم السياسي لكي ينجح في عهده. فهو رجل المرحلة». سلطانة نور ككثيرات غيرها من سيدات البلدة تكتفي بابتسامة، والتعليق: «شهادتي مجروحة... نتضرع الى الله ليكون في عونه». فرحة الاهالي بوصول سليمان الى الرئاسة توازيها تطلعاتهم لتنمية بلاد جبيل وكسروان. في هذا الاطار، يقول روبير نون: «منطقتنا محرومة من أدنى مقومات التنمية. الطرق شقّت من ايام الانتداب الفرنسي ولا تزال على حالها، وهناك قرى لم يصل الاسفلت اليها ولا تزال طرقها وعرة رغم انها منطقة تزخر بالآثار والمواقع السياحية». ويأمل روميو لحود في ان يعمل سليمان على «تحسين وضع المنازل الاثرية في البلدة. والاعتناء بالنواحي الثقافية والفنية فيها فهذه المنطقة محرومة منذ أكثر من 60 عاما». في مبنى «ذاكرة عمشيت» التابع لدار البلدية يتجمّع أعضاء المجلس البلدي يتوزّعون المهمات، وجميعهم منهمكون في إضافة اللمسات الاخيرة الى الاحتفال الكبير الذي سيقام الاحد المقبل.

في هذا الاطار تحدث عضو المجلس البلدي يوسف لحود، فقال: «الاحتفالات الشعبية انطلقت لحظة اعلان التوافق. ولكن الاحتفال الكبير سيقام الاحد في الساحة حيث سيتوافد الاهالي من 82 قرية. وستجول فرق الزفة والسيف والترس في البلدة، مرورا بمنزل العماد سليمان. كما اننا في صدد مراجعة ما يتقدّم به شعراء المنطقة من قصائد، لانتقاء مجموعة منها لاذاعتها. كذلك سجّلنا خمس اغانٍ». وعن التكاليف، قال: «تكفّلت البلدية بجزء وتولى جزء آخر متمولون من البلدة... وقد بلغت الكلفة الاجمالية نحو 100 ألف دولار». رئيس البلدية أنطوان عيسى تحدث عن التحضيرات، فقال: «فرحتنا كبيرة ان يكون ابن عمشيت رئيسا توافقيا لبنانيا وعربيا ودوليا. لبنان في حاجة الى رجل مثله لانه مميز. نأمل في ان يوطّد الوفاق ويثبت صيغة التعايش وفي ان يفتتح عهدا ينظّم فيه دولة المؤسسات والقانون وإنماء كل لبنان ليستعيد موقعه السياحي الرائد في هذا الشرق. كذلك نتمنى ان يتطلّع الى منطقة جبيل المحرومة لينفّذ مشاريع انمائية هي في اشد الحاجة اليها». صحيح ان البلدة محرومة من البنى التحتية لكن تاريخها الذي ينضح عزا، يمكن تلمّسه عبر العمران وهندسة البيوت المميزة. فالتنافس بين ابناء البلدة انعكس ايجابا عليها لانهم وبفعل الثروة التي جمعوها من التجارة أخذوا يتبارون في بناء «الحارة» الاجمل، فنقلوا من الخارج أمورا مختلفة، اضافة الى القرميد والقناطر، هناك الشرفات وبرك المياه والرسوم على السقوف وغيرها. وهذا ما دفع الاستاذ المحاضر في الجامعة اللبنانية ـ الاميركية المهندس طوني لحود الى اعتبار بلدته «مختبرا» يقصده برفقة طلابه ليعرفهم الى نماذج مختلفة من الانماط الهندسية فيفهمون اكثر مادته: هوية العمارة اللبنانية. ويقول لـ«الشرق الاوسط» وهو الذي رمّم منزل العماد سليمان ان هذا القائد «يدرك اهمية القيمة العمرانية فحين أجرينا بعض التعديلات الصغيرة لاقفال شرفة صغيرة جدا لا تتعدى 3 امتار، لم يقبل بذلك الا بعدما اعدنا رسم الخرائط كلّها وحصلنا على رخصة جديدة».