جبل لبنان حظي بحصة الأسد في صنع الرؤساء.. والجنوب وبيروت حرما النعمة

TT

لم تنعم المناطق اللبنانية منذ الاستقلال في عام 1943 بالتساوي في «إنتاج» رؤساء الجمهورية، بل كانت هناك مناطق محظوظة أكثر من غيرها، ومناطق أخرى «محرومة» من نعمة المنصب الأول في الدولة.

وفي استعراض لرؤساء الجمهورية الاثني عشر الذين مروا على لبنان، من ضمنهم الرئيس الذي ينتخب اليوم، يتبين أن منطقة المتن الشمالي كانت الأغنى بالرؤساء (بشير الجميل وأمين الجميل من بلدة بكفيا الجبلية، وأميل لحود من بلدة بعبدات الجبلية أيضا)، تليها منطقة المتن الجنوبي التي قدمت رئيسين هما شارل حلو (من بلدة بعبدا الواقعة على كتف العاصمة اللبنانية) والياس سركيس (من بلدة الشبانية الجبلية)، والشمال الذي قدم رئيسين كذلك هما سليمان فرنجية ورينيه معوض (وكلاهما من بلدة زغرتا القريبة من مدينة طرابلس). في حين قدمت منطقة عاليه رئيساً واحداً (بشارة الخوري من بلدة رشميا الجبلية) ومنطقة الشوف رئيساً واحداً هو كميل شمعون (من بلدة دير القمر الجبلية)، ومنطقة كسروان رئيساً واحداً هو فؤاد شهاب (من بلدة غزير الجبلية)، ورئيساً واحداً من منطقة البقاع الأوسط هو الياس الهراوي (من مدينة زحلة)، ورئيساً واحداً من منطقة جبيل هو الرئيس العتيد ميشال سليمان (من بلدة عمشيت الساحلية، علما أن رئيساً آخر من المنطقة كان قد سبقه إلى الرئاسة قبل الاستقلال هو زعيم «الكتلة الوطنية» إميل اده، والد عميد الحزب الراحل ريمون اده).

اما المناطق التي حرمت من نعمة الرئاسة، فهي منطقة بعلبك ـ الهرمل ومنطقة البقاع الغربي ومنطقة الجنوب.

وبحسب المحافظات، تكون محافظة جبل لبنان قد حظيت بحصة الأسد (9 رؤساء)، تليها محافظة الشمال (رئيسان)، ومحافظة البقاع (رئيس واحد)، وبقيت محافظتا الجنوب وبيروت محرومتين من رئاسة الجمهورية.

وبما أن عصر ما قبل الاستقلال والانتداب كان يركز على ربط الجبل ببعضه، على اعتبار أن بيروت ولاية مستقلة عن الجبل، فان عهود الاستقلال انصرفت إلى ربط العاصمة بمناطق الجبل. فحرص جميع رؤساء الجمهورية تقريباً على إقامة اوتوسترادات تربط بيروت بمناطقهم، فالرئيس إميل لحود مثلا أنشأ الاوتوستراد السريع الذي يربط شرق العاصمة بمسقط رأسه (بعبدات) بكلفة فاقت المليار دولار، بحسب قول نائب المتن ميشال المر. والرئيس الياس الهراوي أنشأ اوتوستراد زحلة المحاذي للطريق القديمة التي تصل زحلة ببعلبك في البقاع الشمالي. والرئيس امين الجميل أنشأ اوتوستراد بكفيا (مسقط رأسه)، والرئيس سليمان فرنجية أنشأ اوتوستراد الكورة ـ زغرتا ـ أهدن من دون الدخول إلى طرابلس، والرئيس فؤاد شهاب انشأ اوتوستراد الزوق ـ فاريا من جملة إنجازاته الجمة في الميدان الإنمائي والتطويري، والرئيس كميل شمعون أنشأ البولفار الذي يحمل اسمه في بلدة الحدث في منطقة بعبدا (وكانت هذه البلدة مقر سكنه لفترة طويلة) في حين اغفل إنشاء اوتوستراد يربط ساحل الشوف بجبله، حيث مسقط رأسه. أما الاوتوستراد الذي يمتد حالياً من الدامور الى بيت الدين في المنطقة فقد تبنى توسيعه النائب وليد جنبلاط عندما كان وزيراً للاشغال العامة.

يبقى هناك رئيسان لم يتح لهما إنجاز شيء، لأنهما اغتيلا قبل ان يتسلما مهماتهما الرئاسية وهما بشير الجميل ورينيه معوض.