كابل: منع مسلسلات «بوليوود» يصيب الأفغان بالإحباط

جدل حول الغزو الثقافي وقبضة الإسلاميين داخل البرلمان

TT

على مدى خمس ليال في الأسبوع، يضع الملايين من الأفغان أطباق العشاء جانبا، ويحثون الأطفال على التزام الصمت، لينعموا بمشاهدة مسلسلات هندية تناقش قضايا مجتمعية يومية يقدمها نجوم سينمائيون، حيث يرتدي الممثلون ملابس فخمة ويتزينون بالحلي وتدور الأحداث في أماكن تنم عن مستوى عال من الثراء. ويرى المدافعون عن هذه المسلسلات أن لا ضرر في هذا النوع من الدراما، فهي تنسي المشاهدين صعوبات الحياة التي يعانون منها في هذا البلد الذي أتت عليه الحروب والتي أصبحت فيها التفجيرات الانتحارية أمرا مألوفا. ولكن، بالنسبة للمعارضين، بين الحكومة ورجال الدين المسلمين، فإن هذه المسلسلات تمثل غزوا لمعتقدات وتقاليد غربية، خاصة وأنها تتطرق إلى بعض القضايا الحساسة مثل الطلاق والإلحاد. وقد أصدرت وزارة الإعلام والثقافة الأفغانية حظرا على هذه المسلسلات الشهر الماضي، واتهمت الحكومة إحدى القنوات التلفزيونية بتعريض الأمن القومي للخطر. يقول سعد محسني، وهو شريك في قناة «تولو» التلفزيونية التي مازالت تعرض بعض المسلسلات الهندية المشهورة: «هذه اتهامات خطيرة تعرض من يدان بها للسجن. يحاولون تعقبنا بكل وسيلة ومن كل اتجاه. والأشياء التي يعارضونها في المسلسلات التي نعرضها تحدث كل يوم في مجتمعنا». ولكن، يتعامل رئيس الحكومة حميد كرزاي بحساسية شديدة تجاه كل ما يمكن أن يثير العواطف الدينية في هذا المجتمع المحافظ. ويقول عناية الله بالغ، وهو عضو بمجلس ديني بارز في أفغانستان: «شعبنا لا يعارض التنمية، ولكن لا يجب ان تبعد هذه الأشياء أطفالنا عن طريق الإسلام».

ويقول بابراك يوسوفزاي، وهو طالب يبلغ من العمر 19 عاما ويرتدي الجينز: «هذه المسلسلات لها تأثير سيئ على تقاليدنا، فالأطفال يتعلمون الاحتفالات الهندية بدلا من تلك الخاصة بالمسلمين». ويضيف عليم جمالي، وهو طالب يبلغ من العمر 27 عاما، أن هذه المسلسلات مثل «الأفيون»، حيث يدمنها الناس وتشتتهم عن النشاطات التي يمكن أن تساهم في بناء البلاد. ويؤكد جمالي أن كل الشعب الأفغاني يريد أن يتعلم وأن يحصل على حقوقه، ولكن «كل هذا يجب أن يكون في إطار الإسلام».

وبالنسبة للمجموعات الأصولية التي تنتهج العنف، مثل طالبان، يمثل التلفزيون تعديا على الدين وتهديدا سياسيا؛ ففي الشهر الماضي، اقتحم بعض المسلحين وعلى وجوههم أقنعة، أحد المساجد في إقليم لوجار وحذروا الناس من مشاهدة التلفزيون. وهجم بعض المقنعين على إحدى المذيعات بشفرات في محافظة هرات. ويشهد البرلمان مواقف متناقضة تجاه هذه القضية، ولكن تأثير الليبراليين داخل البرلمان أقل بكثير من تأثير المحافظين الإسلاميين الذين قدموا تشريعا مشابها تقريبا للقوانين التي كان معمولا بها أيام حكم طالبان، حيث يحرم التشريع المقترح مساحيق التجميل للنساء والرقص المختلط في حفلات الزفاف.