رئيس اللجنة الإسرائيلية للسلام مع سورية لـ«الشرق الأوسط» : الأسد وأولمرت لديهما دوافع سياسية استراتيجية عميقة للسلام

لئيل «سورية تعلم أن إسرائيل تطالبها بوقف دعمها لحزب الله وحماس مثلما توقفت عن دعم المعارضة الكردية» بتركيا

ألون لئيل
TT

أكد رئيس اللجنة الاسرائيلية للسلام مع سورية، د. ألون لئيل، الذي كان قد بدأ المفاوضات غير الرسمية قبل أربع سنوات، ان نيات دمشق وتل أبيب صادقة في التوجه نحو السلام بين البلدين، لأن لدى كل من الرئيس بشار الأسد ورئيس الوزراء ايهود أولمرت، دوافع سياسية استراتيجية عميقة، وهما يؤمنان بأن المصلحة العليا لبلديهما تحتم احداث انعطاف كبير وتاريخي في العلاقات بين البلدين.

وقال لئيل، في حديث خاص بـ«الشرق الأوسط»، ان الدوافع الشخصية، والمصاعب الداخلية، التي يكثر الحديث عنها في البلدين، وكأنها السبب الحقيقي وراء هذه المفاوضات، ليست صحيحة. فالرئيس الأسد يسعى منذ أربع سنوات للتفاوض مع اسرائيل، لكنه وجد صدا في اسرائيل. وفقط قبل سنة ونيف، اقتنع أولمرت بالمصلحة في هذا السلام. فتوجه بمبادرته الى رئيس الوزراء التركي، رجب طيب اردوغان طالبا وساطته، فتحمس الأتراك لذلك وبدأوا العمل.

وكان لئيل قد أجرى اللقاءات الأولى مع السوريين، بعلم وزارة الخارجية الاسرائيلية، قبل أربع سنوات ولكن بوساطة النرويج. وقد قدم تقارير دائمة للحكومة الاسرائيلية عنها. وكشف لنا انه يعرف بشكل شخصي المفاوضين السوريين الذين قادوا الوفد السوري الى المحادثات مع المسؤولين الاسرائيليين عن طريق الأتراك في اسطنبول، وأبرزهم: د. رياض داوودي، الخبير في القانون الدولي، ود. سمير تقي، طبيب أمراض القلب الذي أصبح مديرا لمعهد الدراسات في دمشق، وانهما كانا قد أرسلا الى المحادثات السابقة معه حول السلام مع سورية وانه، أي لئيل، التقاهما شخصيا وجلس معهما في محادثات مباشرة، أفضت الى الاتفاق حول 85% من القضايا.

وقال لئيل انه من معرفته بالرجلين، داوودي وتقي، توصل الى القناعة بأن الرئيس الأسد جاد في المفاوضات، وانه أرسلهما الى المفاوضات باسمه لأنهما من أمناء أسراره والمقربين اليه وهما يوازيان مستوى الوفد الاسرائيلي، الذي قاده مدير طاقم العاملين في مكتب أولمرت، يورام طوبوبتش، ومستشار أولمرت السياسي، شالوم تورجمان. وسألنا لئيل، الذي أشغل منصب المدير العام لوزارة الخارجية الاسرائيلية في فترة حكم ايهود باراك (1999 ـ 2001)، كيف يمكن ان يكون التوجه الاسرائيلي جديا للسلام مع سورية وهي التي تستفز سورية وأكثرية الاسرائيليين يعبرون في استطلاعات الرأي عن رفضهم الانسحاب الكامل من هضبة الجولان السورية حتى مقابل السلام فأجاب:

«أنت تعرف كم نحن الاسرائيليين نحب الجولان؟ انه كما تعرف منطقة جميلة ساحرة. الاسرائيليون يحبونه ويمضون أوقات طويلة في متنزهاته ومرافقه السياحية خلال العطل المدرسية والعطل بشكل عام، ولذلك عندما تقول لهم «السلام مقابل الأرض» أو «انسحاب من الجولان مقابل السلام والتطبيع»، لم يعودوا يتأثرون».

* لماذا لا يتأثرون. فنحن نتحدث عن سلام؟

ـ انهم يرون السلام مع مصر، التي تربطنا بها علاقات تطبيع رسمية، فلا يجدون فرقا بين السلام والحرب. والأمر ينطبق حتى على السلام مع الأردن، حيث سجلت عدة خروقات أردنية. والشعب في مصر والأردن لا يمارسان السلام الفعلي مع اسرائيل.

* إذن ما الذي يقنع الاسرائيليين بالسلام مع سورية، سألناه؟

ـ ينبغي البحث عن أمور أخرى أهم من الأرض مثل الأمن ومثل تغيير العلاقات مع ايران (وأؤكد تغيير العلاقات وليس قطع العلاقات، لأننا كاسرائيليين ينبغى ان نكون حذرين في طلباتنا. فالعلاقات مع ايران بالنسبة لسورية استراتيجية ولن تقطع بمبادرة من سورية) وتغيير العلاقات السورية مع حزب الله وحماس.

* ألا تعتبر هذا الطلب تدخلا في الشؤون الداخلية؟

ـ نحن نتحدث عن المنطق، لا بل دعني أكون صريحا أكثر. هل يمكن لاسرائيل أن تقبل سلاما مع سورية، بينما هي تساند أعداء اسرائيل وتقويهم استعدادا للحرب القادمة؟ أنا أعتقد بأن سورية، عندما تخلت عن إقليم الاسكندرونة لتركيا، وتعهدت بفتح صفحة جديدة في العلاقات وتخلت عن علاقات الدعم للأكراد (حزب العمال الكردستاني)، فعلت ذلك ليس من باب التنازل المجرد، ولا حبا في عداء الأكراد، بل لأنها طلبت برؤية المصلحة العامة في السلام والأمن هربا من الحرب وكوارثها. لهذا، فإذا جئت للمواطن الاسرائيلي وقلت له: انسحاب من الجولان مقابل السلام مع سورية، لن تجد من يؤيدك. ولكن إذا قلت للاسرائيلي ان الانسحاب من الجولان سيكون في اطار اتفاقيات وتفاهمات واضعاف صف أعداء اسرائيل واخراج سورية من محور الشر، كلها مقنعة، وسترى عندئذ ان الاسرائيليين سيغيرون نظرتهم للموضوع. وحول تحقيقات أولمرت، قال لئيل: «كل هذا الغبار ينبغي تبديده من حولنا ونحن نتابع الأمور، لكي تنجلي الصورة الدقيقة لها. فأولمرت قرر التفاوض قبل سنة من فتح التحقيقات. وأنا أذكر انه عندما رفعنا تقريرنا حول جدية المفاوضات في شهر يناير (كانون الثاني) سنة 2007، توجه أولمرت الى أردوغان طالبا وساطته. فالمسألة قد تفيد أولمرت شخصيا في تحقيقاته، ولكنه لم يطلقها اليوم خصيصا لكي يغطي على تحقيقاته. وأحب ان تعرف انه في حالة كان أولمرت غارقا في الشبهات، فإنه سينال عقابا شديدا، أشد من عقوبات يتلقاها المواطنون العاديون، سيضطر الى الاستقالة، وكل رئيس حكومة يأتي بعده من معسكره أو من حزب العمل سيكمل طريقه، وفقط رئيس الليكود سيتنكر للاتفاقات مع سورية». وكشف لئيل انه كان قد أشرك بعض القادة الفلسطينيين في الحوار مع سورية، ليستشف مواقفهم من هذه المفاوضات، فوجد انهم يؤيدونها ويقولون ان الفلسطينيين لا يرون فيها تأثيرا سلبيا على مسارهم.