«أم الربيعين» تعيد إلى الموصل شيئا من الهدوء.. لكن الخوف يبقى من ألا يدوم

عائلة تروي لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل حياتها اليومية

TT

لا تختلف العائلة الموصلية في طبيعة حياتها عن باقي العوائل العراقية، فاحتياجها الى الشعور بالأمن ورغبتها الملحة في الحصول على الخدمات يتصدران اهتماماتها لتأتي بعدها الاهتمامات الشخصية.

حسن زامل (ابو نور)، (42 عاما)، موظف حكومي يتجه صباح كل يوم الى مقر عمله مستقلا السيارة، يحلم بأن يأتي اليوم الذي يذهب الى مكان عمله من دون أن يحشر في طابور السيارات المنتظرة عن أحد حواجز التفتيش، او ان الطريق مغلق لوجود حدث أمني، وقبلها يحب أن يشعر بالأمان على عائلته التي تركها في المنزل، فهو يخشى من انفجار سيارة مفخخة قرب منزله قد يكون لحق الأذى بأحد أفراد العائلة، أو حادث عنف في الشارع.

يقول ابو نور «هل أصبح حلما لنا نحن الموصليين بأن نشعر بالأمان، حيث لا أمان في البيت ولا في الشارع». ويوضح انه يخشى على نفسه ايضا أن تطوله ماكنة العنف الدائرة عجلتها في المدينة منذ خمس سنوات وهي في تصاعد كل يوم. لكنه يبدي ارتياحا لما يجري في المدينة من عملية عسكرية الهدف منها ملاحقة تنظيم القاعدة، ويضيف «عسى ان تحقق لنا هذه العملية الأمن، وان تعيد لنا بهجة المدينة وان أقود السيارة او أتجول سيرا على الأقدام في ساعات متأخرة من الليل».

يعود أبو نور بعد الظهر الى المنزل بعد انتهاء الدوام، وكالمعتاد كباقي العراقيين إذا وجد الكهرباء في المنزل فان اول شيء يبحث عنه في القنوات الاخبارية عن آخر المستجدات الأمنية والسياسية في محافظة نينوى وباقي العراق. ويقول ان الزيارات العائلية تقلصت بسبب حظر التجوال قد يتبادل أطرف الحديث مع جاره لدى ذهابهم للمسجد لأداء صلاة المغرب وبعد الخروج منها، اما العشاء فالعودة الى المنزل بسرعة، ويعود ليتابع أمور منزله او يجلس أمام التلفاز أو قرب ابنته التي يشاركها التصفح على شبكة الإنترنت.

تقول نور الطالبة في كلية الهندسة المدنية جامعة الموصل، «أبي يخشى علينا كثيرا من الوضع الأمني ويوصينا دائما بأن نكون حذرين، خاصة بعد القصص التي نسمعها لأشخاص فقدوا حياتهم او أصيبوا جراء العنف في الموصل». نور تنتظر أداء الامتحانات النهائية التي ستجري بداية الشهر المقبل، وتتمنى ان يعم الأمن في المدينة حتى ذلك الوقت حتى لا يؤثر على نفسيتها في المذاكرة وأداء الامتحان. ولنور العديد من الصديقات، لكنها لا تتواصل معهم خارج نطاق الحرم الجامعي لأسباب أمنية. وتضيف «لدي رغبة بالخروج مع عائلتي الى الكازينوهات والمتنزهات المقامة عل ضفاف نهر دجلة وان نقضي ساعات طوال في الليل وهذا ما كنا نفعله سابقا، أتمنى أن أحضر عيد ميلاد او حفل زفاف إحدى صديقاتي». إذ يمانع أغلب الاهالي في الموصل من حضور ابنائهم مناسبات أصدقائهم خارج منطقة السكن خشية تعرضهم الى ما لا يحمد عقباه.

اما صديق، شقيق نور، الذي تخرج من كلية التربية من سنتين فانه يعمل في أحد محلات الاستنساخ أمام مبنى جامعة الموصل بانتظار فرصة التعيين في احدى دوائر الدولة. ويقول «أتقاضى راتبا شهريا قدره 150 $ وهو قليل مقارنة بما يتقاضاه الموظف الحكومي كذلك قليل مقارنة بارتفاع الاسعار»، ويوضح انه قدم عدة معاملات تعيين لكن الرد لم يصل اليه بعد. ويعود الى منزله عصرا، حيث تغلق اغلب المحال أبوابها في هذا الوقت لاقتراب فترة حظر التجوال.

راجحة، أم نور وصديق، حاصلة على شهادة البكالوريوس في العلوم وكانت موظفة حكومية، غير أنها استقالت من الوظيفة في عقد التسعينات بسبب تدني أجور الموظف الحكومي، الآن هي ربة بيت.

تجلس أم صديق صباح كل يوم لإعداد وجبة الافطار للعائلة قبل ان يتوجهوا الى الدوام، وبعد ذهاب الجميع تنصرف الى أعمال المنزل من ترتيب وتنظيف وإعداد وجبة الغداء، وقد تجد لها فرصة لعمل بعض المعجنات بعد الظهر. تقول ام صديق «بعد خروجهم من المنزل ادعوا الله ان يحفظهم وان يبعد عنهم كل سوء وان يحفظهم، وأبقى قلقة عليهم حتى يعودوا». وتضيف انها تتمنى لو انهم يهاجرون خارج العراق حتى تشعر بالأمان. وتشير راجحة الى انه منذ بدء العمليات الأخيرة في الموصل بدأ الخوف ينحسر بسبب تحسن الوضع الأمني في المدينة، غير انها طالبت بأن تكون هناك اجراءات لاستمرار هذا التحسن الأمني.

وتتمنى ايضا ان تعود لوظيفتها بعد تحسن الرواتب لمساعدة زوجها في امور الحياة، وتوفير مصدر آخر لدخل العائلة المالي.