السودان: شريكا الحكم يناقشان في تكتم مقترحات لنزع فتيل «أبيي»

قيادي في الحركة يلوح بالرد على حزب البشير بشأن الأحدث في المنطقة الغنية بالنفط

سكان أبيي ينزحون من المدينة بعد اعمال العنف التي شهدتها المنطقة الغنية بالنفط (رويترز)
TT

قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» ان شريكي حكومة الوحدة الوطنية في السودان: حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان شرعا في تكتم شديد في مناقشة مقترحات لنزع فتيل الأزمة المتفاقمة بينهما في منطقة «ابيي» الغنية بالنفط، مقدمة من الحركة الشعبية، ووصل الخرطوم قادما من عاصمة الجنوب جوبا خصيصا لذلك نائب رئيس الحركة الشعبية الدكتور رياك مشار.

وذكرت المصادر ان مشار الذي وصل الى الخرطوم اول من امس دخل أمس في اجتماعات متواصلة مع قيادات نافذة بالمؤتمر الوطني وبحث معهم إمكانية تهدئة الأوضاع بأبيي بجانب عودة الأهالي الذين فروا من المنطقة، وأضاف المصدر أن اجتماعاً مشتركاً يضم طرفي نيفاشا سيلتئم في الساعات المقبلة لوضح حد لمعاناة أهالي أبيي. وكانت أبيي قد شهدت الاسبوع الماضي اشتباكات بين القوات الحكومية وقوات تتبع للحركة الشعبية، أسفرت عن حرق اغلب المدينة وتشريد أكثر من 70 ألفا من سكانها.

إلى ذلك، لوح القيادي في الحركة الشعبية دينق الور بان الحركة سترد بحسم على حزب المؤتمر الوطني فيما يتعلق بأحداث أبيي الأخيرة، ووصف الور في تصريحات اطلقها في جوبا شريكه حزب المؤتمر الوطني بأنه يقول ولا يفعل ويطلق وعوداً من أجل كسب الوقت والاستهلاك السياسي، وقال ان المؤتمر الوطني واهم اذا ما ظن ان الحركة الشعبية غير قادرة على الرد.

واعتبر الور أن بقاء اللواء 31 التابع للجيش الحكومي بمدينة أبيي بمثابة إعلان حرب، قبل ان يشدد ان الحركة الشعبية لن تقف مكتوفة الايدي وستتخذ القرار الصائب في القريب العاجل عقب دراسة الأوضاع. واتهم الور قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والموجودة بأبيي بأنها فشلت في حماية المواطنين. ودعا المسؤول في الحركة الشعبية القوى السياسية إلى تشكيل جبهة ضغط موحدة على المؤتمر الوطني من أجل تطبيق بروتوكول أبيي بدلاً عن البكاء على اللبن المسكوب على حد قوله.

من ناحية اخرى، قال رئيس حزب الأمة المعارض الصادق المهدي ان حزبه سيخوض الانتخابات المقبلة بشعار «لم نسفك دماء ولم نأكل مالا»، وقال ان حزب الأمة يمثل مسمار النصف فيما أسماه «سودان سنار وسودان الفاشر»، وأضاف: «نحن جسر للتواصل من أم دافوق حتى الرصيرص». واعتبر المهدي في حديث له في مدينة بورتسوان بشرق البلاد، التي يزورها الآن أن حزبه الرابط بين القطاع التقليدي والحديث، وكشف عزمه عن تبني توصية في المؤتمر العام المقبل للحزب لإشراك القوى السياسية في السلطة إذا فاز الحزب بالأغلبية في الانتخابات المقبلة.

ونفى المهدي مجددا ان يكون اتفاق «التراضي الوطني» الذي وقعه الاسبوع الماضي مع حزب المؤتمر الوطني يؤسس للمشاركة في السلطة إنما للتوافق والتواضع على ثوابت الأمة السودانية، وقال: إن كان غيرنا من القوى السياسية بعد التوقيع مع المؤتمر الوطني ينال موقع المساعد أو المساعدين، المستشار أو المستشارين، الوزير أو الوزيرين، وكنا في الأمة القومي لا ننتظر مواقع سلطة، ولن نشارك فيها إلا عبر الحالتين اللتين أعلنّا عنهما كثيرا، والمتمثلتين في المشاركة عبر حكومة قومية أو عبر نتائج الانتخابات الحرة النزيهة، وأضاف: «ناس المؤتمر الوطني دايرين التمديد والحركة دايرة السودان الجديد ونحن في الأمة نطرح فكرة وخيار السودان العريض الذي يستوعب التحالفات السياسية المؤمنة بالتراضي الوطني». ومن جهة اخرى، صرح لرويترز الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة اشرف قاضي الذي زار مدينة ابيي في آلية مدرعة بحماية كتيبة من الجنود الزامبيين الدوليين لصحافيين «ذهبنا الى وسط مدينة ابيي. لم يبق شيء. احترق كل شيء. انها مأساة انسانية. يجب الا يتكرر ذلك ابدا».

ولم تعرف بعد حصيلة الخسائر البشرية لتلك المواجهات، لكن مشاهد الخراب في وسط المدينة تدل على ضراوة المعركة التي دارت هناك. وقبل اسبوعين فقط كان يسكن المدينة 30 الف نسمة في اكواخ من الطين من حول سوق مكتظة.

ومن السوق لم يتبق سوى بعض الجدران المحترقة بينما ما زالت اعمدة الدخان ترتفع من حرائق متواصلة. وباتت اطلال تلك المدينة المهجورة عرضة للنهب.

واعلنت السلطات السودانية مقتل 22 جنديا وجرح 45 في معارك الثلاثاء الماضي فقط. واكد اطباء من مستشفى اغوك البلدة التي تقع جنوب ابيي حيث تتركز جهود المنظمات الانسانية، انهم عالجوا 135 جريحا ينتمي 134 منهم الى الجيش الشعبي لتحرير السودان (المتمردون سابقا). واعلن جيسون ماتوس منسق الامم المتحدة في ابيي ان عدد النازحين قد يصل الى تسعين الفا.

واعلن قاضي «هذا ما نركز عليه. نريد التأكد من عدم تدهور الوضع وعدم التسبب في مشكلة اكبر» مقرا «بخطر» تفاقم الوضع. وقال قاضي ان «اعمال العنف قد تمتد بسهولة الى مناطق اخرى وتهدد اتفاق السلام برمته» مضيفا «اننا نعمل مع الطرفين لتجاوز هذه الازمة».

وقالت مام ثوك، الارملة التي لديها عشرة اطفال في اغوك، «اذا بقينا نحن (الجنوبيون) خارج ابيي وهم (الشماليون) داخلها فالمعارك ستندلع». وقتل زوجها في اعمال العنف الاخيرة بعد ان نزحت عائلتها خلال الحرب الاهلية وعادت الى دارها. واضافت «كنا نريد العودة .. فعدنا، لكن بعد ستة اشهر انظر ما جرى».