خبراء: «القاعدة» في اليمن تعيد تنظيم صفوفها بعد ضربات محكمة وجهت إليها

قالوا إن بؤر النزاع في المنطقة العربية تغذي التطرف الأصولي

TT

تباينت الرؤى حول الوضع الراهن لتنظيم «القاعدة» في اليمن، ما إذا كان قد تراجع أم أنه بصدد وضع رؤى جديدة في منهج العنف والمواجهة الذي صار عليه منذ أكثر من عقد من الزمن، فالدكتور فؤاد الصلاحي استاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء يقدم رؤيته في هذا الأمر قائلا: انا لا اعتقد أن تنظيم «القاعدة» اختفى أو تراجع، بل العكس فقد أصبح الان تنظيما يتميز بنضوج تنظيمه الهيكلي وبجماعاته المتعددة والمتنوعة، وباستفادته من ثورة المعلومات واتصالات الانترنت في التواصل بين أعضائه، فلديه خبرة كبيرة في التواصل والعمل والتمويل وفي امتلاك التقنية. واضاف، تنظيم «القاعدة» يعيد تنظيم صفوفها في اليمن ودول الخليج والمنطقة العربية كلها، فالضربات التي وجهت إليه في اليمن والسعودية في السنوات الاخيرة جعلته يعيد تنظيماته على شكل مجموعات عنقودية صغيرة، حتى لا يتعرض لضربات تفقده الكثير من أعضائه. ويمضي الدكتور الصلاحي في كلامه لـ«الشرق الاوسط» محللا وضع «القاعدة» وفق تصوره قائلا: إنه لا يتصور إن بعض الأنظمة العربية تستفيد من وجود هذا التنظيم داخل مجتمعاتها عن طريق استخدام التكتيك السياسي ضد مشروعات سياسية أخرى، وفي الاساس تنظيم «القاعدة» نشأ من تحالف مجموعات كانت الأنظمة على علم بها أثناء الحرب الافغانية ضد الاتحاد السوفياتي، وعند عودة الأفغان العرب إلى البلدان العربية تحالف كثير من الدول العربية مع بعض الأفغان العرب واستفاد منهم ولكن عندما بدأوا يوجهون أسلحتهم ضد الانظمة العربية وتناقضت الاهداف اصبحت هذه الانظمة في حالة قلق من هذا التنظيم. وقال الدكتور فؤاد الصلاحي، إنه يتوقع أن تكون ضربات «القاعدة» كثيرة في المرحلة القادمة، لان الأجندة الاميركية ستفرض على الانظمة العربية مطالب خطيرة ومهمة تتعلق بالقضايا السياسية والاقتصادية، وبتعقب هؤلاء الأفراد في اطار الحملة الدولية التي تقودها أميركا، ستبرز تكتيكات أخرى لـ«القاعدة»، وستكون مصحوبة بتفسيرات دينية، بتكفير الكثير من السياسيين والمثقفين حتى يوسعوا من «القاعدة» داخل المجتمعات التي يرون انها تتقبل بعض تبريراتهم الدينية. ويوضح الصلاحي إن «القاعدة» لن تختفي في اليمن أو غيره من البلدان، واستدل على ذلك في أن ما يحدث في السعودية من اعادة تنظيم مستمر للتنظيم، رغم ما حققته الدولة من نجاحات ضده، لكنها تكتشف مجموعات أخرى. وفي مصر بين الحين والاخر يفاجأون بضربات تستهدف السياحة، ثم إن الامر الأهم الان ما حدث في لبنان قبل عدة أيام بتداعي تنظيم «القاعدة» في اطاره السني في المجموعات العربية كلها بالانتقال إلى لبنان، بمعنى ان أي بؤرة عنيفة تقودها أميركا تشكل منطقة جذب لهذا التنظيم واعادة احياء لمجاميعه، لان بؤر النزاع في المنطقة العربية من السودان إلى لبنان إلى العراق إلى اليمن تعيد تغذية هذا التنظيم لكي يعيد تنظيم قواعده وفق رؤى وتكتيكات جديدة. ويشير الصلاحي الى ما يعتقد أنه تراجع لـ«القاعدة» هو تراجع تكتيكي بتركيزه على مناطق معينة، فلا يريد أن يوسع عملياته لكنه يعتمد على عمليات مكثفة في مكان واحد، ثم ينتقل إلى مكان اخر رغم أنه موجود في كل الدول، وهنا تأتي اهمية الظرف الموضوعي المرتبط بالعنف الاسرائيلي ضد الفلسطينيين وما تقوم به اميركا في العراق هذا الظرف يشكل مناخا خصبا له ولن ينتهي تنظيم «القاعدة» في الوقت القريب حتى ان تحولت كل الدول العربية إلى دول ديمقراطية، لوجود بؤر نزاع عنيفة، ثم إن أي بؤر للنزاع بين الحكام والمعارضة داخل المجتمع يشكل منطقة جذب له.

وقال ان التنظيم مرن ولديه تكتيك متعدد الخطوات، حتى لا يتم ضربه مرة واحدة فهو لا يدفع بقوته كاملة حتى لا تكون الحملة الرسمية عليه قوية.

ويخلص عالم الاجتماع الدكتور الصلاحي إلى دعوة الأنظمة العربية ليس فقط من اجل العمل المشترك في الجانبين العسكري والأمني، وإنما إلى تجفيف المنابع الفكرية والعقائدية لتنظيم «القاعدة» في الداخل عن طريق الاستفادة من المثقفين المستنيرين في المجال الديمقراطي والمجال الديني وحول تداعيات الحرب بين الحكومة اليمنية والحوثيين ازاء تنظيم «القاعدة» قال الدكتور الصلاحي إن هذه الحرب لم تحدث في اطار مذهبي، إلى جانب أن السنة في اليمن لم يعلنوا ان الحرب حرب مذهبية، ولم تعلن الدولة مثل ذلك لكن أن تحدث بؤر نزاع مثل هذه الحرب من الممكن ان تنشئ مجموعة تستفيد من «القاعدة»، أي الصراع بين الدولة ومجموعات محلية، والمجموعات المحلية قد تستفيد من أي احد يساعدها. وبالمقابل فالباحث اليمني في شؤون الجماعات الاسلامية سعيد ثابت يأتي برؤية حيال تراجع تنظيم «القاعدة» في اليمن حيث قال: إن فرضية تراجع تنظيم «القاعدة» في اليمن يحتاج إلى تمحيص وتدقيق، فمن خلال قراءتنا للاحداث التي جرت في اليمن منذ مطلع العام الجاري لتصعيد العمليات التي وقعت في العاصمة صنعاء وفي عدد من المحافظات وتبنتها مجموعات تابعة لتنظيم «القاعدة» وتزامنت مع استهداف مصالح حكومية ومصالح اجنبية، كما حدث من استهداف للسفارة الاميركية، وما حدث من هجوم على مجمع حدة السكني جنوب العاصمة، وما وقع من استقصاد للنقطة العسكرية في مأرب، وما وقع من هجوم على نقطتين عسكريتين في محافظة حضرموت، يؤكد المحلل السياسي سعيد ثابت ان اغلب هذه الاحداث تبنتها مجموعات من تنظيم «القاعدة»، وهذه الشواهد في مجملها لا نستطيع حيالها أن نقول إن التنظيم تراجع في اليمن.

وعبر عن اعتقاده في سياق حديثه لـ«الشرق الاوسط» إن هناك ارباكا للسياسة الحكومية لم تستطع أن تتعامل مع هذه المجموعات، كما اعتادت أن تتعامل مع مثل هذا الامر في الماضي، وبخاصة مع هذا الفرع من تنظيم «القاعدة»؛ ثم إن هناك احداثا تلتهب في شمال البلاد وتقوم بها الميليشيات الحوثية إضافة إلى ميليشيات «القاعدة»، وترافقت هذه الاحداث مع تصاعد الحراك السياسي في المحافظات الجنوبية كل هذه الأمور في مجملها اربكت الحكومة اليمنية في التعاطي مع هذه التطورات في «القاعدة» لها تهديداتها من خلال بياناتها التي تعلنها. ويرى سعيد ثابت أن على الحكومة أن تتعامل مع مجاميع «القاعدة» كما اعتادت ان تتعامل معها في الفترات السابقة من خلال استيعاب واحتواء هذه المجاميع من التنظيم. بينما يؤكد وجود فيتو أميركي على الحكومة اليمنية في اتخاذ مثل هذا النهج، وقال بوجود ضغوط اميركية تسهم في تصعيد العمليات من قبل تنظيم «القاعدة»، وهذا الاسلوب الأميركي والكلام للباحث والمحلل السياسي اليمني له معنى وبخاصة عندما يمارس الأميركيون ضغوطا على الحكومة اليمنية كي تنتهك الدستور بتسليم مواطنين يمنيين إلى الولايات المتحدة، هذه الامور بدون شك تخيف أفراد «القاعدة» فيقومون بالمقابل بالضغط على الحكومة والوضع الأمني برمته في اليمن، وهو ما يمكن قراءته من خلال المشهد الامني في ما يتعلق بتنظيم «القاعدة».