واشنطن: ميزانية الحكومة الفيدرالية مرتبطة بالتصدي للتهديدات الإرهابية

23 مليار دولار أنفقت في دعم جهود محلية من أجل الكشف عن هجمات محتملة

TT

كانت جوليت كاييم، مستشارة الأمن الداخلي في ولاية ماساتشوستس، في مكتبها في بداية فبراير (شباط) الماضي عندما أتى إليها أحد مساعديها ومعه أخبار مفاجئة للغاية. فمن أجل الحصول على حصتها من الأموال الفيدرالية، على الولاية أن تعد خطة لحماية الولاية من تهديد مفاجئ لم يسمع عنه من قبل وهو: أجهزة تفجير مرتجلة. «أجهزة تفجير مرتجلة؟ كما هو الحال في العراق؟!»، هكذا قالت في تعجب خلال إحدى المقابلات معها، وهي تسترجع رد فعلها على هذه الأخبار. فلم يشر أحد من قبل إلى أنه من الممكن وقوع تفجيرات لقنابل محلية الصنع يتم زرعها في طرق ماساتشوستس السريعة. وتضيف المستشارة: «لا توجد أي تقارير مخابراتية جديدة عن هذا الأمر. لقد ظهرت هذه الأخبار فجأة؟

وبصورة أكثر وضوحا من أي وقت آخر منذ وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، بدأت الولاية والسلطات المحلية في الشكوى من أن التمويل الذي يأتي من الحكومة الفيدرالية للأمن الداخلي قد أصبح مرتبطا بشكل كبير جدا بمحاربة تهديدات إرهابية محتملة، في الوقت الذي يقولون فيه إن لديهم أولويات أكثر عجلة. يقول الكولونيل دين إسرمان، رئيس شرطة مدينة بروفيدنس بولاية رود آيلاند: «أحترم كثيرا الحكومة الفيدرالية وأهمية الحفاظ على أمن الدولة، ولكن من حكم عملي كرئيس لشرطة إحدى المدن الأميركية أرى أن العنف الذي يحدث كل يوم ليس من الخارج وليس مجهول المصدر ولكن من هناك، من بعض المناطق في الجوار».

ويسوق المسؤولون المحليون ومسؤولو الولاية الحاجة لخطط للحماية من أدوات التفجير الارتجالية كنموذج على أن مخاوفهم لا يسمعها أحد، وأن المسؤولين الفيدراليين ما زالوا يدفعونهم إلى إنفاق المزيد على التهديدات الإرهابية التي تكون في الأغلب تهديدات غير واضحة. وقد ضخت الحكومة الفيدرالية نحو 23 مليار دولار إلى الولايات منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) لتمويل الأمن الداخلي، ولكن يقول المسؤولون في العديد من الولايات والمدن أنه ليس لديهم إلا معلومات مخابراتية قليلة أو لا توجد معلومات ألبته عن أن القاعدة أو أي من المجموعات التابعة المحلية لديها خطط واضحة لشن هجوم. ومع هذا، لا ينفي المسؤولون المحليون التهديدات الإرهابية، ولكن يسعى الكثيرون إلى تعديل برامج مكافحة الإرهاب حتى يمكنهم التركيز بصورة أكثر على محاربة استخدام السلاح وعمليات وعصابات تهرب المخدرات ـ في الوقت الذي يؤكدون فيه على أن هذه البرامج يجب أن تحصل أيضا على تمويل من الحكومة الفيدرالية على فرضية أن الإرهابيين من الممكن أن ينخرطوا في النشاط الإجرامي تمهيدا لشن هجوم.

من جانبه، قال وزير الأمن الداخلي مايكل شيرتوف إن وزارته تحاول أن تكون أكثر مرونة من أجل احتواء الاحتياجات المحلية. وأضاف شيرتوف: «نحن لسنا متزمتين».، ولكنه أشار إلى أن برامج الوزارة لم تكن تعني أبدا مساعدة هيئات تطبيق القانون المحلية في عملها التقليدي. وقال الوزير إن متطلبات برامج الأمن الداخلي قد عززت من قوة الدولة أمام أي هجمات، معربا عن قلقه من تحويل التمويل لصالح مشاكل أخرى مرتبطة بتطبيق القانون أو محاربة الإرهاب. «إذا ما أزلنا العائق وبدأنا نفقد التركيز، سنجعل من السهل حدوث هجمات ناجحة هنا».

وفي المقابل، يشتكي المسؤولون المحليون من أن منح الأمن الداخلي لا تناسب الاحتياجات المحلية. وبعد إعصار كاترينا الذي ضرب ساحل الخليج عام 2005، طلبت بعض السلطات الفيدرالية أن تقوم المدن بخطط الإخلاء، حتى في الساحل الغربي، حيث الزلازل وليست الأعاصير. وقد تم إنفاق معظم الـ23 مليار دولار في دعم جهود محلية من أجل منع والاستعداد والكشف عن هجمات محتملة. ولأن من الانتقادات التي أثيرت عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر مشكلة الثغرات الكبيرة في الاتصالات والتنسيق، فقد أنفقت مليارات الدولارات في الربط بين سلطات تطبيق القانون والمخابرات بشرطة البلاد التي يصل عدد أفرادها إلى 750.000 ضابط شرطة وضباط دوريات على الطرق السريعة. وقد تحول الكثير من المراكز، التي تمولها وزارة الأمن الداخلي لجمع وتحليل البيانات ومنع الهجمات الإرهابية، إلى ما يعرف باسم عمليات «مختلف الجرائم» و«مختلف المخاطر»، لتركز على الجريمة العنيفة والكوارث الطبيعية. ويؤكد مسؤولون في المخابرات على أن القاعدة ما زالت تنوي القيام بضربات داخل الولايات المتحدة. وبالنسبة للتركيز هذا العام على أدوات التفجير الارتجالية، وهو الوسيلة الأساسية التي تستخدم في استهداف القوات الأميركية في العراق، يقول مسؤولون بالأمن الداخلي إن الاهتمام بالتهديدات الداخلية يأتي بسبب إستراتيجية وافق عليها الرئيس بوش العام الماضي وتهدف إلى مساعدة الدولة على منع أجهزة التفجير الارتجالية قبل أن يقوم الإرهابيون بتفجيرها هنا. وتقوم الإدارة باستكمال خطة بشأن تدريبات خاصة بهذا الصدد للعديد من الهيئات الفيدرالية، ومن بينها مكتب التحقيقات الفيدرالية ووزارة الأمن الداخلي، حسب بعض المسؤولين، الذين يؤكدون أيضا على أن مستشاري الولايات قد أساءوا فهم التمويل وأن الولايات لم تتمكن من تلبية المتطلبات عن طريق تحسين مستوى استعدادها بشكل مجمل ضد تهديدات إرهابية غير محددة. وقال ماتسيو بتنهوسن، وهو مدير الأمن الداخلي في ولاية كاليفورنيا: «الرصد والحماية ومنع أدوات التفجير الارتجالية قضية مهمة»، ولكنه قال عن متطلبات المنحة: «إنه شيء آخر وكان مفاجئا للكثيرين». وفي ولاية ماساتشوستس، تنظر كايين لمنحة محتملة هذا العام تبلغ 20 مليون دولار على أنها منحة هامة لا يجب تجاوزها، على الرغم من أن ربع المنحة يجب أن ينفق على الحماية من أدوات التفجير الارتجالية حتى تتمكن الولاية من الحصول على المنحة.

* خدمة «نيويورك تايمز»