الموصل قبل «أم الربيعين»: الثلج وخلط الطماطم بالخيار ونحر النعاج.. وحتى المكسرات كانت ممنوعة بأمر «القاعدة»

مسؤولون أمنيون : اعتقال 6 فتيان قبيل تنفيذ عمليات انتحارية.. والمسلحون تشتتوا جنوبا

مغاوير الشرطة العراقية يعتقلون رجلا بعد ضبط متفجرات بحوزته في الموصل (أ.ب)
TT

فيما بدأت الموصل، كبرى مدن محافظة نينوى، تستعيد بعضا من نشاطها بعد «الممنوعات» التي فرضتها الجماعات المتطرفة، اعلن ضابط عراقي كبير أمس اعتقال ستة فتيان من خلية انتحارية تابعة لشبكة «القاعدة» كانوا يعتزمون تنفيذ هجمات انتحارية في يوم واحد ردا على عملية «ام الربيعين» الجارية في المحافظة.

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء عبد الكريم خلف ان «القوات العراقية تمكنت من القبض على ستة انتحاريين بعد تلقيها معلومات استخباراتية مكنتها من الوصول الى هذه الخلية».

واضاف لوكالة الصحافة الفرنسية ان «الخلية كانت تعد لتنفيذ اعمال اجرامية في الموصل» مشيرا الى ان «الانتحاريين هم مجموعة من الفتيان». بدوره، قال اللواء حسين علي كمال وكيل وزارة الداخلية لشؤون الاستخبارات ان «اكبرهم سنا ييلغ 18 عاما وجميعهم عراقيون». واضاف كمال ان «سعوديا قتل في عملية امنية هو الذي نظمهم ودربهم للقيام بالعمليات» لكنه لم يشر الى العملية التي قتل فيها السعودي. واكد ان «الفتية كانوا يعدون لتنفيذ عمليات في يوم واحد بتوجيه من القاعدة ردا على عملية ام الربيعين، بواسطة احزمة ناسفة تم ضبطها داخل منزل في حي سومر مساء امس (الاحد)». يشار الى ان قوة عراقية طوقت الاحد حي سومر الذي يعتبر من ابرز معاقل «القاعدة» في وسط الموصل وبدأت عمليات تفتيش من منزل الى آخر.

إلى ذلك، قال ضابط عراقي كبير ان عناصر «القاعدة» في الموصل تشتتوا الى البادية جنوب الموصل، مؤكدا ان القوات العراقية لن تسمح لهم بإعادة تنظيم صفوفهم. واضاف اللواء محمد العسكري، المتحدث باسم وزارة الدفاع، انه تم الاسبوع الماضي اعتقال 1030 شخصا في المدينة تم الافراج عن 251 منهم. ونقلت عنه وكالة «اسوشييتد برس» قوله انه قبل انطلاق عملية «ام الربيعين» في العاشر من الشهر الحالي، كان عدد عناصر «القاعدة» في المدينة يقدر بنحو الفين. واضاف انه لا يستطيع تحديد عدد المتبقين منهم في المدينة، مشيرا الى ان الغالبية هربت جنوبا نحو تكريت ومحافظة الأنبار. وبدأت الحياة تعود تدريجيا الى الموصل بعد سلسلة من «الممنوعات» فرضتها التنظيمات المتطرفة شملت الحلاقين وبيع السجائر والمشروبات الكحولية واختلاط انواع الخضار. ويقول هشام عبد الله الحمداني صاحب مطعم السدير «قضى اثنان من عمالي قتلا كما اصيب ابني بجروح (...) أرغموني على إغلاق المطعم بعد ان طلبوا عدم نحر إناث الخراف (النعاج) ومنع دخول طلاب الجامعات بشكل مختلط ورجال الشرطة». ويشير الى «ارغام عدد كبير من اصحاب المطاعم على دفع جزية تحت عنوان تبرعات».

من جهته، يقول اكرم صبحي الموصلي، 55 عاما، الذي اعاد فتح محله لبيع المكسرات قبل يومين «اغلقت المحل بعد ان هددوني بالقتل او دفع خمسين الف دولار فدية في حال اعادة فتحه». وكانت «القاعدة» قد منعت بيع المكسرات الموصلية الشهيره بذريعة انها تستخدم بغرض الاستراحة و«إبعاد الناس عن الجهاد»، وفقا لمصادر امنية.

بدوره، يقول الحلاق عطا سعدون، 29 عاما، «هددوني بالقتل اذا استخدمت آلة كهربائية لحلاقة شعر الرجال او تنظيف وجه الرجال باستخدام الخيط وارغموني على وضع لافتة تعلن ان: الحلاقة بالمقص فقط ولا نستخدم الخيط لتنظيف الوجه». ويؤكد سعدون مقتل عدد كبير من الحلاقين «لانهم لم يلتزموا بتعليمات القاعدة». كما بات في امكان السكان إقامة حفلات الزواج بعد ان منعت التنظيمات ذلك.

وتشير مصادر امنية الى مقتل نحو 15 حلاقا بشكل علني واغلاق عشرات المحلات فضلا عن قتل العشرات من باعة السجائر في الشوارع. وتضيف ان «القاعدة منعت اختلاط الاناث والذكور الاطفال في المدارس وحرمت المزج بين الخيار والطماطم بذريعة الفصل بين الجنسين، كما منعت اصحاب المطاعم من استقبال موظفي الدولة ورجال الامن». وتؤكد المصادر «مقتل عدد كبير من رجال الدين واساتذة الجامعات لدى محاولتهم الاعتراض على اساليب القاعدة».

ويعبر عبد السلام نزهان من حي باب الطوب في الموصل عن سروره بعودة الحياة الى طبيعتها قائلا «نرى المطاعم تعمل ومحلات الخضار تمزج بين مختلف الاصناف والمقاهي والمثلجات تباع كما في السابق». بدوره، يؤكد جاسم الجبوري، الاستاذ في جامعة الموصل، ان السكان «عاشوا اياما مرعبة كلها خوف بحيث ارغموا على البقاء في منازلهم وعدم الخروج وسط سماع دوي الانفجارات واصوات مروحيات وطائرات حربية (...) كانت الموصل مدينة اموات».

وتقول ام محمد، 58 عاما، وهي مدرسة متقاعدة ان ابنتها الوحيدة حرمت من «اكمال دراستها في كلية الهندسة لان المجرمين منعوا الفتيات من مواصلة الدراسة فذلك بنظرهم افساد للمجتمع».

كما يقول خلف عبد الحديدي وهو صاحب معمل ثلج ان «المجرمين حرموا السكان من الثلج بعد ان منعوا انتاجه وبيعه الصيف الماضي تحت شعار ان الجهاد والمجاهدين لم يستخدموا الثلج في الماضي».

من جهته، يؤكد العميد في الجيش السابق وكاع الجبوري «مقتل عشرات من رفاقنا اثر رفضهم العمل تحت إمرتهم لتنفيذ اجندتهم الطائفية» ويضيف «حكموا علينا (عناصر الجيش السابق) بالإعدام لاننا لم ننفذ ما طلبوا منا من جرائم ارهابية». وفي هذا السياق، يقول دريد كشموله، محافظ نينوى، ان «القاعدة استخدمت اساليب القتل المروع والخطف والابتزاز والنحر والحرق والتهجير ضد جميع طوائف المجتمع ولم يسلم منهم اصحاب المطاعم والحلاقون وعناصر الامن». ويشير الى «تهجير اكثر من عشرة آلاف عائلة خلال السنوات الاربع الماضية بينهم اكراد ومسيحيون وشبك وتركمان وايزيديون يسكنون نينوى منذ مئات بل آلاف السنين».