كلينتون وعودتها الصعبة إلى مجلس الشيوخ

اوباما سيكون محرجاً إذا عاد إلى مقاعد المجلس ولكن موقفه سيكون مختلفاً

TT

عندما توقفت المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية، هيلاري كلينتون، في مجلس الشيوخ، الأسبوع الماضي، ألقت كلمة من مكان منفرد في نهاية منصة لجنة الخدمات المسلحة. وكانت هناك ثمانية كراسي خالية، وكأنها تأكيد على الفجوة التي تفصل بينها وبين القوة الحقيقية في مجلس الشيوخ. وكان هذا نموذجا يظهر المعادلة غير السهلة داخل مجلس الشيوخ والخاصة بمكانة هيلاري كلينتون في الكونغرس، إذا ظل السباق الديمقراطي على نفس الوتيرة الحالية. فعلى الرغم من أنها حصلت على الملايين من الأصوات، وأثارت الآلاف من الأميركيين الذين حضروا تجمعاتها الانتخابية، وتحتاج إلى عدد غير كبير من المندوبين للوصول إلى هدفها، فإن الهزيمة ستعيدها إلى مجلس الشيوخ لتكون السيناتور رقم 36 من أعضاء مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي الذين يبلغ عددهم 49 عضوا. ثمة تحدٍ أمامها وهو العودة للعمل مع زملائها الأعضاء عن الحزب الديمقراطي، حيث تميل النسبة الأكبر منهم للسيناتور باراك أوباما. وسيكون هذا مؤلما لهيلاري التي قضت سنوات طويلة في بناء صداقات وجمع الأموال من أجل زملائها. وعلى الرغم من أن مجلس الشيوخ يوجد فيه الكثير من الأعضاء المتنافسين الذين يعملون جنباً إلى جنب طوال اليوم، فإن هذه الخصومات داخل المجموعة الواحدة كانت أكثر علانية من المعتاد. ففي الأقل، من المحتمل أن يتغير الحماس الذي تتمتع به كلينتون في الوقت الحالي، وتختلف حدة التصفيق الذي يرتفع عقب كلامها ويتغير الجو العام الذي يتميز به السباق الرئاسي، حيث ستعود إلى مجلس الشيوخ، وحيث تستغرق الإنجازات سنواتً وربما عقوداً كي يتم تحقيقها. ويقر السيناتور توم هاركين، عن الحزب الديمقراطي في ولاية آيوا بقوله: «ستحتاج إلى بعض الوقت كي تنسى الجو الذي كانت تتسم به الحملة». وكان هاركين قد عاد إلى مجلس الشيوخ بعد أن فشل في السباق الرئاسي عام 1992.

وبالطبع، قد تتجنب هيلاري استئناف عملها في مجلس الشيوخ إذا ما تعثر أوباما في الأيام الأخيرة من الانتخابات التمهيدية. كما أن هناك كلاما حول مقعد نائب الرئيس ـ على الرغم من أن هذا الاحتمال أصبح أكثر بعداً بعد تصريحات كلينتون خلال الأسبوع الماضي عن اغتيال السيناتور روبرت كنيدي، التي عززت المخاوف حول سلامة أوباما.

اما إذا ما وجد أوباما نفسه يعود إلى الكونغرس، فسيكون هذا الأمر محبطا له ولكن بطريقة مختلفة. فهو يبلغ من العمر 46 عاما فقط وبدأ الحملة أقل قوة من كلينتون. وعلى الرغم من أنه من المحتمل ألا يكون مطلوبا منه هذا، فإن المزيد من الأعوام في مجلس الشيوخ قد تساعده على ملء بعض الفجوات في سيرته الشخصية التشريعية في الوقت الذي يتطلع فيه لفرصة أخرى للترشح لمنصب الرئاسة. ويقول مساعدو كلينتون إن العودة إلى مجلس الشيوخ ليست هي ما يشغلهم في الوقت الحالي، ويقول المتحدث باسم حملتها فيل سينجر: «تركز السيناتورة كلينتون في الوقت الحالي على الفوز بترشيح (الحزب) للرئاسة». ومع هذا، فإن هناك مَنْ يرى أن حملتها عززت مكانتها في مجلس الشيوخ. فهي الآن، أكثر من أي وقت مضى، شخصية قومية أكثر قوة تعتمد على نفسها بالأساس، وهي واحدة من القلائل في مجلس الشيوخ الذين يمكنهم قول ذلك. كما أنها ستتمكن من جذب الانتباه على الرغم من أنها تفتقد إلى خطة واضحة لدورها في مجلس الشيوخ. وسيتمُّ اللجوء إليها في الحملة الرئاسية (وإذا ما كانت تريد أن تسوي بعض النقاط، يمكنها رفض هذه الطلبات من هؤلاء الذين لم يساعدوها). ويقول السيناتور ليندسي غراهام، وهو من الحزب الجمهوري ومؤيد للمرشح الجمهوري جون ماكين: «من يظن أنها ستعود إلى مجلس الشيوخ في موقف أضعف فهو لا يفهم طبيعة السياسة». والسيناتور ماكين دليل على الهزيمة في الانتخابات التمهيدية ليس نهاية المطاف ويمكن أن تكون هي البداية. فقد تجاوز ماكين خسارته في الانتخابات التمهيدية عام 2000 وأصبح قوة في مجلس الشيوخ عن طريق قيادة تحالف يضم الحزبين قادر على ضبط ميزان القوى في القضايا الأساسية مثل الترشيحات القضائية. ويقول بعض المناصرين إن قيادة مجلس الشيوخ قد تكون وظيفة مهمة مناسبة لها، ولكن ليس من السهل تحقيق ذلك. ويقول مسؤولون قياديون في الحزب الديمقراطي إن قيادة الحزب لا تنظر في أي مكان محدد، على الرغم من أن البرلمانيين لن يرفضوا إتاحة المجال لها إذا أرادت ذلك. ولكن الكلام خارج مجلس الشيوخ عن إمكانية أن تصبح كلينتون زعيمة الأغلبية أمر غير واقعي في مجلس الشيوخ، وقد تسبب ذلك في الحساسيات التي لم يُصرح بها عن صورة أعضاء الحزب الديمقراطي المترقبين لانتهاء حملة كلينتون حتى تتولى قيادة زملائها. ويمكن لكلينتون أن تحاكي السيناتور إدوارد كنيدي بعد أن خسر السباق نحو الفوز بالترشيح لصالح جيمي كارتر عام 1980، وحاول أن يكون برلمانيا بارزا. ولكن كنيدي كان قد استفاد من سنوات طويلة من الخبرة والعلاقات القوية، وهذا ما لا تتمتع به كلينتون في الوقت الحالي. ويرى البعض أن السباق من أجل الفوز بترشيح الحزب لم يحسم بعد، إلا أن كلينتون ستكون قوة بارزة في مجلس الشيوخ، حتى لو لم يكن لها دور رسمي.

* خدمة «نيويورك تايمز»