رئاسة الحكومة اللبنانية رهن «قرار مشترك» بين الحريري والسنيورة

TT

بدأ أمس رسميا عهد العماد سليمان في رئاسة لبنان. دخل الرئيس المنتخب القصر الرئاسي في بعبدا فلم يجد رئيسا يتسلم منه الامانة. الرئيس كان قد تسلمها سلفا، يقول البعض انه فعل ذلك منذ ان تم التوافق عليه رئيسا، أي قبل ان ينتخبه النواب في مجلس النواب أول من أمس. الخطوة الثانية هي رئاسة الحكومة. الرئيس سليمان حدد موعد الاستشارات الملزمة الخاصة بها غدا الاربعاء. والكتل النيابية لم تحسم موقفها بعد من اسم الرئيس المقبل للحكومة، فالكل ينتظر موقف «أهل البيت» في تيار «المستقبل» فقرارهم سيكون ملزما للجميع في فريق «14اذار» وبعض فريق المعارضة. كان من المفترض ان يؤخذ القرار اليوم، لكن تحديد موعد الاستشارات يوم غد، منحهم يوما اضافيا.

خلفيات التأجيل واضحة، فإسم رئيس الحكومة يرتبط الى حد بعيد بنوعية «المرحلة المقبلة» كما يرتبط بطريقة ترجمة «اتفاق الدوحة» وهل هو تسوية مرحلية أم انه تأسيس لمرحلة حل. زعيم الاكثرية البرلمانية النائب سعد الحريري اكتفى أمس بالقول في حديث تلفزيوني ان «لا فرق» بين ان يكون هو رئيسا للحكومة أو الرئيس السنيورة، معبرا عن ذلك ببساطته المعهودة: «سعد هو فؤاد وفؤاد هو سعد». غير أنه من المؤكد ان قرارا بهذا الشأن لم يكن قد صدر حتى مساء أمس، على رغم ان الميل كان واضحا لترؤس السنيورة الحكومة المقبلة. غير ان مصادر في الاكثرية شبهت هذا الميل بـ«بورصة ترجيحات» مشيرة الى انها بالأمس كانت تميل الى الحريري، وغدا من يعلم؟

وتجزم مصادر «14اذار» لـ«الشرق الاوسط» بان القرار «سيكون مشتركا بين الحريري والسنيورة»، مشيرة الى «اتصالات ومشاورات مكثفة يجريها المعنيون مع الحلفاء للوصول الى نتيجة»، والى انه في ضوء هذه المشاورات «سيتم تقويم المعلومات وصدور القرار». وأوضحت ان القرار يرتبط بمصلحة البلاد، من دون ان تقلل من كون الانتخابات النيابية المقبلة عاملا مهما في هذا القرار، لان الحريري يرأس تيارا معنيا في العمق بهذه الانتخابات ونتائجها. وابلغ نواب من الاكثرية «الشرق الاوسط» امس ان كتلهم لم تتخذ بعد قرارا بشأن هذا الترشيح، مؤكدين ان لـ«تيار المستقبل» الرأي الاول في تحديد اسم رئيس الحكومة المقبل. وهو ما اكدته مصادر قريبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ«الشرق الاوسط» باعتبار ان الاخير اكد الالتزام بموقف الاكثرية في هذا المجال وان الاتفاق في الدوحة لحظ تفاهما يقول بانها هي التي ستختار اسم الرئيس المقبل للحكومة.

من جانبه اعلن رئيس حزب الكتائب اللبنانية الرئيس الاسبق للجمهورية امين الجميل ان الكتائب ستكون بجانب الرئيس الجديد العماد ميشال سليمان و«نفتح صفحة جديدة لبدء حوار حقيقي وشجاع ينقذ الوضع وينتشل لبنان من المستنقع».

وشكر، في مؤتمر صحافي عقده عصر امس في مركز الحزب في بيروت، «دولة قطر والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى والوزراء العرب والدول الصديقة والشقيقة على الجهود التي قاموا بها لانجاز التسوية السياسية في لبنان». وشن هجوما عنيفا على رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون، واعلن ترشيح زعيم تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري لرئاسة الحكومة الجديدة، وقال: «لكنه ما زال مترددا في اخذ القرار».

وتساءل الجميل «من سيعوض عن كل من خرب بيته أو أفلس بسبب الوضع المعيشي». وهنأ العماد ميشال سليمان برئاسة الجمهورية وتمنى له كل التوفيق «بتحمل المسؤولية الكبيرة في الظروف التي يمر بها البلد». واكد «اننا نتضامن معه ونحن في تصرفه»، وقال: «ان خطاب القسم متزن ولا خطابات رنانة فيه ونتمنى أن يحقق ما وعد به ونحن سنكون بجانبه ونفتح صفحة جديدة لبدء حوار حقيقي وشجاع ينقذ الوضع وينشل لبنان من المستنقع الذي يتخبط فيه». واضاف: «يجب تحصين تضامننا لئلا نعود الى التجربة نفسها، ونحن مع رئيس الجمهورية في ورشة الاصلاح التي وعدنا بها في خطاب القسم لاصلاح المؤسسات».

وتابع الجميل: «لقد قرأنا بتمعن خطاب القسم وهو يتلاقى مع مشاعر الشعب اللبناني وهو متوازن، ولكن العبرة في التنفيذ والكتائب الى جانبه لتحقيق هذا القسم. وان خطاب الرئيس سليمان يلتقي مع روحية اتفاق الدوحة الذي هو ليس الحل ولكن الخطوة الاولى لبدء ورشة اعادة بناء لبنان والمؤسسات واقامة الحوار الشفاف».

وقال: «الانجاز الكبير الذي تحقق هو العودة الى روح المؤسسات ومن نتائج اتفاق الدوحة الاحتكام الى الديمقراطية بدلاً من التسلط والاحتكام الى السلاح والتعدي على المؤسسات التي كانت خطيئة لا تغتفر». وأضاف: «من خلال تأليف الحكومة سنتمكن من التحضير للانتخابات النيابية المقبلة وسنبني من خلال الانتخابات ما هو برنامجنا الواضح المنطلق من روحية اتفاق الدوحة ومن روحية الكتائب التي تلتقي مع موقف الرئيس في الخطاب».

وتناول المحادثات في الدوحة قبل انجاز الاتفاق، وقال: «اصررنا على ان يأتي قانون الانتخاب بشكل صحيح لذلك اتفقنا مع حلفائنا على نقل المقعد الماروني من طرابلس الى البترون ومنقطة الصيفي.. والمطلوب منا اليوم قراءة جديدة للنظام اللبناني ويجب ادخال اصلاحات جديدة عليه وان يكون لبنان بلد التنوع الديني والطائفي». وحذر من أنه «إذا لم ننطلق من التسوية السياسية العابرة إلى التسوية الدائمة لا نكون قد حققنا شيئًا. فلنطوِ صفحة الماضي. وأقول للمعارضة: لنتوقف عن السخافات والبطولات الوهمية». وفي معرض الهجوم على عون قال: «بعد قراءة متقنة لهذا الاتفاق نسأل أي مساهمة حقيقية وفعلية حققها ميشال عون؟». لكنه دعا الى «ان نتصالح مع العماد عون ونعود فنجلس إلى الطاولة نفسها من أجل مصلحة المسيحيين».

وختم: «رشحنا سعد الحريري لرئاسة الحكومة وهو مازال مترددًا لأخذ القرار».