البرلمان المصري يمدد حالة الطوارئ عامين في جلسة صاخبة بأغلبية ساحقة

الحزب الحاكم يرجع السبب للأوضاع غير المستقرة في فلسطين والسودان والعراق

TT

في جلسة صاخبة تخللتها اتهامات بالإرهاب والفساد، ومقاطعات وتلويحات بالأيدي بين المعارضة والأغلبية، وافق مجلس الشعب المصري أمس على تمديد العمل بقانون الطوارئ لمدة عامين بأغلبية 305 أعضاء من بين 408 حضروا جلسة أمس، ومعارضة 103، ينتمي غالبيتهم لجماعة الإخوان المسلمين واحزاب المعارضة والمستقلين إضافة لنائب واحد من الحزب الحاكم.

وبهذا القرار تستمر حالة الطوارئ للعام 27 منذ فرضها عقب اغتيال الرئيس المصري أنور السادات برصاص متشددين إسلاميين عام 1981.

وقالت الحكومة ونواب من الحزب الحاكم إن الظروف الدولية وبخاصة تلك التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط سواء في فلسطين أو السودان والعراق وغيرها، تتطلب مد العمل بقانون الطوارئ، وأن تعقيد التشريعات المنظمة لمكافحة الإرهاب تسببت في تأخير إنجاز تشريع مماثل كانت الحكومة وعدت باستبداله بفرض حالة الطوارئ، عند تمديدها لمدة عامين في عام 2006. وشهدت جلسة البرلمان المكون من 454 مقعداً ويهيمن على الأغلبية فيه الحزب الحاكم مقابل نحو 20% لنواب جماعة الإخوان المسلمين وحوالي 5% لكتل حزبية صغيرة ومستقلين، مشادات وصياح وتبادل للاتهامات، فبينما دافع نواب الحزب الحاكم عن الحاجة لتمديد حالة الطوارئ، لمواجهة الإرهاب وتجارة المخدرات، رد عليهم نواب من المعارضة بأنه لا يوجد مبرر لاستمرار العمل بقانون الطوارئ، لأن مصر ليست في حالة حرب ولا يوجد بها كوارث طبيعية أو أوبئة أو إرهاب، مشددين على أن «هذه هي الحالات التي حددها الدستور المصري لفرض حالة الطوارئ». وأرجع تقرير اللجنة العامة، وهي من أعلى هيئات مجلس الشعب المصري، الحاجة لمد حالة الطوارئ إلى «المتغيرات السياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم حالياً وتنامي ظاهرتي الإرهاب والجريمة المنظمة لاسيما في منطقة الشرق الأوسط، التي تعاني بلدانها ظروفا ضاغطة متزايدة على مستوى أمنها القومي داخلياً وخارجياً». وأضاف التقرير الذي جرى عرضه على الجلسة العامة الخاصة بمناقشة طلب الحكومة تمديد الطوارئ، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن من أسباب مد العمل بالطوارئ أيضاً ما تشهده المنطقة من..«اندلاع وتفاقم العديد من الأزمات مثل تأزم المشكلة العراقية ووقوف القضية الفلسطينية على حافة الانفجار في ظل التعنت الإسرائيلي والدعم المطلق للولايات المتحدة الأميركية لجميع الممارسات الإسرائيلية غير المشروعة وغير العادلة وتنامي مشاعر اليأس والإحباط من إجراء أية تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، وأزمة إيران النووية، وتداعيات مشكلة إقليم دارفور في السودان والصراعات المستمرة في الصومال، ذلك كله فضلاً عن تداعيات أحداث 11 سبتمبر (ايلول) 2001 حتى الآن».

وحين حضر رئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور أحمد نظيف جلسة البرلمان، لإلقاء بيان يقدم فيه مبررات مد حالة الطوارئ، استقبله نواب المعارضة بتعليق شارات صغيرة على صدورهم عبارة عن علم مصر بالألوان الأحمر والأبيض والأسود وفي وسطه، على الخلفية البيضاء، عبارة باللون الأحمر تقول «لا للطوارئ»، وشرعوا في مقاطعته. ورد نواب الأغلبية بالتحية والتأييد لرئيس مجلس الوزراء، من خلال التصفيق الشديد وكلمات الثناء.

وقال الدكتور نظيف: «اختارت الحكومة أن تطلب مد حالة الطوارئ وأن تتأنى في إصدار قانون لمكافحة الإرهاب.. اليوم ونحن نطلب مد حالة الطوارئ لمدة عامين أو لحين الانتهاء من إعداد قانون مكافحة الإرهاب، تجدد الحكومة الوعد بألا يستخدم قانون الطوارئ إلا في مواجهة الإرهاب، وبالقدر اللازم لمواجهة هذه الظاهرة».

وقال المعارضون لتمديد حالة الطوارئ في بيان وزع في مبنى البرلمان وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه: «نرفض نحن الموقعين على هذا البيان من نواب كتلة الإخوان وكتلة المستقلين ونواب المعارضة المصرية بمجلس الشعب موافقة مجلس الشعب وأغلبيته التي تنتمي للحزب الوطني الحاكم مد حالة الطوارئ لفترة جديدة (..) يرى الموقعون أن استمرار العمل بقانون الطوارئ لأكثر من 27 عاماً يمثل خطورة على ركائز الدولة المدنية (.. و) مع استمرار حالة الطوارئ ضاعت مصالح الشعب لصالح فئة فاسدة تحمي الفساد والمفسدين (و) تسببت في الإطاحة بالعديد من الحقوق والحريات التي كفلها الدستور المصري والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان».

وقال النائب عن الحزب الحاكم طاهر حزين الذي رفض الموافقة على تمديد حالة الطوارئ في جلسة أمس، إنه لا يرى وجهاً للعجلة في طرح موضوع تمديد حالة الطوارئ للمناقشة لأن..«رئيس الوزراء لم يقدم مبرراً للاستعجال (في إقرار التمديد بالبرلمان)».

وخلال مناقشات أمس تلاسن نواب من الحزب الحاكم ونواب من المعارضة، وقاطعوا كلمات بعضهم بعضاً بالصياح وبقرع الأيدي على المناضد. وبينما رفض نواب معارضون وإخوان تلميحات نواب الحزب الحاكم تجاههم بأنهم من «قوى الشر»، و«أصحاب فكر ظلامي»، و«إرهابيين»، رد عليهم المعارضون بتلميحات منها «حماية محتكرين لسلع رئيسية»، و«أصحاب مصالح خاصة لا ترعى مصلحة الوطن»، وغيرها، ما اضطر الدكتور سرور، للتنبيه أكثر من مرة بالتزام الهدوء والتقاليد البرلمانية السليمة في الكلام وكذلك في عملية التصويت التي جرت نداء بالاسم، ولم تخل هي الأخرى من فوضى استنكرها رئيس البرلمان في حينه.