إيران تحتاج إلى مصر لتمديد نفوذها في الشرق الأوسط.. والقاهرة لا تثق بها

مؤسس مجلس الصداقة الإيراني ـ المصري: تطوير العلاقات سيفيد البلدين

TT

إذا أردت إقامة علاقات سلمية مع بلد ما، فربما لا تكون فكرة جيدة أن تسمي شارعا في بلدك باسم قاتل رئيس هذا البلد. يلخص ذلك العلاقات المتوترة بين مصر وإيران التي قطعت علاقاتها مع مصر عندما منح الرئيس الراحل أنور السادات حق اللجوء السياسي لشاه إيران ووقع معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979. وقد اغتيل السادات عام 1981 بواسطة جماعة إسلامية بقيادة خالد الإسلامبولي وهو عسكري مصري، سمي باسمه شارع في طهران. وقد قامت إيران بعدة مساع خلال الأشهر القليلة الماضية من أجل نسيان الماضي واستعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع مصر. لكن مصر لم تظهر الحماس لذلك. وتأتي هذه التطورات مع بزوغ إيران كقوة جديدة في الشرق الأوسط. ولم يسد جو من الارتياح في مصر بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل، كما أن علاقاتها مع واشنطن قد تأزمت بعد قيادة الولايات المتحدة لغزو العراق. وتشعر القاهرة بالقلق تجاه طموحات الرئيس أحمدي نجاد الذي شهدت السياسة الخارجية الإيرانية في عهده نشاطا ملحوظا، حيث كان يسافر من الهند إلى قطر، ليستفيد من احتياطات النفط الإيرانية وشعبيته التي يكتسبها من معاداته للغرب. وتحتاج إيران إلى مصر من أجل تمديد نفوذها في الشرق الأوسط، حسبما يقول صدر حسيني، مؤسس مجلس الصداقة الإيراني المصري، وهو مؤسسة مقرها طهران تتكون من رجال أعمال ومستشارين حكوميين سابقين. وقال إن تطوير العلاقات سوف يخدم البلدين، وأضاف أن النفوذ السياسي المتنامي لإيران «يمكن أن يساعد على استعادة مصر لدورها الريادي في العالم العربي».

ومع ذلك، فقد أدت السياسات الإيرانية إلى عدم الاستقرار في المنطقة والذي كان دائما مثار قلق المصريين. فطهران تدعم الجماعات الإسلامية المناوئة لإسرائيل مثل حماس في غزة وحزب الله في لبنان. فحماس لديها روابط فكرية واستراتيجية مع الإخوان المسلمين وهي الجماعة المعارضة المحظورة. ويؤكد المصريون على أن إيران تستغل علاقاتها مع حماس لتثير مخاوف القاهرة من انتشار الإسلام السياسي. وكذلك، فإن علاقات إيران مع سورية تثير قلق مصر. فدمشق تتدخل دائما في لبنان حيث يزيد الاضطراب السياسي من خطر اندلاع حرب أهلية أخرى. ولمجابهة تمدد النفوذ الشيعي في المنطقة، فإن مصر عززت علاقاتها مع السعودية والأردن. وقد ردت إيران من خلال محاولة تحسين العلاقات مع الرياض وعواصم الخليج العربي الأخرى، وهي حركة ينظر إليها على أنها استراتيجية عامة سوف تشمل مصر في نهاية الأمر.

ويقول حسيني: «إن إيران ترغب من مصر أن تقول إن اتفاقية السلام مع إسرائيل قد ماتت. وهي لا تريد أن تقول القاهرة ذلك علنا، ولكنها تريد أن تعطي مجرد إشارة على ذلك. ومصر تقول لإيران من جانبها «إن عليك معالجة مخاوفنا الأمنية وليس لدينا مشكلة... إن مصر لا تثق في إيران». وعلى الرغم من المناقشات بين مبعوثي البلدين، إلا أنه من الواضح عدم وجود ثقة من جانب مصر في إيران. يقول محمد عبد السلام وهو خبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة: «لا أعتقد أننا يمكن أن نشهد إعادة العلاقات بين البلدين، ولكن يمكن أن نشهد تأزما ومواجهة بين البلدين. فإيران تتصرف وكأنها تسيطر على الشرق الأوسط، فقد سيطرت على العراق وهي على وشك السيطرة على لبنان» من خلال دعمها لحزب الله. وتراقب إسرائيل والولايات المتحدة إمكانية تحسن العلاقات بين مصر وإيران، حيث تعطي الولايات المتحدة لمصر مساعدات سنوية تبلغ نحو ملياري دولار. ويعتقد بعض المحللين أن مصر يمكنها كبح جماح إيران في الشرق الأوسط. ويعتقد آخرون أن إيران سوف تستخدم نفوذها المتزايد لمواجهة السياسة الأميركية لاسيما في العراق في قضية ملفها النووي. ومشكلة مصر هي أن سياستها الخارجية دائما ما تتأثر بمشاكلها الداخلية. فالاقتصاد ينمو لكن التضخم والاضطرابات الداخلية تزداد كذلك وظهرت الرياض مع ارتفاع عائدات النفط كقوة رائدة، مع انشغال مصر بأزمات الخبز والنقابات العمالية والإخوان المسلمين.

وقد تكون هناك إيجابيات وسلبيات لأي تغيير. فعلى سبيل المثال، أثار البرنامج النووي الإيراني حفيظة الدول العربية الحليفة لواشنطن على الرغم من تأكيدات طهران بأن هذا البرنامج مخصص للأغراض السلمية. وإذا كان الأمر كذلك، فإن مصر التي أعلنت عن إحياء خطط للحصول على الطاقة النووية مع ارتفاع أسعار الطاقة، يمكن أن تستفيد من التقنية الإيرانية.

لكن المصريين مشغولون بأمور علمية أخرى أقل من تفتيت الذرة. ويقول المحلل سلام: «إن تهريب إيران السلاح لحماس ودعمها لقادة حماس في الخارج، كل ذلك يقلق مصر بدلا من تطمينها بشأن دعوة إيران لاستئناف العلاقات».

وقد أفاد الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد في العديد من المناسبات خلال العام الماضي بأن طهران ترغب في الاستئناف السريع للعلاقات مع مصر. وقال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط بأن ذلك لن يحدث حتى تلغي طهران تسمية أحد شوارعها باسم قاتل السادات. ومثل ذلك الفعل يمكن أن يثير حفيظة المتشددين الإيرانيين الغاضبين من القاهرة بسبب منحها حق اللجوء السياسي للشاه عام 1979، وتوقيع معاهدة السلام مع إسرائيل. وقال محمد علي أبطحي وهو دبلوماسي سابق يرأس معهد الحوار بين الأديان في طهران، بأن التحديات التاريخية تثير القلق بين البلدين. وهو يعتقد: «أن رجال الأمن المصريين قد تجمدت عقليتهم لنحو 20 سنة. لا أعتقد أن الحكومة المصرية ترغب في تحسين العلاقات... إن اسم شارع صغير لا يمكن أن يشكل عقبة دبلوماسية». وذلك على حد قوله.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» (خاص بـ«الشرق الأوسط»)