المؤتمر الوطني والحركة الشعبية السودانية يتفقان على سحب قواتهما من أبيي الغنية بالنفط

لتهدئة الأوضاع عسكريا.. وتكوين إدارة مؤقتة للمنطقة لإنهاء الأزمة

TT

اتفق شريكا الحكم في السودان المؤتمر الوطني والحركة الشعبية على سحب قواتهما من منطقة «ابيي» الغنية بالنفط، التي تصاعدت الخلافات بينهما حول تبعيتها للشمال أم الجنوب ووصلت حد المواجهة العسكرية خلال الأيام الماضية. وكشف مسؤول في الحركة الشعبية ان اتفاقا تم بين الطرفين على تهدئة الأوضاع عسكريا، كما اتفقا على تكوين ادارة مؤقتة للمنطقة، ولكن لم ترشح تفصيلات بشأن ما اتفق عليه، في اجتماع جمع بين نائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه ونائب رئيس الحركة الشعبية الدكتور مشار.

وأحيط الاجتماع بقدر كبير من السرية والتكتم، غير ان مشار قال في تصريحات صحافية مقتضبة ان المشكلة في نهاياتها بشكل عام، وكشف ان الاجتماع مع طه امن على أهمية وقف التصعيد العسكري في ابيي، وقال: نريد من المفوضية المشتركة من حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية رفع تصور لإنهاء الأزمة والقضايا العالقة في تنفيذ اتفاق السلام. كما كشف مشار انه تقدم في الاجتماع بمقترحات لحل الأزمة في ابيي، واضاف ان الاجتماع خلص إلى ضرورة تفعيل بروتوكول حل مشكلة ابيي الوارد ضمن اتفاق السلام بين الطرفين الذي أنهى حرب الجنوب بينهما في عام 2005، ذلك خلال الاسبوع الحالي، والإعلان عن الإدارة المؤقتة المشتركة لادارة ابيي في اقرب فرصة ممكنة، عقب اجتماع مرتقب لمؤسسة الرئاسة، التي تضم الرئيس البشير الى جانب نائبه الأول رئيس الحركة الشعبية سلفاكير ونائب الرئيس علي عثمان محمد طه، ونوه إلى ان الاجتماع المرتقب يبحث التوصل إلى تهدئة ومعالجة جذرية للوضع في ابيي. وقال مشار انه تقدم بمقترحات جديدة للرئيس البشير ونائبه طه لجهة حل الازمة في المنطقة. وذكر مشار انه اتفق مع طه على ضرورة تفعيل اللجان المشتركة بين الطرفين والخاصة بشؤون ولايتي «الواحدة وجنوب كردفان» اللتين تقع ابيي في نطاقهما.

من جانبها، قالت مصادر مطلعة في الحركة الشعبية لتحرير السودان لـ«الشرق الأوسط» إن الحركة لن تخوض حربا جديدة ضد الشمال تنطلق من ابيي، وأضافت ان مشكلة ابيي تحل بالحوار، ومضى «سنضغط في هذا الاتجاه الى اخر الفرص الممكنة ولكن لن نلجأ للحرب»، وشددت ان الحركة لا يمكن ان تشعل حربا جديدة من ابيي بسببها تضيع الكثير من المكاسب السياسية التي حققتها لجنوب السودان عبر اتفاق نيفاشا.

وفي نفس الوقت، طالب الامين العام للحركة الشعبية باقان اموم في مؤتمر صحافي عقده في الخرطوم بضرورة اخلاء ابيي من جيشي الحكومة والحركة الشعبية، وذلك حسب رأيه يوقف التصعيد العسكري في المنطقة، واضاف ان الخطوة تهدف الى «تفويت فرص العودة للحرب»، واضاف ان «الحركة الشعبية ضد الحرب بين الطرفين وعليه نريدها خالية من الجيشين».

وحمل على الجيش السوداني حيال احداث ابيي الأخيرة، وقال ان عدم انسحاب اللواء 31 التابع للجيش من المنطقة من أسباب الأزمة، ووصف اموم الاوضاع في ابيي بانها متدهورة. ومن جهته، دعا رئيس هيئة تحرير ابيي، محمد عمر الأنصاري في تصريحات، إلى تشكيل آلية مشتركة من المسيرية ودينكا نقوك لازالة الاضرار التي لحقت بمواطني المنطقة جراء الاحداث الاخيرة، واعلن استعداد المسيرية بأبيي للتفاوض مع دينكا نقوك وصولا للتعايش السلمي بين القبيلتين. ووصف الانصاري الأوضاع الإنسانية داخل ابيي بالسيئة، مشيرا الى ان المواطنين الذين نزحوا من ابيي إلى المجلد والمناطق المجاورة يواجهون ظروفا صعبة، وقال يوجد في المجلد الآن اكثر من 6 آلاف اسرة من مسيرية ابيي في العراء، تضربهم الامطار ويعانون من الحر الشديد نهارا، الى جانب النقص الحاد في المواد الغذائية والدواء.

من ناحية اخرى، كون زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي محمد عثمان الميرغني، اللجنة التنفيذية الخاصة بمبادرته للوفاق الوطني الشامل، وقضى بتكوين لجان متخصصة لاجراء التواصل مع القوى السياسية والاجتماعية والدينية ومنظمات المجتمع المدني. وتأتي خطوة الاتحادي بعد ايام من اتفاق وقعه حزب الأمة المعارض بزعامة الصادق المهدي مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وصفه الطرفان بانه بمثابة الأرضية الصالحة للحوار الوطني بين القوى السياسية.

وسمى القرار احمد الميرغني شقيق رئيس الحزب رئيسا للجنة، وعثمان عمر الشريف متحدثا رسميا، وشملت عضوية كل من احمد علي ابوبكر رئيس لجنة الحوار مع المؤتمر الوطني، وعلي صالح رئيس لجنة الحوار مع الحركة الشعبية وأحزاب الجنوب، والباقر احمد عبد الله رئيس لجنة الحوار مع حزب الأمة القومي، محمد فائق يوسف حسن رئيس لجنة الاتصال بأحزاب التجمع، واحمد سعد عمر رئيس لجنة الاتصال بفعاليات دارفور، وبخاري الجعلي رئيس لجنة الحوار مع زعماء العشائر ومشايخ الطرق الصوفية، ومحمد طاهر جيلاني رئيس لجنة التفاوض مع جبهة الشرق، والشيخ حسن ابوسبيب رئيس لجنة الحوار مع المؤتمر الشعبي والاخوان المسلمين وانصار السنة، وحسن عبد القادر هلال رئيس لجنة الحوار مع منظمات المجتمع المدني، والدكتور نادر سعد رئيس لجنة الاتصال مع المسيحيين.

في غضون ذلك، وجه الحزب الشيوعي بشدة، انتقادا عنيفا لاتفاق «التراضي الوطني» بين حزب الامة وحزب المؤتمر الوطني، وقال في بيان وزعه الحزب ان ما جاء في اتفاق الوطني والامة عن الثوابت «يعد تكريسا للدولة الدينية وعودة للمربع الأول الذي واصلت منه الانقاذ قوانين سبتمبر»، كما اعتبر ما جاء بشأن الانتخابات خروجا عما توافقت عليه القوى السياسية بما فيها حزب الأمة نفسه، والحركة الشعبية، وشدد البيان على ان الاتفاق جوهره ثنائي بين حزبين، ولن يخرج عن ذاك الاطار، وقال بل يذهب الطرفان إلى ابعد من ذلك بما يشبه التحالف.