البصرة: مزاعم عن انتهاكات لحقوق الإنسان.. وتطبيق ساذج للأوامر العسكرية

بعد شهرين من تطبيق عملية «صولة الفرسان»

TT

«نحن نحاسب حتى نوري المالكي لو عبر نقطة التفتيش» يقصدون رئيس الوزراء العراقي من دون إعطاء صفة له، باتت هذه الجملة الأكثر شيوعا الآن لدى نقاط تفتيش الأجهزة الأمنية المنتشرة في شوارع البصرة منذ شهرين، البعض منهم يخفون وجوههم بأقنعة، والبعض الآخر بنظارات سوداء عريضة، ويقولون للآخرين «نحن نطبق القانون، نحن أنقذناكم من الميليشيات».

وقال عدد من الأهالي لـ«الشرق الأوسط»، باتت الأوضاع في البصرة بعد مرور شهرين على الشروع بعملية «صولة الفرسان» تشبه إلى حد كبير «حال مديرية الأنواء الجوية بالمدينة وشعبة الأرصاد الجوية في المطار اللتين لا تقدران على التنبؤ بحالة الطقس خلال الأربع والعشرين ساعة القادمة لعدم توفر الأجهزة الحديثة لديهما».

وأكدوا أن المحافظة شهدت في الايام العشرة الماضية أحداثا متنوعة منها: وزير الدفاع البريطاني يتجول في الشوارع من دون أن يرافقه مثيله العراقي، بعد مرور أكثر من نصف عام على توقيع مذكرة تسلم الملف الأمني وخروج القوات البريطانية من مركز المحافظة، ورجل دين يدعو في خطبة الجمعة إلى قتل أصحاب التسجيلات ومنشورات تهدد المواطنين من التعامل مع قوات الجيش أو الشرطة وإنهم سوف يعودون قريبا للمواجهة وانتهاكات في المعتقلات وانتزاع الاعترافات بالتعذيب ومقتل اثنين من رجال الشرطة بنيران مسلحين في شارع الوطن وإلقاء قنبلة صوت على مقر الحزب الشيوعي واتحاد نقابات العمال ورمانة يدوية تنفجر أمام محل للأقراص الليزرية ومقتل شرطي وإصابة اثنين آخرين في شارع الكويت بأسلحة مجهولين ومقتل طالب جامعي في مطاردة الشرطة لأعداد من المصلين واعتقال معاون عميد كلية الزراعة لتورطه بخزن أسلحة محظورة داخل الحرم الجامعي. وقال مصدر أمني كبير، طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«الشرق الأوسط» إن «عملية عسكرية كبيرة بحجم صولة الفرسان لا بد أن ترافقها أخطاء وإخفاقات سواء من قبل القائمين بتنفيذها من الأجهزة الأمنية أو المواطنين، ومن ضمنها الفهم الساذج والبدائي للتوجيهات المركزية بضرورة تطبيق القانون على الجميع من قبل بعض أفراد السيطرات (نقاط التفتيش)، وإلا كيف تقوم هذه المفارز بمحاسبة رئيس الوزراء أو كبار المسؤولين ويرافقه العشرات من أجهزة الحمايات». وأكد المصدر الأمني أن «إجراءات التحقيق مستمرة مع عشرات المعتقلين وقد أطلق سراح 69 منهم مؤخرا لعدم تورطهم بارتكاب جرائم وستشهد الأيام المقبلة إطلاق وجبة جديدة تضم 90 معتقلا، أما  المطلوبون للعدالة فقد قدمت ملفاتهم للقضاء ومن بينهم 94 متهما بارتكاب جرائم قتل». ويرى رئيس نقابة الصحافيين في البصرة، حيدر المنصوري ان «صولة الفرسان وان حققت انجازات كبيرة فقد رافقتها انتهاكات لحقوق الإنسان والقانون وحتى على الآداب العامة من قبل أفراد من الجيش والشرطة، وهم الأداة المنفذة للعملية». وأضاف ان «إغفال قادة الأجهزة الأمنية لتلك الانتهاكات وعدم معالجتها أدى الى تراكمها واتساعها، وبالتالي منح الفرصة للمنفذين من دون وعي لمسؤولياتهم الى الإساءة للعملية العسكرية برمتها».

وقال المنصوري ان «بإمكان أي مراقب ان يرصد هذه الانتهاكات اليومية خلال تجواله في الشوارع، ومن بينها ما تعرض له من اعتداء من ضابط شرطة مرور كما تعرض احمد عبد الصمد مراسل الفيحاء الفضائية وعصام السوداني مراسل الفرنسية وصفاء ذياب مراسل إذاعة سوا وغيرهم». وأضاف ان «من الطريف ان مجلس محافظة البصرة أصدر تعميما تضمن توجيهات إلى المسؤولين المبعوثين من قبل الحكومة المركزية إلى البصرة بعدم تجاوز أفراد حماياتهم على الصحافيين، على أمل الحد من ظاهرة الاعتداءات التي تطول الصحافيين في المدينة».

وحول ادعاءات عدد من المعتقلين الذين أفرج عنهم بعد ثبوت براءاتهم بتعرض معتقلين إلى انتهاكات لحقوق الإنسان وتعرضهم للتعذيب بغية انتزاع اعترافاتهم، أقر مهدي التميمي مدير مكتب الجنوب بوزارة حقوق الإنسان بوجود انتهاكات، لكن السلطات المحلية أكدت على تهدئة الوضع الحالي وعدم التصريح لوسائل الإعلام.

وأكد أستاذ بالقانون الدولي في جامعة البصرة، فضل عدم الكشف عن اسمه، ان «تجوال ديس براون وزير الدفاع البريطاني الخميس الماضي في شوارع البصرة من دون وجود مراسيم دبلوماسية وبروتوكولية هو سابقة خطيرة في العلاقات الدولية وانتهاك صارخ للسيادة الوطنية». مضيفا ان «الوزير البريطاني بقدر ما أراد ان يوضح ان المدينة آمنة وبالإمكان التجوال في شوارعها بفضل وجود القوات البريطانية فيها، وهي عكس ذلك، أعطى صورة للفوضى التي تعيشها المدن العراقية».