منظمة حقوقية بريطانية: جنود حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة يغتصبون الأطفال مقابل الطعام

«سيف ذي تشيلدرن» قالت إن الانتهاكات وقعت في عدد من مناطق النزاع مثل الكونغو وساحل العاج وجنوب السودان

TT

قالت منظمة «سيف ذي تشيلدرن» البريطانية، أمس، ان مئات الاطفال الذين تبلغ اعمار بعضهم ست سنوات، يتعرضون لانتهاكات جنسية على يد عناصر قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة، وموظفين في منظمات إغاثة، من اجل الحصول على الغذاء أو الصابون أو الهواتف النقالة، في عدد من مناطق النزاع في العالم، مثل الكونغو وساحل العاج، وجنوب السودان.

وقالت المديرة العامة لفرع المنظمة في بريطانيا جاسمين ويتبريد ان «هذا التحقيق يكشف الاعمال غير الشريفة والقذرة، لعدد قليل من الاشخاص يستغلون جنسيا بعض الاطفال الاكثر ضعفا في العالم، والذين يتوجب عليهم حمايتهم». وأضافت مديرة المنظمة غير الحكومية، التي تتخذ من لندن مقرا لها، ان الانتهاكات شائعة في ساحل العاج وهايتي خصوصا.

وأوضحت المنظمة ان حجم الاساءات «كبير» مطالبة في دراسة اعدتها بإقامة نظام يسمح بكشف هذه التجاوزات والتصدي لها. وقالت ويتدبريد «من الصعب تصور استغلال للسلطة اوضح او انتهاكا فاضحا لحقوق الاطفال مثل هذا». وتابعت ان «الامم المتحدة والأسرة الدولية والوكالات الانسانية تعهدت معالجة المشكلة لكن حتى لو تم الترحيب بهذه التعهدات يجب في معظم الحالات تجسيد هذه الاعلانات المبدئية والنوايا الحسنة بتحرك دولي حاسم».

وأكدت المسؤولة نفسها ان «الغالبية العظمى» للعاملين في القطاع الانساني ليسوا متورطين في عمليات اساءات جنسية او استغلال اطفال. واضافت «لكن مجمل الوكالات الانسانية ومنظمات حفظ السلام التي تعمل في اوضاع طارئة من بينها «سيف ذي تشيلدرن» يجب ان تعترف بأنها معرضة للضعف وعليها معالجة المشكلة».

وقد كشف الأطفال الذين أجريت معهم مقابلات عن أشكال مختلفة من الاعتداء، بما في ذلك مقايضة الطعام بالجنس والاغتصاب وتشغيل الأطفال في الدعارة والاتجار بهم من أجل الجنس وغير ذلك من الأشكال. ويقول أحد الأطفال المراهقين في جنوب السودان: «إن الناس لا يبلغون بذلك لأنهم يخشون من إيقاف المساعدات التي يحتاجون إليها».

ووصفت طفلة في الثالثة عشرة من العمر لـ«بي بي سي» كيف قام عشرة جنود باكستانيين، من قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة باغتصابها في حقل بالقرب من منزلها في ساحل العاج وتركوها تنزف وترتعش وتتقئ على الأرض. وبعد ان تم إبلاغ رئاسة القوات، لم يتم اتخاذ أي اجراءات بحق الجنود. وتقول المنظمة البريطانية إن أكثر الجوانب صدمة في الانتهاكات الجنسية بحق الأطفال هي التي لا يتم الإبلاغ عنها والتي لا يتم عقاب من ارتكبها، وذلك بسبب خوف الأطفال من التحدث عنها.

وتضيف المنظمة في ان الأطفال الذين يتم الاعتداء عليهم لا يبلغون اهلهم خوفا من طردهم، والبعض الاخر يتخوف من تعرضهم للأذى من قبل هؤلاء العمال، أو فبعض الاحيان يتخوف الاهالي من الابلاغ عن تلك الحالات بسبب الخوف من طرد وكالات الاغاثة أو ربما تتوقف عن مساعدتهم، أو خوفا من الإهانة والعقاب من قبل مجتمعاتهم. ومن شأن ذلك أن يثبت أن هناك العديد من الحالات التي لم يتم الإبلاغ عنها.

وقد أوصت الجمعية البريطانية لإنقاذ الأطفال بثلاث توصيات تتم مناقشتها مع قوات مهام الأمم المتحدة حول حماية الأطفال من الاستغلال والاعتداء الجنسي وهي: وضع آلية شكاوى محلية فعالة من قبل الأمم المتحدة في البلاد التي توجد بها قوات دولية حتى يكون الأطفال أو آباؤهم قادرين على الإبلاغ عن مثل هذه الحالات وسن التشريعات من أجل اتخاذ القرارات اللازمة. وتأسيس نظام مراقبة دولية من أجل مراقبة وتقييم جهود الوكالات الدولية لمكافحة الاعتداءات الجنسية على الأطفال. وزيادة الاستثمار في مكافحة الأسباب الكامنة وراء الاعتداءات الجنسية، مثل دعم الإصلاحات القانونية والتعليم العام وزيادة الوعي، وتطوير أنظمة حماية الأطفال.

وقالت هيذر كير المديرة المحلية لمنظمة «أنقذوا الأطفال» في ساحل العاج إن بعض ضحايا عمليات الانتهاك الجنسي هم من الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم الـ6 أعوام. وأضافت، في تصريحات إذاعية، أن المنظمة سألت مئات الأطفال في هايتي وساحل العاج والكونغو، مؤكدة أن الأمر «لا يتعلق بممارسة الجنس مع أطفال قصر مقابل الطعام فحسب بل بحالات اغتصاب وصور إباحية لاطفال لا يتمتعون بالحماية الكافية لكونهم من اللاجئين أو الايتام أو أطفال الشوارع».

وأكدت المنظمة أنها أرسلت هذا التقرير إلى الامم المتحدة لبحث هذه الاتهامات ولكنها أشارت في الوقت نفسه إلى أن الاتهامات موجهة إلى «قلة من حماة السلام وعناصر منظمات الاغاثة ممن يسيئون استخدام سلطتهم لاستغلال أطفال لن يتحدثوا عما تعرضوا له». وقالت المنظمة إن اتهامات بالاعتداء الجنسي وجهت لثمانية من موظفيها عام 2007 وأنه تم فصل ثلاثة منهم بعد ثبوت الاتهامات. وأضافت أن الغالبية الكبرى من موظفي الاغاثة غير متورطين في أي فعل أو استغلال جنسي وأنه يتعين على المنظمات الإنسانية ومنظمات حفظ السلام مواجهة المشكلة و«علاجها تماما».

وفي الوقت نفسه أعلنت الأمم المتحدة أنها ستدرس التقرير لكن المتحدث باسم المنظمة الدولية نيك بيرنباك قالت لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بأنه يستحيل القضاء تماما على مثل هذه الحوادث في منظمة يبلغ عدد موظفيها زهاء 200 ألف موظف في أنحاء العالم. وأضاف: «إن كل ما في وسعنا أن نفعله هو توصيل رسالة مفادها عدم التسامح مثقال ذرة.. وهو يعني بالنسبة لنا عدم التهاون مطلقا عندما تثار اتهامات لها قدر من المصداقية.. وعدم السماح بأي قدر من الحصانة عندما يتبين لنا ارتكاب فعل محظور من جانب أي موظف». كما أوصت منظمة «انقذوا الأطفال» بأن تضع الأمم المتحدة أجهزة محلية لتلقي الشكاوى مما يسهل عملية الابلاغ عن مثل تلك الجرائم وأيضا زيادة الاستثمار في مجال معالجة الأسباب الكامنة وراء الاعتداءات الجنسية.