معضلة فلوريدا وميشيغان في الانتخابات الأميركية.. وإيجابيات وسلبيات احتساب أصواتهما

أسبوع واحد يفصل الحزب الديمقراطي عن انتهاء معركته الداخلية والصراع مستمر

TT

أسبوع واحد يفصل الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة عن انتهاء معركته الداخلية لتقرير مرشحه للانتخابات الرئاسية. ولايزال يتبقى على ثلاث ولايات ان تختار مرشحها، ومن المتوقع ان يصبح بعدها اسم مرشح الحزب معروفا. وعلى الرغم من تقدم المرشح باراك اوباما على هيلاري كلينتون بنحو 200 مندوب، الا ان كلينتون لاتزال تأمل بقلب النتيجة، وتراهن بذلك على اقناع الحزب الديمقراطي باحتساب اصوات ولايتي فلوريدا وميشيغان، الامل الوحيد المتبقي لها.

ويوم الاحد المقبل، تجري الانتخابات التمهيدية في بورتوريكو التي تعد 55 مندوبا. ويتوقع فوز كلينتون بسبب الروابط الوثيقة القائمة بين معقلها نيويورك وهذه الجزيرة الكبيرة. وبعد اسبوع واحد، يوم الثلاثاء في الثالث من يونيو، تجري الانتخابات الاخيرة في الولايتين الاقل سكانا في البلاد وهما مونتانا (شمال غرب) وداكوتا الجنوبية (شمال) وتعدان معا اقل من مليوني نسمة ولا ترسلان الى المؤتمر الديمقراطي المقرر عقده نهاية اغسطس (آب) في دنفر (كولورادو، غرب) سوى 31 مندوبا من اصل اربعة الاف مكلفين رسميا تعيين مرشح الحزب.

وبحسب العد العكسي الذي يصدره يوميا فريق حملته، فان 48 مندوبا فقط كانوا يفصلون اوباما الثلاثاء عن ضمان ترشيحه رسميا. وحتى لو كان اداؤه سيئا في الانتخابات الثلاث المتبقية، فسوف يكفيه ان يقنع 15 من «كبار المندوبين» الديمقراطيين باعلان دعمهم لهم رسميا حتى يحسم السباق رسميا.

وتوقع المعلق في شبكة «ايه بي سي» جورج ستيفانوبولوس المتحدث السابق باسم الرئيس بيل كلينتون الثلاثاء ان يؤيد «عشرات» من كبار المندوبين اوباما «فورا» بعد الثالث من يونيو (حزيران). حتى النائب عن اوهايو جو سيستاك الذي يعتبر من كبار مناصري كلينتون، اقر الثلاثاء بان «الحسابات غير واقعية الى حد ما بالنسبة لها»، قبل ان يضيف مستدركا ان احتمال فوزها «ليس مستبعدا كليا».

وقال سيستاك متحدثا لشبكة ام اس ان بي سي «لا ارى ان على المشاهدين ان يملوا عليها متى ينبغي ان تنسحب».

لكنه لم يخف تشاؤمه، اذ اضاف «الأصعب هو تحديد اللحظة التي يحسم فيها الامر، سواء كان الواحد منتصرا او مهزوما، وكل ما اقوله هو ان عليكم ان تدعوها تقرر التوقيت الافضل». ورفض سيستاك ان ينتقد مباشرة الذين اعلنوا منذ الان ان على كلينتون الانسحاب من السباق بعد الانتخابات التمهيدية الاخيرة الاسبوع المقبل ومنهم الرئيس السابق جيمي كارتر وهو من كبار المندوبين.

والان، وقبل اسبوع واحد على انتهاء الانتخابات التمهيدية التي لم تظهر نتائجها بشكل واضح تماما بعد، بدات المخاوف تنتاب بعض الديمقراطيين من أن الفشل في إعادة ولايتي ميشيغان وفلوريدا مجددا إلى الحظيرة، يمكن أن يثير المتاعب في الانتخابات العامة بغض النظر عن هوية من سيفوز بالترشيح.

وتعقد لجنة القواعد والقوانين التابعة للجنة القومية في الحزب الديمقراطي اجتماعا عاما يوم السبت المقبل، للتوصل إلى حل لكلا الولايتين. ومع تقدم أوباما على كلينتون بفارق أقل من 200 مندوب من مجموع اصوات 4049 مندوبا، فان صوت كل ولاية صار محوريا في تحديد فرص المرشحين. وبحلول 3 يونيو ستكون جميع الولايات الـ50 وبعض الاقاليم الاميركية الخارجية قد شاركت في الانتخابات الأولية. واذا لم تحتسب اصوات فلوريدا وميشيغان اللتين فازت بهما كلينتون، او لم تُعَد الانتخابات فيهما، فان اوباما سيكون الفائز.

وتعتبر فلوريدا وميشغان من أكبر الولايات المرجحة في الولايات المتحدة في الانتخابات الرئاسية. وتبدو هيلاري مصممة على الدفع حتى النهاية لاحتساب اصوات هاتين الولايتين واعادتهما الى السباق، وقالت في مؤتمر انتخابي في جنوب فلوريدا الاسبوع الماضي: «نعلم أن طريق الديمقراطيين إلى البيت الابيض يمر عبر فلوريدا وميتشغان. وإذا كنا مهتمين بالفوز في هاتين الولايتين في نوفمبر (تشرين الثاني) القادم فإننا بحاجة لفرز أصواتكم الآن».

وقد أصبح ايجاد حل لولايتي فلوريدا ميتشغان واحدا من آخر آمال هيلاري في كسب الترشيح الديمقراطي من اوباما. وتعمل السيدة الاولى السابقة بقوة على حشد التأييد لصالح فرز أصوات الولايتين. وفازت كلينتون في الولايتين بفارق كبير، لكن لم يسمح لأي من المرشحين بالقيام بحملة انتخابية فيهما بل إن اسم اوباما لم يرد حتى على اللوائح في ميتشغان. وقد رفضت حملة اوباما نتائج الانتخابين واقترحت تقسيم أصوات المندوبين بين المرشحين مناصفة.

وتستند هيلاري في حججها الداعية الى ضرورة احتساب الاصوات في الولايتين، الى ما حصل في العام 2000، حين فاز جورج بوش في فلوريدا ومن ثم الرئاسة على آل غور بفارق 537 صوتا متنازع عليها، وتحاول بذلك اقناع الحزب باهمية اصوات الولايتين بالنسبة الى الحزب الديمقراطي.

ومع احتدام عملية الترشيح واشتداد المنافسة بين هيلاري واوباما وتقاربها راحت المناقشات تدور داخل أروقة الحزب الديمقراطي حول إمكانية إعادة الانتخابات في كلا الولايتين في يونيو أو حتى يوليو (تموز). لكن الجدل تلاشي وسط خلافات حول هوية من سيسمح له بالتصويت في الاعادة ونوع السباق الذي يتعين إجراؤه.

وحتى لو تم لهيلاري ما تريد وتم الاعتراف بأصوات الولايتن، فان تقدم اوباما في أصوات المندوبين بشكل عام سيعني أن امام هيلاري معركة طاحنة للفوز بترشيح الحزب. لكن الفشل في الوصول إلى حل وسط الان يبدو انه يضر بفرص اوباما في الانتخابات العامة. فاستطلاعات الرأي المبكرة تظهر تخلف اوباما عن المرشح الجمهوري جون ماكين بفارق كبير في فلوريدا فيما تتقارب المسافة بينهما في ميشغان بينما تتقدم هيلاري بسهولة على ماكين في فلوريدا. ويحاول اوباما إصلاح هذا الضرر، اذ قام طوال الاسبوعين الماضيين بتظيم حملة انتخابية في فلوريدا لاول مرة هذا العام، كما القى خطابات تناولت شؤون السياسة الخارجية أمام الجالية الاميركية من اصل كوبي فيها، فضلا عن جماعات يهودية.

الا ان احتساب الاصوات الان، او اعادة الانتخابات في هاتين الولايتين، قد يطيل السباق اكثر بين الديمقراطيين، ويجعل الحزب يخسر نقاطا اضافية في السباق الى البيت الابيض ويلهيه عن الهدف الرئيسي. ففي الوقت الذي كان يجب ان تبدأ معركة الحزب الديمقراطي مع الحزب الجمهوري، لايزال مشغولا بمعركته الداخلية، والمستفيد الاكبر هو الحزب الجمهوري.