الحكومة الكويتية «إعلان حرب» على السلفيين والمحافظين

النواب بدأوا يستعدون لمعركة استجوابات لخصومهم لا تنتهي إلا بمغادرتهم

TT

ربما يكون قدر الحكومات التي يرأسها الشيخ ناصر المحمد ألا تستقر سياسيا، إذ فيما كان يؤدي وزراء حكومته الرابعة قسمهم أمس أمام أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، بدأ عدد من النواب بسن سكاكينهم، بهدف نحر خصومهم سياسيا، والتصعيد ضدهم، وملاحقتهم بالتهديد والأسئلة والاستجوابات، لحين خروجهم من الباب الوزراء الذي دخلوا منه.

وفي المعسكر الثاني، رأى مراقبون أن طبيعة الأسماء الداخلة في التشكيلة الوزارية، تحمل بين طياتها صيغة «إعلان حرب» على القوى المحافظة والسلفية في الكويت، خاصة بعد أن تألف البرلمان الجديد من 16 نائبا ينتمون إليها على الأقل، من أصل 50 نائبا، في إشارة إلى أن الحكومة، مقدمة على البرهنة بأنها هي صاحبة الكلمة الفصل، وهي القوة الأقوى في البرلمان، ولن ترهبها التصعيدات النيابية، مهما علت أصوات أصحابها.

وأتى إعلان أعضاء الحكومة الجديدة، بعد تسريبات راجت في الشارع الكويتي، عن طبيعة الأسماء المشاركة فيها، وتمكنت الحكومة من رصد بالونات الاختبار هذه لتحديد مدى قبول الشارع لها، وحجم معارضتها من النواب، وهو ما تلخص حتى أمس بموقفين من اسمين فقط، الأول كان للدكتورة موضي الحمود، والثاني للوزير فاضل صفر، فيما سبق أن أبدى عدد من النواب تحفظات مختلفة على عدد من الأسماء فقطعت عليها الطريق، واستبعدتها من التشكيلة النهائية.

فقد أبدى النواب السلفيون تحفظا أمس على لسان زعيمهم بالبرلمان خالد سلطان بن عيسى، الذي احتجاج على توزير امرأتين، الأولى في التربية والثانية في التنمية الإدارية، ومتى ما علمنا أن كلتا المرأتين غير محجبتين، فإن العجب سيزول، وبالإمكان حينها معرفة سر الهجمة السلفية على الوزيرتين نورية الصبيح والدكتورة في علم الإدارة موضي الحمود.

وقال خالد سلطان إن توزير الدكتورة الليبرالية موضي الحمود يحمل في طياته «بذرة تأزيم بين المجلس والحكومة»، فالبرلمان وفقا له أتى «بروح التعاون مع الحكومة، ولكن من الواضح أن هناك عناصر بالحكومة، قد تسب مشاكل وتكون بذورا لهذه المشاكل، وقد أتى تكليف وزير التنمية في اتجاه مغاير مع تشكيلة المجلس، والتي يغلب عليها النواب الإسلاميون».

أما النائب السلفي محمد هايف المطيري فشن هجومين في اتجاهين مختلفين، الأول جاء بمطالبته زملاءه النواب بالانسحاب من جلسة أداء الحكومة اليمين الدستورية المقرر عقدها في البرلمان الأحد المقبل، للتعبير عن الاحتجاج على «حكومة يغلب عليها الطابع التأزيمي، ولوجود امرأتين تخالفان قانون الانتخاب»، كون الوزيرتين المعنيتين بالتصريح غير محجبات.

أما الهجوم الآخر، فجاء مذهبيا معاكسا، إذ سبق أن حذر من إشراك عضو المجلس البلدي فاضل صفر في التشكيلة الحكومية، إلا أن القائمة الأخيرة ضمته وزيرا للبلدية والأشغال، وكان المطيري قد حذر رئيس الحكومة منتصف الأسبوع «من توزير أحد الأشخاص الذين يشتبه في انتمائهم لحزب الله المحظور، والتي لا تزال قضيته في أمن الدولة، ومنظورة في محكمة الجنايات».

وسياسيا، فُسرت خطوة إشراك صفر، بأنها محاولة لإرضاء النواب الشيعة، ورد اعتبارهم بعد أن لطخ خصومهم سمعتهم، وألبوا عليهم الشارع الكويتي، على خلفية مشاركتهم في تأبين القيادي في حزب الله عماد مغنية، والتي اعتقل الوزير الحالي صفر بسببها مدة خمسة أيام في السجن على ذمة التحقيق، واقتيد معه عدد من السياسيين الكويتيين الشيعة، أبرزهم النائبان الحاليان عدنان عبد الصمد وأحمد لاري، والسابقان عبد المحسن جمال وناصر صرخوه، الذين اتهمتهم النيابة العامة بانتمائهم لحزب الله.

وسبق أن استقال من حكومات الشيخ ناصر المحمد الثلاث السابقة، 5 وزراء، بداعي تقديم طلبات لاستجوابهم في البرلمان، وثلاثة وزراء آخرين لخوضهم الانتخابات النيابية، إلى جانب استقالة وزير الإعلام الأسبق أنس الرشيد نظرا لتوجه الحكومة لتقديم تعديلات على الدستور في أبريل (نيسان) 2006، وإقالة الوزير عبد الله المعتوق في أكتوبر الماضي.

كما قدم النواب أحمد المليفي وأحد السعدون وفيصل المسلم في مايو (أيار) 2006 طلبا نيابيا بعدم التعاون مع رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، كان الأول من نوعه في تاريخ الكويت السياسي، على خلفية تخبط الحكومة في تعاطيها مع ملف تعديل الدوائر الانتخابية، وهو ما حدا بأمير البلاد الشيخ صباح الأحمد إلى حل البرلمان في الشهر ذاته، والدعوة لعقد انتخابات مبكرة أجريت في يونيو (حزيران) من العام 2006، وحققت فيها المعارضة فوزا ملموسا على حساب المرشحين المقربين من الحكومة.

وشهدت حكومة الشيخ ناصر المحمد الثالثة والتي تشكلت في مارس (آذار) 2007، تعديلا موسعا في أكتوبر2007، ثم قدمت لاحقا طلبا إلى أمير البلاد بعدم التعاون مع البرلمان، بعد استقالة وزرائها نظرا لعدم تعاون البرلمان معهم و«تنامي ظواهر المساس بالوحدة الوطنية، والتجاذب والتأزيم، وتجاوز الأصول البرلمانية»، كما جاء خطاب الاستقالة، الأمر الذي دفع الشيخ صباح الأحمد إلى حل البرلمان، والدعوة لانتخابات مبكرة عقدت السبت الماضي، بعد أقل من عامين من عمر البرلمان الذي تشكل في يونيو (حزيران) 2006.