إسرائيل تسير بخطى حثيثة إلى عهد «ما بعد أولمرت»

بعد الرسالة الدرامية التي أطلقها باراك

TT

في أعقاب البيان الدرامي من وزير الدفاع الاسرائيلي، ايهود باراك أمس، الذي قال فيه إن رئيس حكومته ايهود أولمرت لا يستطيع أداء وظيفته كقائد أول وهو مشغول في ادارة التحقيقات ضده، أصبحت الساحة السياسة الاسرائيلية في حالة غليان. وبدا ان اسرائيل تخطو بقفزات عريضة نحو عهد «ما بعد أولمرت». واعترف، حتى المقربون منه بأنه لن يستطيع بعد الاستمرار في الحكم.

وكان باراك قد تعرض لضغوط شديدة من داخل حزبه وخارجه، لإعطاء موقف يتلاءم والتطورات الجديدة التي ظهر فيها بوضوح ان رئيس وزرائه متورط في قضية فساد. وطالبوه بموقف رسمي من هذه التطورات، وإلا فإنه سيظهر شريكا في الفساد وأن من أسقط أولمرت جماهيريا سوف يسقطه. وراح عدد من أقطاب حزب العمل يحذرونه من تدمير صورة الحزب أمام الجمهور ويهددونه بالتمرد عليه إذا لم يتخذ موقفا حازما.

ورضخ باراك، أمس، فعقد مؤتمرا صحافيا طالب فيه أولمرت بالانقطاع عن العمل. وقال ان هذا الانقطاع يكون بالخروج الى عطلة طويلة أو بفرض الاعتزال المؤقت في البيت أو بتجميد وظيفته كرئيس للحكومة أو بالاستقالة. وأضاف باراك انه وحزبه لن يتدخلا في قرار أولمرت بل يتركان هذه المسألة لحزب «كديما»، وان حزب العمل سيحترم أي قرار يتخذه الحزب حول البديل عن أولمرت وسيمد يده للتعاون معه في الاستمرار في الحكم. ولكن، إذا امتنع أولمرت وحزب «كديما» عن ذلك، فإن حزب العمل سيبادر الى تبكير موعد الانتخابات العامة بالاتفاق مع بقية الأحزاب في الكنيست. ووقع هذا الاعلان كالانفجار في الحلبة الحزبية الاسرائيلية. وظهر من ردود الفعل عليه ان معركة الانتخابات قد بدأت للتو. ففي اليمين واليسار هاجموه واعتبروه مراوغا. فقال الليكود ان هذه مناورة من باراك للتهرب من الانتخابات يجعل السياسة في اسرائيل مسخرة ـ «فمن الواضح ان الجمهور لا يريد استمرار القيادة الحالية وباراك يسعى لتثبيتها بأي ثمن». ودعوا الى التفاهم حول موعد لتبكير موعد الانتخابات. وقال النائب يسرائيل كاتس من الليكود: ان على أولمرت أن يستقيل فورا.

وجاء في بيان لحزب ميرتس اليساري ان باراك حاول دفع ضريبة كلامية لا أكثر، فإن كان صادقا في محاربة الفساد عليه أن يضع جدولا زمنيا واضحا يهدد فيه حزب «كديما»: إذا لم تغيروا أولمرت، فإننا سنجبره على الاستقالة بواسطة الانسحاب من الحكومة.

وخرج وزيران من حزب العمل يطالبان أولمرت بإعلان استقالته حتى ينقذ اسرائيل من الدخول الى أزمة ثقة اقليمية وعالمية. وحاول عدد من المقربين من أولمرت في حزبه «كديما»، الدفاع عنه، فقالت النائبة رونيت تيروش ان «القيادة الاسرائيلية فقدت عقلها وأعطت لأعدائها أقوى سلاح للاستخفاف بها وبنظامها وهذا يشكل تهديدا للحصانة القومية الاسرائيلية». وتساءلت: «لماذا أنتم متعجلون من أمركم، فهناك تحقيق يدل على ان اسرائيل دولة نموذجية في الديمقراطية، دعوا الشرطة تنهي هذا التحقيق. فقد أعلن أولمرت انه سيستقيل من رئاسة الوزراء إذا وجهت ضده لائحة اتهام. فتعالوا ننتظر قرار النيابة أولا». وقال النائب عتانئيل شنيللر: إن الصحافة والسياسيين الضعفاء في اسرائيل يجعلون من التحقيق البوليسي محاكمة جماهيرية لأولمرت، وهذا عار على الدولة العبرية. وتساءل: ماذا ستفعلون غدا إذا انتهى التحقيق من دون لائحة اتهام؟.

وخرج المستشار الاعلامي لأولمرت، طال زلبرشتاين، الذي شغل في الماضي مستشارا لباراك نفسه وهو رئيس حكومة (1999 - 2001)، بهجوم شديد على باراك نفسه وقال انه، أي باراك، هو آخر من يحق له الحديث عن عار تسلم المساعدات بالدولارات النقدية. وعندما قال ان ما سمعه من رجل الأعمال الأميركي، موريس تالنسكي، في المحكمة أول أمس عن الفساد، أصيب بالهلع، قال زلبرشتاين، كان على باراك أن ينظر الى نفسه في المرآة أولا. فلكل سياسي في اسرائيل يوجد تالنسكي خاص به. وشهد الكنيست الاسرائيلي أمس سلسلة اقتراحات وبيانات تشير الى مبادرت لتبكير موعد الانتخابات. وقال النائب أوفير بنيس، الذي يفاوض على ترك حزب العمل وترؤس حزب الخضر الجديد، انه يقدر تبكير موعد الانتخابات العامة الى الصيف القريب.