العاهل الأردني: منطقتنا تقع في خط النار أمام الآيديولوجيات المتطرفة

اعتبر أن السلام لن يتحقق إلا بالعدالة للفلسطينيين والأمن للإسرائيليين

تصفيق حار للعاهل الاردني الملك عبد الله الثاني بعد خطابه الذي ألقاه عقب تسلمه شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة اكسفورد أمس، ويظهر في خلف الصورة عميد جامعة اكسفورد اللورد باتن اوف بارنز (تصوير: حاتم عويضة)
TT

قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، إن تاريخ 5 يونيو (حزيران) الذي يصادف اليوم، يشكل بالنسبة للفلسطينيين بداية41 عاماً من العنف، والمستوطنات التوسعية، والاقتصاد المشلول، والقيود القاسية المتنامية والمفروضة على حياة الناس. ويمثل لإسرائيل،41 عاماً من النزاع المتواصل.

جاء ذلك في كلمة القاها في جامعة اكسفورد البريطانية امس خلال تسلمه شهادة الدكتوراه الفخرية في القانون المدني التي تمنحها الجامعة لكبار قادة الدول والشخصيات العالمية ممن لهم إسهامات بارزة في مسيرة البشرية.

وتطرق الملك عبد الله الى سنواته في هذه الجامعة الشهيرة بقوله «إنها لتجربةٌ رائعة أن أنضم إليكم. وفي هذا اليوم، فهناك تجربة واحدة لي في أوكسفورد تضاهي هذه اللحظة والمتمثلة في تلك المشاعر التي غمرتني في أحد أيام عام 1982 عندما التحقت بالجامعة، وانضممت إلى هذا التجمّع المميز من الزملاء وأهل العلم والمعرفة».

وأضاف «يسرني اليوم كذلك أن أحظى بقبول شرف تكريمكم لي على يدي واحدٍ من أبرز دعاة الحوار العالمي، صديقي كريس باتن».

وذكر الملك عبد الله الثاني بأن اسرائيل لا تزال «بعد ستين عاماً من تأسيسها، لا تحظى بالاعتراف من قِبَل 57 دولة تشكّل ثلث الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بسكانها الذين يصل تعدادهم إلى أكثر من سكان أوروبا والولايات المتحدة مجتمعين».

وأكد أن «إنهاء الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي لن يتأتى إلا من خلال تحقيق العدالة وبناء مستقبل للفلسطينيين في دولة مستقلة ذات سيادة. أما للإسرائيليين، فهو يتلخص في الاعتراف بهم وبتحقيق الأمن الذي لا يمكن الوصول إليه من خلال اتباع سياسة الانعزال والجدران والتمترس خلف القوة العسكرية».

وشدد الملك عبد الله الثاني على أن «الاعتدال، لا التطّرف، هو الذي يمهّد الطريق أمام ذلك المستقبل، وذلك من خلال تعزيز التعايش والتعاون بكل ما يوفره هذا الأمر من مكاسب، مبينا أن هذا الطريق هو الأساس لمنطقة الشرق الأوسط، لكن تحقيقه يتطلّب العمل معاً لخلق الحيّز الاستراتيجي الذي يمكن للسلام والتقدّم أن ينموا فيه».

وتحدث العاهل الأردني عن «الحاجة الملحّة لفهم الخطر الذي يواجه الشرق الأوسط وكيفية التصدي له». وقال «أود كذلك أن أتحدث عن الحاجة إلى الحيلولة دون وقوع كارثة عالمية من خلال تجنب وقوع كارثة إقليمية، وأيضا عن الفرصة لجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة تسهم في استقرار العالم، لا أن تكون مصدراً للأزمات التي يمتد تأثيرها على كل ما حولها».

وأضاف «غدت الحروب بالنسبة لمعظم البلدان المتقدمة اليوم شيئاً من الماضي، ولكنها تظلّ بالنسبة لبلدان الشرق الأوسط شيئاً ثابتاً. فمنطقتنا تقع في خط النار أمام الآيديولوجيات المتطرفة التي تسعى إلى إحلال الفرقة كي تسيطر وتسود. أما استراتيجيتها فتقوم على الترويج للتصادم، وتحطيم الاعتدال، وقطع التعاون مع الغرب. وهذه الأقلية من المتطرفين عملت على إحداث نزاعات تنتشر حالياً بسرعة غير مسبوقة».

وتابع القول «اليوم يضم المجتمع الأوروبي تحت جناحيه 27 بلداً و500 مليون نسمة... ينتمون إلى ست ديانات يُعتبر الإسلام فيها الدين الثاني من حيث عدد المؤمنين به. وهؤلاء جميعاً يشكّلون مجتمعاً متنوعاً، يتعاون، في ظل حكم القانون من أجل المصلحة المشتركة».

وشدد على «إن الاعتدال، لا التطّرف، هو الذي يمهّد الطريق أمام ذلك المستقبل وذلك من خلال تعزيز التعايش والتعاون بكل ما يوفره هذا الأمر من مكاسب. وأنا أعتقد أن هذا الطريق هو الأساس لمنطقة الشرق الأوسط، لكن تحقيقه يتطلّب أن نعمل معاً ـ بجرأة، وبفاعلية ـ لخلق الحيّز الاستراتيجي الذي يمكن للسلام والتقدّم أن ينموا فيه».

وبالنسبة للشباب في منطقة الشرق الأوسط، قال العاهل الأردني انه «ليس هناك ما هو أهم من هذا الأمر بتعدادهم الذي يصل إلى مائتي مليون مشكلين بذلك أكبر التجمّعات الشبابية في تاريخنا وأسرعها نموّاً. إن لهؤلاء الشباب ألف طريقة مختلفة ينظرون بها إلى كل ما يمكن لهذا القرن أن يقدّمه من أمل... وهم على أتم الاستعداد للمشاركة في هذا الأمل. ومع ذلك، فإن معظم بلداننا ما زالت تتلمّس طريقها للخروج من دائرة الفقر. فحتى في هذا الجيل الذي نشأ في ظل ثورة الاتصالات الإلكترونية، ما زالت نسبة الأمية عالية بدرجة غير مقبولة، وخاصة بين النساء. ويواجه شبابنا كذلك بعضاً من أعلى نسب البطالة في العالم وأكثرها سوءاً».