الأميركيون نقلوا لباريس نبأ إلقاء القبض على المسؤول الثاني في التنظيم العسكري لحزب الله

مصادر فرنسية رفيعة: استعجال التطبيع مع سورية لا يخلو من مخاطر

TT

أكدت مصادر فرنسية أن طهران «نسجت شبكة عنكبوت» من العلاقات والنفوذ في الشرق الأوسط تسخرها لمصالحها. ونقلت هذه المصادر معلومات حصلت عليها من مسؤولين عسكريين أميركيين في العراق مؤخرا تفيد أن القوات الأميركية ـ العراقية ألقت القبض في مدينة الصدر على الرجل الثاني في التنظيم العسكري لحزب الله الذي يتولى تدريب قوات النخبة في جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر. من جهة أخرى، تتوجه الدولة الفرنسية حكومة ومعارضة الى لبنان صباح السبت المقبل في بادرة نادرة غرضها كما قال مصدر وزاري رفيع «إظهار دعم فرنسا للبنان وتمسكها بهذا البلد وهو هدف يتخطى الأحزاب والانقسامات السياسية» الفرنسية الداخلية. ويرافق الرئيس ساركوزي، وهو أول رئيس أجنبي يزور بيروت منذ انتخاب الرئيس ميشال سليمان، رئيس حكومته فرنسوا فيون ووزراء الخارجية والدفاع والداخلية وعدد كبير من المستشارين. والأهم من ذلك أن ساركوزي يصطحب في زيارة ستدوم بضع ساعات قادة الأحزاب المعارضة الرئيسية إذ سيرافقه زعيم الحزب الاشتراكي، فرنسوا فيون، ورئيسة الحزب الشيوعي، ماري جورج بوفيه، ورئيس الحركة الديموقراطية فرنسوا بيرو. بالإضافة الى ذلك، يرافق ساركوزي سكرتير حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية (الحزب اليميني الحاكم) باتريك دفيدجيان ونائب الرئيس، رئيس الوزراء السابق جان بيار رافاران ورئيس مجموعة الحزب في البرلمان جان فرنسوا كوبيه وشخصيات بارزة من المجتمع المدني وأصدقاء للبنان. وتبدي باريس رسميا ارتياحها للتطورات الإيجابية في الأزمة اللبنانية وأبرزها اتفاق الدوحة وانتخاب العماد سليمان و«ابتعاد شبح الحرب الأهلية». غير أن مصادر فرنسية رفيعة تعتبر أن «الوضع ما زال هشا» وأن «التأثيرات الخارجية على الوضع اللبناني ما زالت على قوتها» مشددة على أهمية أن يعود اللبنانيون «اليوم وقبل الغد الى طاولة الحوار» وعلى ضرورة «تفعيل المجتمع المدني» درءا للعودة الى الوراء. وتشدد باريس على أهمية تنفيذ كامل بنود اتفاق الدوحة وإتمام البحث في القضايا العالقة ومنها علاقة الدولة بالمنظمات وسلاح حزب الله وما شابه.

وإزاء التساؤلات التي طرحت فرنسيا ولبنانيا حول «استعجال» باريس معاودة الاتصال بسورية على أرفع مستوى، وهو ما تمثل بالاتصال الهاتفي للرئيس ساركوزي بنظيره السوري بشار الأسد الأسبوع الماضي، قالت المصادر الرسمية إن فرنسا «عجلت لمصلحة لبنان». غير أن هذه المصادر رأت أنه «حصل تسرع» في معاودة تطبيع العلاقة مع سورية على أعلى المستويات وأنه «كان من الأفضل انتظار بعض الوقت حتى يمكن التحقق من السلوك السوري في لبنان ومن ذلك تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة». وتساءلت هذه المصادر: « ما الفائدة من الاستعجال وما كان سيتغير إن انتظرنا عدة أيام أو عدة اسابيع؟» وأردفت: «نعم هناك مخاطرة في الاستعجال في التطبيع» مع سورية.

وفي هذا السياق، قالت هذه المصادر إن الرئيس الأسد قال للرئيس ساركوزي إنه «سيحضر» القمة المتوسطية في 13 يوليو (تموز) المقبل. غير أن باريس ما زالت كما تقول مصادرها «غير متأكدة» من حضور الأسد لأسباب أبرزها وجود إيهود أولمرت على نفس الطاولة. لكن باريس لا تستبعد «مفاجأة» سورية خصوصا أنها ترى أن ثمة أسبابا عديدة من شأنها دفع الأسد للمجيء منها إخراج بلاده من العزلة الديبلوماسية وإبراز حضورها على المسرح الدولي وتجميع أوراق سياسية يمكن استخدامها لاحقا والاستقواء بوجه الولايات المتحدة الأميركية والاستفادة من أجواء المفاوضات السورية ـ الإسرائيلية غير المباشرة. وتستبعد هذه المصادر زيارة سريعة للرئيس ساركوزي الى دمشق في القريب العاجل. ولكن بالمقابل، ينوي أمين عام الرئاسة كلود غيان والمستشار الديلوماسي لساركوزي جان دافيد لافيت زيارة دمشق بطلب من الرئيس الفرنسي في موعد قريب. غير أن المصادر الفرنسية اشارت الى أنه «لم تحدد لهما بعد مواعيد» في العاصمة السورية.

وبموازاة ذلك، سيأتي وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى باريس أوائل الشهر القادم في إطار الإجتماع التحضيري للقمة المتوسطية. وتربط باريس بين «إراحة» الوضع في لبنان ونجاح الوساطة العربية وبين جملة عوامل داخلية وإقليمية منها شعور الأطراف الداخلية والخارجية بمخاطر الحرب الأهلية والنتائج المترتبة على اجتياح حزب الله لبيروت الغربية «حيث ما لم يكن ممكنا قبل الاجتياح أصبح ممكنا بعده». غير أنه بنظر المصادر الفرنسية، ثمة عامل سوري «داخلي» هو «استعادة الرئيس الأسد الملف اللبناني وإقصاء العميد آصف شوكت عنه وإعطاء توجيهات لأطراف المعارضة بتسهيل الحل»، إضافة الى «استرخاء إقليمي» أهم معالمه المفاوضات السورية ـ الإسرائيلية. وتلفت هذه المصادر الإنتباه الى أن الكشف عن المفاوضات جاء في وقت واحد من دمشق وتل أبيب واستئناف التفاوض بعد اسبوع واحد من الكشف عن حصولها.

وكشفت المصادر الفرنسة أن أطراف 14 مارس (آذار) وبعض الأطراف الإقليمية «المعتدلة» طلبت من فرنسا «الصمود» بوجه المعارضة والمحور السوري ـ الإيراني. ولكن بعد اقتحام بيروت «تغيرت المعطيات وتبين أن لا بديل عن الحل».