مفتي السعودية: الحوار بين البشر من ضروريات الحياة والخلاف بين الناس أمر موجود في طبائعهم وأخلاقهم

TT

أكد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، مفتي عام المملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، في كلمته التي القاها امام مؤتمر الحوار الاسلامي، أن «مما يسر المسلم اجتماع فئة من إخوتنا في الله تربطهم رابطة الدين والعقيدة تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز»، وبين أن هذا الاجتماع «أهميته تدارس هؤلاء النخبة من علماء المسلمين ومفكريهم من أقطار العالم الإسلامي وغيره ليجتمعوا للتفاهم حول موضوع يهم حياتهم ألا وهو الحوار»، داعيا الله «أن يجعل في هذا اللقاء المبارك سببا لارتباط القلوب واجتماع الكلمة ووحدة الصف وثبات المواقف في ما يعود على الأمة بالخير في دينها ودنياها»، وقال «إن الحوار بين البشر من ضروريات الحياة وهو وسيلة للتعارف والتعايش وتبادل المصالح بين الأمة، وإن الخلاف بين الناس أمر موجود في طبائعهم وأخلاقهم وهم متفاوتون في ألسنتهم وألوانهم وطبائعهم وعقولهم سنة كونية وإن اختلاف الناس في آرائهم ومعتقداتهم قضية أقرها القرآن».

وبين أن «الله تعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم برسالة كافة لجميع الخلق وختم به الرسالات، عقيدته وشريعته الدعوة إلى إخلاص الدين لله وتوحيد الله في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته وهي عقيدة جميع المرسلين قبلهم». وأكد أن أصول شرائع الأنبياء واحدة أوحى الله بها إليهم ودعا سابقهم لاحقهم إليها والأنبياء دينهم واحد.

وأوضح أن أهمية الحوار في الإسلام تنبع من خلال تقييم الإسلام لهذا الحوار ودعوته إليه للنهوض بالشعوب والأمم ولا سيما في الدعوة إلى الله وأن الحوار طبيعة البشر، وقال «من هنا انطلق محمد صلى الله عليه وسلم في حواره مع قومه في دعوته إلى الله وإخلاص الدين لله ونبذ الشرك بجميع صوره، وربنا جل وعلا أخبرنا عن حوار الرسل مع أممهم منذ نوح وإبراهيم وهود وصالح وشعيب وموسى عليهم السلام.. أخبر ربنا عن هذا الحوار بين الرسل وأممهم ولقد سخر الأنبياء والرسل هذا الحوار للدعوة إلى توحيد الله والدعوة إلى أمهات الأخلاق وفضائل الأعمال والنهي عن أمهات الرذائل والخطايا».

وأضاف آل الشيخ «أمة الإسلام نحن في قرن قوي فيه الاتصال، مما أدى إلى ضرورة التحاور والتواصل بين البشر، فهو الأصل والتلاقي والتدافع الفكري، فيجب على عالمنا الإسلامي أن يستقبله بحزم وأن يتعامل معه بإيجابيات واستغلال في الدعوة إلى الإسلام وتبين فضائله والسعي في ما ينقذ العالم من الانهيار والفساد والانحراف والتفكك الأسري وغيره من جرائم العصر».

وواصل القول «أيها الإخوة الكرام إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم على حين فترة من الرسل وفي الأرض صراع شديد قائم بين أتباع الديانات كلها، كل أهل دين إذا ظفر بالآخر استحل دمه وقتل الأبرياء فجاءت شريعة الإسلام شريعة الرحمة والإنسانية، جاء محمد صلى الله عليه وسلم فألقى بظلاله الوافرة على أهل الأرض وحفظ كرامة الإنسان وحفظ له حقوقه ووسع عدله الجميع مؤمنهم وكافرهم، من اتبع هذه الشريعة فاز برضوان الله ونجا من غضبه ومن أعرض عنها عاش تحت ظل عدالة الإسلام محفوظ له دمه وماله وعرضه في كفالة الإسلام».

وأكد مفتي عام المملكة أن للحوار أهدافا من أعظمها الدعوة إلى الله التي أمرنا الله بها وأمر بها جميع رسله، ومحمد صلى الله عليه وسلم دعا إلى الله وأرسل كتبا إلى ملوك الأرض قاطبة يدعوهم إلى توحيد الله وإخلاص الدين له أنه استجابة لأمر الله فقد أمره الله بحوار وجدال أهل الكتاب بالتي هي أحسن، وأضاف «إن من أهداف الحوار أيضا هو أن نزيل كل الشبه التي ألصقت بالإسلام واتهم بها، والإسلام منها براء، قالوا عن الإسلام إنه دين إرهاب، وقالوا عنه إنه دين عنف وينتهك حقوق الإنسان، كل ذلك من المغالطات فالإسلام دين الرحمة واللين والتسامح وحب الخير احترم الحقوق للصغير والكبير والغني والفقير، احترم حقوق الإنسان، بل احترم حق الحيوان.. وجاء بما يحمي البيئة ويؤمن مصالح الناس في حاضرهم ومستقبلهم. إن كثيرا من الإعلام الجائر سد الناس عن الإسلام أو اخرج لهم بصورة مشوهة فمن هنا صار الحوار فرصة لنشر مبادئ الإسلام الكريمة».

وتابع «إخوة الإسلام إن للحوار ضوابط، لا بد أن نضبط الحوار بهذه الضوابط، نحن امة خير، امة أخرجت للناس، يقول الله جل وعلا «كنتم خير أمة أخرجت للناس»، ويقول جل وعلا «ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير»، دين عمل الأخلاق والفضائل وما يخلص الشعوب من كل الظلم والعدوان لكن يجب أن نبين لهم محاسن هذا الدين وفضائله وليكن الحوار بأدب واحترام ولين الجانب».

وأضاف «إن عالمنا الإسلامي يا خادم الحرمين الشريفين تتعلق آماله بعد الله بكم ليرى فيكم القوة والنشاط بالسعي لجمع كلمة المسلمين وتوحيد صفوفهم ونبذ شعثهم وتخليصهم من كل ما يعانونه من هذه المصائب والبلايا، ونشكركم على سعيكم في الإصلاح بين الأمم وتخليص الناس من ويلات الحروب والظلم والعدوان، إن أمة الإسلام تعلق بالله ثم بكم آمالها فسيروا بها على بركة الله وعلى خير وآمال وخلصوها من كل ظلم وعدوان واسعوا إلى تقريب القلوب وجمع الكلمة وتوحيد الصف وبيان فضائل الإسلام وأخلاقه العالية التي إذا فهمها الجميع فسيرون فيها كل خير وصلاح إنه الدين الذي أكمله الله وارتضاه وأتم به النعمة».