طنطاوي يلقي كلمة العلماء المشاركين والتركي يعتبر المؤتمر فرصة تاريخية

TT

ألقى كلمة الوفود المشاركة الشيخ الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر، رفع فيها باسمه ونيابة عن العلماء المشاركين في المؤتمر، خالص الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، راعي المؤتمر سائلا الله تعالى أن يديم على خادم الحرمين الشريفين الصحة والعافية والسداد والتوفيق في القول والعمل، موضحاً أن هذا المؤتمر الإسلامي العالمي، الذي يرعاه خادم الحرمين الشريفين، هو وسيلة جديدة لتوثيق روابط التعاون بين أبناء الأمة الإسلامية.. مؤكداً أن الحوار سنة من سنن الله في خلقه، لأن الإنسان لا يستطيع أن يعيش منفردا عن غيره في هذه الحياة، لا سيما في هذا العصر الذي أصبح العالم فيه كله مدينة واحدة، والحوار متى كان قائما على الطيب من القول، وعلى النيات الحسنة، وعلى المقاصد الشريفة كانت نتائجه كريمة وكان خير وسيلة للوصول إلى الحقيقة، وإلى تقليل الخلافات بين الناس، والذي يتدبر القرآن الكريم، يراه زاخرا بأنواع متعددة من حوارات الرسل مع أقوامهم.

بعد ذلك ألقى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، كلمة رفع فيها باسم رابطة العالم الإسلامي، التي تمثل الشعوب والأقليات الإسلامية، شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين الملكِ عبدِ الله بنِ عبدِ العزيز، على الجهود الكبيرة التي يبذلها في خدمة الإسلام والمسلمين، وبخاصة عنايتُه المتميزةُ في خدمة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وتذليلُ أيِة عقبة أمام الحجاج والمعتمرين وما يقدم من دعم لرابطة العالم الإسلامي ومختلفِ الهيئات والمنظمات الإسلامية، وذلك سيراً على النهج الذي رسمه المؤسس الملك عبد ُالعزيزِ آل سعود رحمه الله، وسار عليه أبناؤه من بعده جميعاً، حتى تسلم الراية الملك عبد الله بن عبدِ العزيز فجعل همَّه الأكبرَ خدمةَ المسلمين بل خدمةَ الإنسانيةِ كلِها.

وعد المؤتمر فرصة تاريخية يجتمع فيها علماء المسلمين وقادةُ الرأي فيهم، من مختلف أنحاء العالم بجوار الكعبة المشرفة، أقدسِ بقعةٍ في المعمورة.

وقال «لقد أدرك خادم الحرمين الشريفين، ما تعيشه البشريةُ اليوم من أزمات، وما يكتنف الأسرةَ من تفكك وفوضى، وما يعيشه البشرُ من بعد عن هدي خالقهم وأهميةَ الحوارِ والتفاهمِ والتعاونِ فيما يجتمع عليه أتباعُ الرسالاتِ الإلهيةِ والحضاراتِ والثقافات من قيم ومبادئ أخلاقية، مما يخفف من الصراع العالمي، ويعيدُ للأسرة مكانتَها الاجتماعية، ويعمقُ قيمَ العدلِ والتعاون والتسامح والوسطية في حياة الناس».

وأشار إلى أنه سيتم خلال المؤتمر تدارس المسلمين سبل الحوار مع غيرهم، من أجل الاتفاقِ على رؤية شرعية، مبينا أن الإسلام رسالة موجهةٌ للناس كافة اشتملت على أرقى ما عرفه العقل البشريُ من القيم والمبادئ المثلى، المهيأةِ لعمارة الأرض بمجتمع إنساني متوائم.

وأضاف الدكتور التركي، أنه حينما تستنير أمة الإسلام بقيم الإسلام وأحكامه تنفتح بثقافتها على الغير، وتملكُ القدرةَ على الحوار مع أتباع الرسالات الإلهية، حيث أن الحوار وسيلة تستمد مشروعيتَها، وأهميتَها من مشروعية ما تهدف إليه من خير وصلاح، وهو منهج قرآني أصيل وممارسة نبوية وثقافة راسخة في ذاكرة الأمة، اصطبغت بها العلاقةُ بين المسلمين وغيرهم منذُ فجر الإسلام وعبرَ تاريخِه الحضاري الطويل وتراثِه المتجدد انطلاقا من سماحة الإسلام وجوهرِ الشريعة الإسلامية، التي يستمد منها المسلمون نهجَهم.

وبين أن من وسائل الدفاع عن الإسلام في هذا العصر وإبرازِ قيمته وحضارته في خضم التداخل الثقافي وتقدمِ تقنية المعلومات، أن يمد المسلمون جسور الحوار مع غيرهم لا سيما، وأن عالمية الرسالةِ الخاتمةِ ومسؤوليةَ التعريفِ بها تقتضي التعرفَ على الآخرين، واستكشافَ ما لديهم من ثقافات ومفاهيم، فالانغلاقُ مناف لسنن الاجتماع البشري والحوارُ من أهم الوسائل في التفاعل مع الوجود كلِه ضمنَ سننِ التنوعِ والتدافعِ لتحقيق التوازن الكوني. وأوضح أن قدراً وافراً من المشكلات التي ترهق المجتمعَ البشري، تُعدُ من المشترك الإنساني الذي يتيح مجالاً للمسلمين للتعريف برصيدهم الثقافي في النظم والتشريعات والإسهامِ بهذا الرصيد في توجيه الفكر الإنساني من خلال الأطرِ المفتوحة للتداول بين مختلف الرؤى الحضارية في القضايا الإنسانية، كما يتيح لهم فرصاً للتعرف على القيادات المؤثرة في الحياة المعاصرة، والتي تبدي استعدادَها للتعاون مع المسلمين، وليس ذلك مَدرَجةً إلى التنازل عن شيء من حقائق الدين الثابتة في العقيدة أو الشريعة أو تعريضِها للنقد والمراجعة.

وبعد أن أشار إلى أن الحوار بين المسلمين وغيرِهم أمر تقتضيه خصيصةُ الانفتاحِ، التي تتسم بها خاتمةُ الرسالات الإلهية وضرورةُ التعامل الإيجابي مع متغيرات العلاقات الحضارية بما يحمي الهويةَ الإسلاميةَ من الذوبان في أتون العولمة الكاسحة، أكد أهمية أن يقف المعنيون بالحوار وقضاياه وقفةَ مراجعة لرصيد التجارب الماضية ينطلقون منها إلى وضع خطة جديدة للعمل في المستقبل تتحدد فيها أهدافُ الحوار وضوابطُه ووسائلُ تنفيذهِ فيما يعزز الإيمانَ بالله والإحسانَ إلى خلقه وتنميةَ فضائل الأخلاق التي تقوي نوازعَ الخيرِ وتكبحُ بواعثَ الشرِ، وتؤدي إلى تبادل المصالح بين البشر، وهذا أهمُ ما استهدفه هذا المؤتمر استجابةً لتطلعات المهتمين بقضايا الحوار بين أتباع الرسالات والحضارات، وإسهاماً في التخفيف من عوائق الحوار ومشكلاته، وتأكيد أهمية التجرد للحق والإنصاف مع النفس والآخر.

وشدد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، على أن المؤتمر رسالة سامية ومهمة جليلة ونَقْلة نوعية، وتعلق عليه الأمةُ آمالاً عريضة في تحقيق مشاريعَ عمل تُستثمَر في مسيرة الحوار وتُوظَف للخير ونفعِ المسلمين والإنسانية أجمع من خلال عمل مؤسسي طموحٍ يعزز الحوارَ، ويجلي آفاقَه مع المسلمين ومع غيرهم.