استراتيجية أوباما.. الفوز بأصوات المندوبين وترك الولايات الكبيرة لكلينتون

فريقه نجح في بناء خطط جديدة لإيصال رسالته وجمع المال والتنظيم الجيد

TT

منذ اللحظة الأولى، لم يتوقع أحد أن ينافس ذلك السيناتور الصغير من ولاية إلينوي، هذه الآلة السياسية الضخمة التي تدعى هيلاري رودهام كلينتون. وقد كانت استراتيجية أوباما تتلخص في ترك الفوز في الولايات الكبيرة لكلينتون، بينما يركز هو على كسب تأييد المندوبين، وتقليل عدد المندوبين المؤيدين لها، والفوز عليها في ولايات لا يتمتع فيها الديمقراطيون بشعبية كبيرة. ولم تكن هذه الاستراتيجية تتمتع ببريق الفوز الكاسح، ولكن اليوم، أثبت أوباما بفوزه بأصوات المندوبين في مونتانا وساوث داكوتا وتأييد عدد كبير من المندوبين الكبار له، أنه قد قام بأكبر إنجاز في التاريخ السياسي للولايات المتحدة. والشيء المدهش هو كيفية نجاح هذه الاستراتيجية – والمقاومة الضعيفة التي قابلتها. ويقول مارفيليد جون كارسون، أحد مساعدي أوباما: «انتظرنا من حملة كلينتون إرسال الأفراد إلى المؤتمرات الحزبية. إنه السر الأكبر في هذه الحملة، لأن كل صوت للمندوبين كان هاما».

وكان لاستراتيجية أوباما حدود. فمثل فريق كرة السلة الذي يدخل إلى الشوط الثاني من المباراة وهو متقدم بنحو 30 نقطة، كانت الحملة تعمل بجهد أقل في الشوط الثاني. فأوباما اليوم تمكن من معادلة النتيجة مع كلينتون فقط، حيث خسر ساوث داكوتا وفاز بمونتانا، أي أنه خسر 9 من 14 ولاية في الانتخابات التمهيدية الأخيرة. وربما يكون عدم قدرته في الفوز بالولايات الكبرى مثل أوهايو وبنسلفانيا مقدمة لما يمكن أن ينتظره في نوفمبر (تشرين الثاني) أمام السيناتور جون ماكين مرشح الحزب الجمهوري. لكنه انتصر على أية حال ـ وربما لا يكون فوزه كاسحا، لأن طريقه كانت صعبة، حسبما أفاد مساعدوه. ويقول عضو الكونغرس السابق، تيموثي رومر، الذي ساعد في تضييق الفجوة بين أوباما وكلينتون لصالح أوباما في ولاية إنديانا: «كان الجميع يتوقع فوز هيلاري لأن أوباما لم يكن معروفا. لكنه أثبت اليوم أنه موهوب جدا وأنه منافس قوي».

وعندما بدأ أوباما حملته في بداية عام 2007، كان أداؤه مقنعا حيث فاز بأول ثلاث أو أربع ولايات. ويقول بلوف عن كلينتون: «كان علينا إزعاجها مبكرا».

وقد لاح يوم الثلاثاء الكبير في 5 فبراير (شباط) الماضي، كأنه جبل كبير. وقد خصصت حملة أوباما لذلك اليوم نحو 5 ملايين دولار، وكانت كاليفورنيا ونيويورك من الولايات التي يجري فيها الاقتراع. ولكن مع بداية الصيف الماضي، بدأ مسؤولو حملة أوباما يفكرون بطريقة مختلفة. فقد بدأوا في بناء استراتيجية جديدة تقوم على إيصال رسالتهم وجني المال وفوق كل شيء التنظيم الجيد. فالرسالة ـ الوحدة والأمل ـ لم تأت من فراغ. فقد أشار دافيد أكسلرود، وهو استشاري في حملة شيكاغو منذ وقت طويل، إلى أن حملات الديمقراطيين يجب أن تركز على الشخصية أكثر من السياسة. وقد كان هناك أكثر من 20 شخصا يحتلون الدور الحادي عشر في إحدى ناطحات سحاب شيكاغو، حيث كانوا يتلقون المكالمات من الأفراد الذين يرغبون في تقديم المساعدة. وقد اتجهت استراتيجية معسكر أوباما إلى مجابهة قوة كلينتون من خلال منعها من مزايا الشعبية التي تتمتع بها في ولايات مثل كاليفورنيا وأوهايو وبنسلفانيا، ثم الفوز عليها في الولايات التي لا تتمتع فيها بشعبية كبيرة. وقد قام المستشارون الكبار بمن فيهم بلوف بتقسيم البلاد إلى 435 منطقة وقاموا بفحص كل منطقة قبل وبعد ترك السيناتور جون إدواردز للسباق. وقد حددوا نقاطا يمكن لأوباما استغلالها. ولم تكن قيادة الحملة ترغب في حدوث أي تشويش قبل الثالث من يناير(كانون الثاني)، حتى يتم التخطيط لانتخابات شيكاغو في سرية تامة. ولكن في ليلة 4 يناير، ومع توجه مساعدي أوباما في أيوا إلى مقر حملته في دي موانز، ومع احتفالهم بفوز السيناتور غير المتوقع، فإن المدير الميداني للحملة، بول تيوس، أعلن عن الخطة. وأعلن عن أن كل فرد في أيوا سوف يتم إسناد واجب إليه في ولاية أخرى. وقد تم حجز الفنادق وتم ترتيب الغرف في منازل المتطوعين. ومنحت ماريجريس جلاستون الفرصة لأعضاء الحملة حتى السادسة مساء للإفادة بقبولهم الأعمال الجديدة من عدمه. واتجه فريق أوباما من دي موانز إلى إيداهو ثم ألاباما وألاسكا، حيث لم تجر هناك أي حملات لمرشحين ديمقراطيين من قبل. وفي الشهور التالية، كانت هناك لحظات أخرى حاسمة. وقد ساعد تأييد إدواردز لأوباما في 14 مايو (أيار) في التخفيف من تأثير فوز كلينتون قبل ذلك بيوم واحد في ويست فيرجينيا. ويقول بيل بالنغر، وهو محرر في إنسايد ميتشغن بولتيكس: «إنها قصة لم تكتب بعد، كيف أن أوباما فعل كل شيء بطريقة صحيحة، حيث استهدف الناخبين والولايات الصغيرة وابتعد عن تأثير الولايات الكبيرة قدر استطاعته، وكيف أن كلينتون فعلت ما ليس صوابا في نهاية الطريق».

منذ مايو الماضي إلى الصيف، تعلم أكثر من 750 من المتطوعين ما يجب عليهم عمله حيث كانوا يوظفون غيرهم للمساعدة وكونوا ما يعرف بـ«معسكر أوباما».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»