خيارات هيلاري: نائبة رئيس.. رئيسة لمجلس الشيوخ او مرشحة رئاسية مجددا عام 2012

أوباما يحتاج إلى كسبها قبل التركيز على الحملة ضد ماكين

TT

يتحرك السناتور باراك أوباما نحو الانتخابات الرئاسية الأميركية، وهو يتمتع بمميزات واضحة؛ على رأسها أنه مرشح ديمقراطي يخوض التنافس الانتخابي في فترة عصيبة بالنسبة للجمهوريين، وفي وقت يتعطش فيه الناخبون للتغيير، علاوة على تمكنه من حشد المزيد والمزيد من المؤيدين في كل جولة خاضها. بيد أنه في الوقت الذي ربما يود فيه أوباما تحويل انتباهه بصورة كاملة نحو المواجهة التي تنتظره أمام المرشح الجمهوري جون ماكين، فإنه ما زال يواجه مشكلات داخل حزبه ربما تلقي بظلالها على كل خطواته القادمة طالما بقيت دونما حسم. وتتركز هذه المشكلات حول كيفية إصلاح علاقاته مع السناتور هيلاري رودهام كلينتون وأنصارها. وابقت هيلاري خياراتها مفتوحة بعد ان اشادت بأوباما وانصاره على أدائهم المتميز في معركة الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة لكنها لم تصل الى حد الاعتراف بفوزه في السباق. وقالت كلينتون لأنصارها ليلة اول من امس في كلمة انها ستشاور زعماء الحزب في الايام القادمة بشأن كيف تمضي قدماً لكن لن تتخذ قرارات الليلة (ليلة امس).

وبينما تتزايد التكهنات بشأن احتمالات ان تدخل هيلاري السباق على بطاقة اوباما كمرشحة ديمقراطية لمنصب نائب الرئيس قال المتحدث باسمه ان الاثنين تحدثا هاتفياً، وابلغها اوباما بانه يريد اللقاء معها عندما يكون ذلك مناسبا لها. كما حياها في كلمته قائلا ان هيلاري كلينتون دخلت التاريخ في هذه الحملة ليس لانها امرأة فعلت ما لم تفعله امرأة من قبل، ولكن بسببب قدرتها كزعيمة على إلهام ملايين الاميركيين.

وفي تدليل على نفوذها قالت هيلاري، 60 عاما، اول من امس لتأكيد أجندتها «أريد نهاية الحرب في العراق وأريد ان ينتعش الاقتصاد واريد تأميناً صحياً لكل الاميركيين». وتابعت سناتور نيويورك «اريد ان يكون 18 مليون اميركي الذين صوتوا لي محترمين وان تسمع اصواتهم».

من ناحيته، يؤكد مات بينيت، أحد المشاركين في تأسيس «ثيرد واي»، وهي منظمة معتدلة تتبع الحزب الديمقراطي، أن: «اختيار هيلاري كلينتون عند هذه النقطة يشكل خطوة ارتجاعية للوراء ـ بينما تدور فكرة أوباما بأكملها حول اتباع توجهات تقدمية. إنه يركز على إقرار نمط جديد تماماً من السياسات. ويعتبر اختيار كلينتون في حد ذاته أمراً رجعياً، ولا أعتقد أنه يرغب في ذلك». من ناحية أخرى، يرى بعض الديمقراطيين أن دخول أوباما وكلينتون الانتخابات معاً ربما يسفر نتائج سلبية جراء فقدان أصوات أعضاء كل من مجموعتي الناخبين المترددين إزاء انتخاب أميركي من أصول أفريقية والآخرين الشاعرين بالمثل حيال انتخاب امرأة. لكن هناك نظريات اخرى تفيد بأن هيلاري قد تكون طامحة في منصب رئيسة مجلس الشيوخ الذي تتمتع فيه باحترام كل من الديمقراطيين والجمهوريين. كما ان شعبيتها عالية في ولايتها نيويورك. ويقول آخرون إنها يمكن ان تصعد مرة اخرى الى قمة الاجندة السياسية اذا تعثر اوباما وخسر امام المرشح الجمهوري ماكين، 71 عاما، والمرجح ألا يمضي سوى فترة رئاسية واحدة لتعود بعدها هيلاري مرشحة للرئاسة في انتخابات 2012. بصورة عامة يمكن القول إن تصريحات كلينتون يوم الثلاثاء اجتذبت، عن قصد منها أو غير قصد، الأضواء بعيداً عن أوباما، الأمر الذي ساعد على تذكيره بأن كلينتون من الشخصيات التي يصعب إزاحتها بعيداً عن الساحة الرئيسة للأحداث. وتدعم قوة هيلاري مسيرة حياتها المليئة بالصعوبات والتي اظهرت فيها قدرة كبيرة على مواجهتها بدءاً من جهودها الفاشلة، أثناء كونها السيدة الأولى في التسعينات، فيما يتعلق بالنظام الصحي في البلاد، ثم شعورها بالإهانة بسبب الفضيحة الجنسية لزوجها بيل كلينتون مع مونيكا لوينسكي والتحقيق في صفقاتها المالية والمهنية.

ومثلما كان الحال مع زوجها، تتمتع كلينتون بالقدرة على الاستحواذ على الاهتمام حتى في الوقت الذي من المفترض أن تتسلط الأضواء على شخص آخر، وهي حقيقة سيتعين على أوباما الاستمرار في مواجهتها بغض النظر عن المسار الذي سيتخذه في الفترة القادمة. ولم يكن من المثير للدهشة أن يغدق أوباما يوم الثلاثاء الثناء والإشادة على كلينتون وانجازاتها. وحتى ينتهي أوباما من التعامل مع قضية علاقته بكلينتون، ستبقى أمامه صعوبة في الانتقال إلى الخطوة التالي التي يرغب في إنجازها، وهي تقديم نفسه لمجمل جمهور الناخبين الأميركيين، وليس أنصار الحزب الديمقراطي فحسب، وتوضيح آيديولوجيته السياسية قبل قيام ماكين بذلك بأسلوبه الخاص، علاوة على محاولة التغلب على بعض نقاط الضعف التي كشفتها الانتخابات التمهيدية. وفيما وراء ذلك، هناك المزيد من التساؤلات، مثل هل بإمكان أوباما النجاة من الهجمات الجمهورية التي أثبتت على امتداد 20 عاماً كفاءتها في تشويه صورة المرشحين الديمقراطيين، خاصة من يتسمون منهم بخبرة محدودة في مجال إدارة حملات وطنية؟ وهل يتسم أوباما بضعف لا يمكنه من التصدي لنمط الهجمات التي شنها ماكين يوم الثلاثاء لتصوير أوباما باعتباره على غير دراية بالحقائق القائمة فيما يتعلق بعدد من القضايا، مثل الضرائب والتهديدات التي تحدق بالأمن الأميركي؟ ويعتمد جزء كبير من مشاعر التفاؤل الحذر المحيطة بحملة أوباما على الاعتقاد بأن هذه الحملة تتزامن رغبة عارمة لدى الأميركيين في التغيير، وأن مشاعر الغضب العميق إزاء الرئيس بوش، علاوة على السخط تجاه الحرب في العراق والأوضاع الاقتصادية السيئة سوف يتم ترجمتها إلى نصر ديمقراطي في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. إلا أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت هذه القضايا الجوهرية سوف تتغلب على القضايا الثقافية والأخرى المرتبطة بالقيم ـ أو ما إذا كان الناخبون سيرون أن أوباما يتمتع بالخبرة التي تؤهله لدخول المكتب البيضاوي. ومن المؤكد أن خوض أوباما وكلينتون الانتخابات الرئاسية معاً ينطوي على مميزات واضحة، منها أنه سيقطع شوطاً كبيراً باتجاه رأب الجراح التي خلفها السباق التمهيدي بنفوس أنصار كلينتون، خاصة النساء. ولمح بعض أنصار كلينتون بالفعل إلى أنه إما سيمتنعون عن الإدلاء بأصواتهم أو سيؤيدون ماكين، الذي عمد بالفعل إلى محاولة اجتذابهم يوم الثلاثاء، في محاولة لزيادة الضغوط على أوباما. إضافة إلى ذلك، من شأن وجود كلينتون تعزيز مركز أوباما فيما يتعلق بمستوى الخبرة التي تتمتع بها إدارته المقترحة على صعيد السياسة الخارجية. ومع ذلك، يبدو أن هناك مخاوف، وإن لم يتم الكشف عنها علانية، داخل الدوائر المحيطة بأوباما إزاء مدى حكمة توجيه طلب لكلينتون بالانضمام إلى الفريق المعاون له في الانتخابات الرئاسية. وتتركز هذه المخاوف حول فكرة أنه بعد المكاسب الكبرى التي حققها أوباما بناءً على وعوده بتغيير الوجوه داخل البيت الأبيض، فإن الاستعانة بكلينتون تعني أنه سيطلب من الناخبين إقرار وجود عضو آخر من أسرة كلينتون في البيت الأبيض، حتى وإن كان رقم 2 هذه المرة. كما أن كلينتون ليست بمفردها، فإلى جانب تاريخها والأعداد الهائلة من الناخبين الذين لا يحملون وداً تجاهها، سيعني دخولها البيت الأبيض عودة زوجها الرئيس السابق (بيل كلينتون) أيضاً إلى هناك، والذي قد يرى أوباما أن النتائج السلبية المترتبة على وجوده داخل البيت الأبيض تفوق الفوائد المرتبطة بمهاراته السياسية. إلى جانب ذلك، فإن التنافس على منصب الرئيس يتطلب إبداء قدرٍ هائلٍ من القيادة والسيطرة. ومن بين أهم عناصر عملية انتقاء نائب الرئيس تجنب الظهور وكأن القرار جاء نتيجة ضغط من جانب منافس آخر محتمل. لكنها مع نهاية فترة الرئاسة الثانية لبيل كلينتون عام 2001 ظهر تحدي كلينتون من خلال انتخابها كعضو في مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك لتضع خطوة أخرى في مستقبل آل كلينتون.

ومع إعلانها ترشحها للرئاسة أوائل عام 2007 كانت تتفوق على أكثر من ستة رجال، قبل ان يبدأ اوباما، 46 عاما، بالتقدم في السباق.