الإخوان المسلمون في الخارج: تطوير مكتب الإرشاد بعناصر من الشباب أمر مطلوب

د. الهلباوي لـ«الشرق الاوسط»: امرأة مسلمة فقيهة قوية مثل ثاتشر أفضل من حاكم ضعيف

د. كمال الهلباوي
TT

انتقد عددٌ من الخبراء والمفكرين المصريين برنامج حزب الإخوان المسلمين، إلا ان هناك خبراء آخرين نظروا للبرنامج نظرة أخرى، حيث قرروا أنه مثلما يحتوي على بعض السلبيات، فإنه لا يخلو من إيجابيات، وتجيء ردود الفعل مع انباء عن اختيار إخوان الداخل لأعضاء جدد في مكتب الارشاد، بدلا من ثلاثة شغرت مناصبهم.

«الشرق الاوسط» توجهت الى الشيخ الدكتور كمال الهلباوي، المتحدث الاسبق باسم «الإخوان في الغرب»، والرئيس المؤسس للرابطة الاسلامية في بريطانيا، الذي وصف تلك الانتخابات بأنها «بمثابة ضح دماء جديدة لمكتب الإرشاد». وقال إنه من الأمور الجيدة ان يجدد الإخوان مجالسهم الشورية بعناصر من الشباب المعروفة بالحكمة وسعة الخبرة».

المعروف أن مكتب الإرشاد يعد الهيئة الإدارية والقيادة التنفيذية العليا لجماعة الإخوان، وهو المشرف على سير الدعوة والموجه لسياستها وإداراتها والمختص بكل شؤونها وتنظيم أقسامها وتشكيلاتها، ويتكون من 16 عضوا إلى جانب المرشد العام. وتحدث الهلباوي الذي يشغل ايضا منصب مستشار مركز دراسة الحضارات العالمية بلندن، ورئيس مركز دراسات الارهاب من وجهة النظر الاخرى عن وجهة نظره في برنامج الحزب، خصوصا بالنسبة لولاية غير المسلم لرئاسة الدولة، وولاية المرأة لرئاسة الدولة، والموقف من المعاهدات الدولية، وتحديداً مع إسرائيل.

وقال إنه مع رأي الشيخ محمد الغزالي رحمه الله: «إن امرأة مسلمة فقيهة قوية مثل ثاتشر أفضل من عشرات الحكام الضعفاء». وتحدث ايضا عن اركان البيعة وصفات الأخ العامل. وجاء الحوار مع «الشرق الاوسط» على النحو التالي:

* ما نوع نظام الدولة في برنامج الحزب هل هو رئاسي أم برلماني؟

ـ الدولة غير النظام السياسي الحاكم فيها. وتناول الباب الثاني من البرنامج هذا الموضوع بالشرح والتفصيل في ثلاثة فصول: الفصل الأول: الدولة الفصل الثاني: النظام السياسي الفصل الثالث: الأمن القومي والسياسة الخارجية فالدولة في الإسلام تقوم على ركائز وأركان سياسية تتعلق بمبادئ الاختيار والمسؤولية والمحاسبة والتقاضي؛ فهي دولة دستورية تقوم على مبدأ المواطنة وسلطاتها تشريعية وتنفيذية وقضائية. أما النظام السياسي في هذه الدولة فهو فوق التسميات، ويركز على تحقيق وضمان الحرية والكرامة والمساواة والعدل وتكافؤ الفرص، ومنع الاستبداد والفصل بين السلطات وتسهيل إنشاء منظمات المجتمع المدني الأهلي واستقلالها ودعمها وهو نظام يخضع للمساءلة والمحاسبة ويتحقق هذا من خلال التعددية السياسية والانتخابات الحرة النزيهة.

* ما هي وجهة نظركم في برنامج الحزب، خصوصاً بالنسبة لولاية غير المسلم لرئاسة الدولة، وولاية المرأة لرئاسة الدولة، والموقف من المعاهدات الدولية، وتحديداً مع إسرائيل؟

ـ البرنامج مفصل وقوي، وهو برنامج إصلاحي يمثل تحولا في طريق الحياة السياسية في مصر ومستقبل عمل الإخوان المسلمين على الساحة السياسية وبقية الأحزاب، وهو برنامج فيه خصائص متميزة، وله أصول معلنة وواضحة، ويستند إلى المادة الثانية من الدستور المصري، التي تنص على أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام، وأن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع. وكما تقر الشريعة الإسلامية حق غير المسلمين في الاحتكام إلى دياناتهم في أمور العقيدة والشعائر الدينية والأصول الشخصية المتعلقة بالأسرة. إن الدولة مسؤولة عن حماية الدين وحراسته. وتتمثل تلك الوظائف الدينية في رئيس الدولة، ولا يستطيع رئيس الدولة غير المسلم القيام بتلك الواجبات ولا مهمة قيادة دولة مسلمة طبقا للشريعة الإسلامية، ولذلك يُعفى غير المسلم من مهمة القيام بواجبات شرعية قد تتعارض مع عقيدته وممارسته؛ ومنها اتخاذ قرارات تتعلق بأركان الإسلام أو حتى الجهاد؛ بما في ذلك إعلان الحرب والسعي إلى وحدة الأمة الإسلامية، وهذا منصوص عليه في دساتير بعض الدول الديمقراطية (المسيحية)؛ ومنها أميركا وبريطانيا واليونان والسويد وإسبانيا وغيرها.

أما ولاية المرأة لرئاسة الدولة كما جاء في البرنامج فقد تعرضت لنقد شديد حتى من داخل الإخوان وبعض قيادات ومفكري الإخوان مثل الدكتور جمال حشمت، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، والدكتور عصام العريان، وأنا أرى كما كان يقول الشيخ الغزالي ـ رحمه الله تعالى ـ «إن امرأة مسلمة فقيهة قوية مثل ثاتشر أفضل من عشرات من الحكام الضعفاء». أما المعاهدات الدولية؛ ومن ضمنها ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فمنها ما هو ظلم، ونحن نقبل ما كان عادلا ونسعى لتعديل وتغيير ما كان منها ظالما من خلال الشرعية الدولية.

* هل فكرة طرح الحزب كانت رداً متسرِّعاً من الجماعة للرد على حملة التصعيد الأمني ضد الجماعة، والتي تمثلت ذروتها في اعتقال المهندس خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد العام؟

ـ لا أظن أن فكرة طرح الحزب كانت ردا متسرعا على حملة التصعيد الأمني ضد الجماعة والتي تمثلت ذروتها في اعتقال المهندس خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد العام، فالجماعة لها فكرها السياسي وأصول قائمة في رسائل الإمام البنا، ولكن تعقد الحياة العامة وفساد الحياة السياسية والتضييق على العمل العام ومنه العمل السياسي وضرورة الإصلاح السلمي من خلال القوانين القائمة، ورغبة الشعب في التغيير، وضعف الأحزاب العلمانية وضرورة تفصيل شعارات الإخوان مثل شعار الإسلام هو الحل، ومطالبة كثيرٍ من المفكرين الإخوان برؤيتهم السياسية وبرنامجهم في الإصلاح، وخصوصا بعد أن اصبح لهم 88 نائبا في البرلمان رغم التزوير في الانتخابات لصالح الحزب الحاكم، كل ذلك كان من وراء طرح البرنامج السياسي للإخوان المسلمين.

* هل هناك موعد زمني محدد للإعلان عن برنامج الحزب بشكل نهائي؟

ـ أنا لا أعرف ذلك ولا يزال البرنامج خاضعا للحوار والنقاش والتعديل. كما أعلن ذلك النائب الأول للمرشد العام للإخوان المسلمين الدكتور محمد حبيب.

* هل تمت الاستعانة بخبرات خارجية في وضع برنامج حزب الإخوان وما هي؟

ـ لا أظن ذلك ولكن استفادة الإخوان من المجهودات والخبرات والدراسات السابقة المتعلقة بهذا الأمر واردة ومنطقية ومشروعة. ومن هذه الخبرات ما كان في الأردن (جبهة العمل الإسلامي) وفي المغرب والجزائر وغيرها من التجارب السابقة.

* ما هي الإنعكاسات المتوقعة للمواجهات الأخيرة مع النظام على البرنامج؟

ـ النظام لم يرخص أبدا لأيِّ حزب له برنامج جاد، وخصوصا إذا كان مستندا إلى الإسلام، ولا أظنه يفعل ذلك طوعا وهناك أحزاب تحت التأسيس منذ أكثر من عشر سنوات، ولها برامج واضحة لم يرخص لها النظام ولا زالت تحت التأسيس، وقد تظل كذلك حتى يزول هذا النظام وتنتهي مع مهلكات المجتمع من الاستبداد إلى الفساد وما بينهما. ولا يتوقع الإخوان أن يرخص هذا النظام لحزبهم بالعمل قبل المواجهات وبعد المواجهات.

* من وجهة نظركم ما أبرز الانتقادات الموجهة لبرنامج حزب الإخوان؟

ـ أبرز الانتقادات الموجهة للبرنامج السياسي المقترح للإخوان المسلمين تتمثل في:

أ ـ هيئة العلماء التي نظر إليها بعض النقاد نظرتهم لهيئة الخبراء في إيران.

ب ـ قصر الترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية على رجال المسلمين فقط دون النساء ودون غير المسلمين.

* ما مدى فاعلية البرنامج في مواجهة الظروف الاقتصادية الحالية؟

ـ البرنامج الاقتصادي المقترح يستطيع حال تطبيقه مواجهة الظروف الاقتصادية القائمة، ويقضي على الفساد أو أغلبه، ولكن في إطار المنظومة السياسية الكاملة، ولا يستطيع تطبيق هذا النظام إلا مَنْ آمنَ به وعمل له وأعد له الكوادر اللازمة، وأخلى المجتمع من الفساد وعاد بالمجتمع إلى الإنتاج وترشيد الاستهلاك وتحسين أوضاع العمالة ومواجهة الغلاء.

* يثيرُ البعضُ كثيراً من الانتقادات لفكرة هيئة كبار العلماء بزعم أنها ترجمة أخرى لولاية الفقيه المعمول بها في إيران؟ وهو ما يعيدنا إلى الدولة الدينية؟

ـ ذكرنا ان الدولة الاسلامية دولة مدنية وليست دولة دينية بأي حال من الاحوال، ومفهوم الدولة الدينية الذي يثيره الغرب يرتبط بالكنيسة ووضع الكنيسة في الغرب، ولا يرتبط بالمفاهيم والقيم الاسلامية، ولا بالمسجد. ثانيا: ان هذا الامر اثار جدلا واسعا داخل الإخوان وخارجهم. وكما قلنا ان البرنامج ما زال تحت المناقشة والحوار، ولم يصدر بصيغته النهائية. واظن ان المفهوم لدى الإخوان الذين وضعوا هذا البرنامج هو أن هذه الهيئة اقرب ما تكون الى مفهوم لجنة الشؤون الاسلامية او لجان الفتوى التي يحتاج اليها المجتمع سواء ألحقت بمجلس الشورى أو الشعب أو ظلت في مؤسسة مستقلة مثل الازهر الشريف.

* ما الفرق بين «إخوان حسن البنا» و«إخوان مهدي عاكف»؟

ـ الفرق الشكلي هو ان مَنْ عاش مع المؤسس رآه ووقف على كيفية تفكيره، وربما شاهد بعضاً من اعماله بالمصاحبة او غير ذلك في المناقشات، ولكن الفرقَ في المحتوى قد يكمن في فهم الدعوى والممارسة وفي الظروف القائمة ايام الشهيد حسن البنا وايام المرشد الحالي، الإمام محمد مهدي عاكف. أما بشكل عام فان القافلة تسير في نفس الاتجاه مع اختلاف في الكفاءات والقدرات. ومن المعلوم ان الإخوان المسلمين بعد الامام البنا طوروا برامج ومناهج تلائم العصر، ولم يقفوا مقلدين فقط لما كان عليه الامام البنا رحمه الله.

* ما ريكم فيما تردد نقلا عن مصادر مقربة من جماعة الإخوان في مصر، أن وجوها جديدة انضمت إلى مكتب الإرشاد، ليشغلوا بذلك مناصب كلٍّ من خيرت الشاطر، ومحمد بشر عضو المكتب، اللذين صدرت بحقهما أحكام عسكرية بالحبس في أبريل (نيسان) الماضي؟ وماذا عن انتخابات مكتب الإرشاد؟ لماذا لا تكون علنية؟ ـ أمر جيد ان يجدد الإخوان مجالسهم الشورية، خاصة بعناصر من الشباب المعروف بالحكمة وسعة الخبرة وتوفر اركان البيعة وصفات الأخ العامل التي اشار اليها الامام البنا في رسائله. أما اركان البيعة؛ فهي الفهم والإخلاص والعمل والجهاد والتضحية والثبات والتجرد والأخوة والثقة. اما صفات الاخ العامل؛ فمنها سلامة العقيدة وصحة العبادة ومتانة الخلق وقوة البدن وثقافة الفكر والتنظيم في الشؤون العامة والنفع للآخرين والقدرة على الكسب والمحافظة على الوقت. أما بخصوص الانتخابات، فنظرا للضغوط الشديدة فإما ان تتم الانتخابات في محيط خاصٍ أو يتفق اهل الرأي والمسؤولية على اختيار اصلح العناصر.