خادم الحرمين لمؤتمر الحوار الإسلامي: أهل الغلو والتطرف يستهدفون سماحة الإسلام وعدله

دعا لمواجهة تحديات الانغلاق والجهل وضيق الأفق ليستوعب العالم مفاهيم وآفاق رسالة الإسلام الخيرة من دون عداوة واستعداء

خادم الحرمين الشريفين خلال افتتاحه جلسات مؤتمر الحوار الاسلامي العالمي في مكة المكرمة أمس (أ.ف.ب)
TT

أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، للمشاركين في مؤتمر الحوار الاسلامي العالمي، الذي افتتحه امس في مكة المكرمة، ان دعوته لهذا المؤتمر لمواجهة تحديات الانغلاق، والجهل، وضيق الأفق، ليستوعب العالم مفاهيم وآفاق رسالة الإسلام الخيرة من دون عداوة واستعداء، وخاطب المشاركين قائلا «إنكم تجتمعون اليوم لتقولوا للعالم من حولنا، وباعتزاز أكرمنا الله به، إننا صوت عدل، وقيم إنسانية أخلاقية، وأننا صوت تعايش وحوار عاقل وعادل، صوت حكمة وموعظة وجدال بالتي هي أحسن». وقال خادم الحرمين الشريفين في كلمته: «بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أيها الإخوة علماء الإسلام ومفكروه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. من مهبط الوحي، وأرض الرسالة، أرحب بكم أكرم ترحيب، سائلاً المولى، عز وجل، أن يمدنا بعزم لا يلين، وقوة لا وهن معها، وأن يجعلنا ممن قال عنهم «ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم». أيها الإخوة الكرام: إنكم تجتمعون اليوم لتقولوا للعالم من حولنا، وباعتزاز أكرمنا الله به، إننا صوت عدل، وقيم إنسانية أخلاقية، وأننا صوت تعايش وحوار عاقل وعادل، صوت حكمة وموعظة وجدال بالتي هي أحسن تلبية لقوله تعالى «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن، وإنا ـ إن شاء الله ـ لفاعلون».

أيها الإخوة الكرام: ما أعظم قدر هذه الأمة، وما أصعب تحدياتها في زمن تداعى الأعداء من أهل الغلو والتطرف من أبنائها وغيرهم على عدل منهجها، تداعوا بعدوانية سافرة، استهدفت سماحة الإسلام وعدله وغاياته السامية. ولهذا جاءت دعوة أخيكم لمواجهة تحديات الانغلاق، والجهل، وضيق الأفق، ليستوعب العالم مفاهيم وآفاق رسالة الإسلام الخيرة من دون عداوة واستعداء «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم».

أيها الإخوة الكرام: سيبقى الإسلام منيعاً بالله ـ جل جلاله ـ ثم بوعي علمائه ومفكريه وأبنائه، فعظمة الإسلام أسست لمفاهيم الحوار، وحددت معالم الطريق له، يتجلى ذلك في قوله تعالى «ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك»، وقلوبنا ـ بحمد الله ـ مليئة بالإيمان والتسامح والمحبة، التي أمرنا بها الخالق ـ جل جلاله ـ.

نعم ـ أيها الإخوة الكرام ـ سيكون الطريق للآخر من خلال القيم المشتركة التي دعت إليها الرسالات الإلهية، والتي أنزلت من الرب ـ عز وجل، وتعالى ـ لما فيه خير الإنسان والحفاظ على كرامته، وتعزيز قيم الأخلاق، والتعاملات التي لا تستقيم والخداع، تلك القيم التي تنبذ الخيانة، وتنفر من الجريمة، وتحارب الإرهاب، وتحتقر الكذب وتؤسس لمكارم الأخلاق والصدق والأمانة والعدل، وتعزز مفاهيم وقيم الأسرة وتماسكها وأخلاقياتها التي جار عليها هذا العصر وتفككت روابطها، وابتعد الإنسان فيه عن ربه وتعاليم دينه.

أيها الإخوة الكرام: من جوار بيت الله الحرام بدأنا، ومنه ـ بإذن الله ـ سننطلق في حوارنا مع الآخر بثقة نستمدها من إيماننا بالله، ثم بعلم نأخذه من سماحة ديننا، وسنجادل بالتي هي أحسن، فما اتفقنا عليه أنزلناه مكانه الكريم في نفوسنا، وما اختلفنا حوله نحيله إلى قوله سبحانه تعالى «لكم دينكم ولي دين». وقبل أن أختم كلمتي هذه، يسرني أن أشكر رابطة العالم الإسلامي والإخوة العاملين فيها، ولكل من ساهم في نجاح المؤتمر. هذا وباسم الله بدأنا، وعليه توكلنا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته«.

وكان خادم الحرمين الشريفين قد افتتح، المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار في قصر الصفا بمكة المكرمة أمس، وسط أكثر من ثمانمائة من علماء ومفكري وفقهاء من داخل العالم الإسلامي وخارجه، بحضور الأمراء والوزراء والعلماء في السعودية. وكان في استقبال خادم الحرمين الشريفين لدى وصوله إلى مقر الحفل، الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة. بعد ذلك صافح خادم الحرمين الشريفين المفتي العام للمملكة، ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء رئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، وشيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي، ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام رئيس مجلس الخبراء في الجمهورية الإسلامية الإيرانية الدكتور أكبر هاشمي رفسنجاني، والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي.