صالح وزيباري لـ«الشرق الاوسط»: المفاوضات مستمرة والقيادات السياسية ملزمة بالاتفاق

وفد فني عراقي يجول في دول لديها اتفاقيات مماثلة مع واشنطن للتعلم من تجربتها

الرئيس الاميركي جورج بوش ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يحييان الصحافيين اثناء مؤتمر صحافي مشترك في عمان (أ.ف.ب)
TT

يشهد العراق اهم المفاوضات التي ستحدد مصيره الامني والسياسي للمستقبل المنظور مع الاستعداد لإبرام اتفاقيتين اساسيتين مع الولايات المتحدة. وبينما تتواصل المفاوضات، التي يؤكد مسؤولون عراقيون واميركيون استمرارها رغم التصريحات الاعلامية الاخيرة النافية لذلك، تشهد بغداد مشادات سياسية حول مجرى التفاوض. واكد نائب رئيس الوزراء العراقي برهم صالح انه «لن يتم القبول بأية اتفاقية تمس سيادة العراق»، مشدداً في حديث لـ«الشرق الاوسط» على ان «الاتفاقية تهدف الى سلامة اراضي العراق وحماية استقلاقه الى حين جهوزية القوات العراقية». ورفض صالح أية افتراضات بأن المفاوضين يعملون على اسس سرية، موضحاً ان «الاساس هو اعلان المبادئ الذي طرح على البرلمان»، مضيفاً: «لن نذهب الى البرلمان باتفاقية مجحفة للعراقيين». ووصف وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري موجة التضارب في التصريحات العراقية حول الاتفاقيتين مع الولايات المتحدة بأنها «ضجيج وصريخ». وأكد زيباري لـ«الشرق الاوسط» ان «المحادثات مستمرة والحديث عن وقفها يأتي من جهات لم تشارك اساساً في المفاوضات». يذكر ان هناك فريقين عراقيين للتفاوض على اتفاقيتين مع الولايات المتحدة، الفريق الاول فني يتفاوض مع الاميركيين حول «اتفاقية وضع القوات» التي تنظم بقاء القوات الاميركية في العراق بعد انتهاء تفويض الامم المتحدة للقوات المتعددة الجنسية للبقاء في العراق بعد 31 ديسمبر (كانون الاول) 2008. يذكر ان المسؤولين العراقيين يحرصون على عدم كشف هوية اعضاء الفريق الفني خوفاً على سلامتهم من المعارضين للاتفاق مع الاميركيين. اما الفريق الثاني، فهو سياسي ويضم صالح وزيباري وممثلين عن رئيس الوزراء، نوري المالكي، ونائبي الرئيس عادل عبد المهدي، وطارق الهاشمي، للتفاوض حول «اتفاق الاطار الاستراتيجية» للعلاقات الاوسع بين البلدين. وأوضح زيباري ان «المفاوضين يأخذون استراحة من المفاوضات المفصلة بين فترة وأخرى» للتشاور مع القيادات في الدولتين قبل المضي قدماً وأخذوا فترات استراحة في السابق، ولا تعني تعطيل المحادثات. وكان «اعلان المبادئ» الذي وقع بين المالكي والرئيس الاميركي جورج بوش قد حدد موعد 31 يوليو (تموز) 2008 للتوصل الى اتفاق بين البلدين حول نصي الاتفاقيتين. وبينما شككت بعض الاطراف العراقية في إمكان الالتزام بهذا الموعد، قال زيباري: «هناك تقدم في المفاوضات ونتوقع الانتهاء منها هذا الشهر وقبل الموعد المقرر». ويقوم منسق شؤون العراق في وزارة الخارجية الاميركية ديفيد ساترفيلد بزيارة الى بغداد حالياً حيث أجرى مشاورات مع مسؤولين عدة؛ منهم صالح وزيباري وعبد المهدي. وكان الناطق باسم الحكومة، علي الدباغ، قد اعلن أول أمس عدم التوصل الى «رؤية مشتركة» مع واشنطن حيال الاتفاقية. ولفت زيباري الى ان «اعلان المبادئ» الذي وقع بين الحكومة العراقية والولايات المتحدة جاء بناء على «البيان الختامي لاجتماع القادة السياسيين» يوم 26 اغسطس (اب) 2007. يذكر ان الرئيس العراقي جلال طالباني ونائبيه عبد المهدي والهاشمي ورئيس الوزراء المالكي ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني وقعوا هذا الاتفاق، مما يلزمهم بالتوصل الى اتفاقية مع الاميركيين. وذكر صالح أن «القيادات العراقية التزمت بهذا الاعلان وبعد الاتفاق على الاتفاقية سيتم عرضها على البرلمان مما سيمنع التلاعب بقضايا حساسة». ويذكر ان مجلس الامن يقوم بمراجعة نصف سنوية للقوات المتعددة الجنسية في العراق، وستكون المراجعة المقبلة يوم 13 يونيو (حزيران) الجاري في نيويورك. وسيتعين على العراق تقديم عرض للوضع الامني، بالاضافة الى مستقبل القوات الاجنبية في البلاد، مما سيقتضي شرح مسار المفاوضات مع الاميركيين. وعن احتمال دعوة مجلس الامن لتمديد تفويض بقاء القوات المتعددة الجنسية في العراق في حال فشلت المفاوضات مع الاميركيين، قال صالح: «لقد اعلن العراق رغبته في الخروج من البند السابع من ميثاق الامم المتحدة»، مضيفاً: «منذ قرار مجلس الامن 661 بعد غزو الكويت والعراق يوصف بأنه يهدد الامن والسلام الدوليين، نريد الخروج من ذلك». وأكد صالح وزيباري، وهما عضوان رئيسيان في فريق التفاوض مع الاميركيين، مواصلة المحادثات مع الاميركيين، للوصول لصيغة نهائية للاتفاقيتين. وقال صالح: «نحتاج الى تفاوض وتفهم بعيداً عن المزايدات، فهذه السجالات لا تخدم مصالح العراق السياسية والامنية»، مضيفاً: «لقد توصلنا الى اتفاق على احترام السيادة العراقية واحترام القانون الدولي وعدم وجود القوات الاميركية الى ما نهاية بالاضافة الى عدم استخدام العراق منطلقاً لهجوم ضد أي من دول الجوار وهذه اسس مهمة وليست قليلة». وتابع صالح: «علينا العمل بعيداً عن المزايدات، فالبيئة الامنية تستوجب بقاء القوات في الوقت الراهن والكل يعلم ذلك». وعلى الرغم من التأكيدات بعدم استخدام اراضي العراق لاطلاق هجمات ضد أية دولة اخرى، ما زالت هناك ضغوط ايرانية على احزاب عراقية لرفض الاتفاقيتين مع الولايات المتحدة وسط مخاوف من الوجود الاميركي. وقال صالح: «هناك اشكالية في المنطقة وتحسس بعض دول الجوار من الاتفاقية، على الرغم من اتفاقيات مماثلة في المنطقة». ولفت زيباري الى ان «موقف (امين عام حزب الله) حسن نصر الله والحكومة الايرانية ومقتدى الصدر من الاتفاقية واضح ولا يخفونه». وعبر النظام الايراني عن رفضه للاتفاقية بينما يقود الصدر في العراق المعارضة للاتفاقية. وتحدث مسؤولون عراقيون طلبوا من «الشرق الاوسط» عدم الكشف عن هوياتهم بسبب حساسية الموضوع عن الضغوط الايرانية لإفشال هذه الاتفاقية. واضافوا ان الاتفاقية باتت «مسألة اقليمية ومحاولة لاختبار قوة عزيمة العراق والولايات المتحدة». يذكر ان الولايات المتحدة ابرت اتفاقات عسكرية في حالات مماثلة مع اليابان والمانيا عقب الحرب العالمية الثانية وجنوب كوريا بعد الحرب الكورية، بالاضافة الى اتفاقيات عسكرية مع اكثر من 80 دولة حول العالم. ويقوم فريق عراقي فني بالتجول في دول لديها اتفاقيات مماثلة، منها المانيا واليابان، للتعرف على كيفية تعامل تلك الدول مع قضايا السيادة وتحديد المهام الاميركية في البلاد.