القطاع الزراعي في غزة يلفظ أنفاسه بفعل عمليات التجريف والحصار الإسرائيلي

TT

عبثاً حاول أسامة أبو شرف، 44 عاما، العثور على الشمام الذي يطلقون عليه في غزة «الأناناس»، الذي يتميز بمذاقه الحلو بشكل خاص. تفقد اسامة كل بسطات الفواكه المنتشرة على مقطع شارع صلاح الدين الذي يصل مدينة دير البلح بمخيم النصيرات، وسط قطاع غزة، لكنه لم يجد مبتغاه رغم ان هذه البسطات كانت تزخر بهذا النوع من الشمام في كل موسم من الأعوام الماضية. ونصح أصحاب هذه البسطات أسامة بتوفير جهده، لأنه لن يعثر على مثل هذا الشمام الذي يزرع عادة في دفيئات في المناطق الزراعية التي تقع في التخوم الشرقية من القطاع، التي تعرف بمناطق التماس. فالجرافات التي ترافق القوات الإسرائيلية في توغلها في المناطق المتاخمة من القطاع تحرص في كل مرة على تسوية هذه الدفيئات بالأرض. ويقضي محمد أبو سمرة، 39 عاما، صاحب عدد من الدفيئات المتخصصة في إنتاج هذا النوع من الشمام، هذه الأيام أوقاته محاولاً جمع الأقواس المعدنية التي تتكون منها دفيئاته المدمرة منذ حوالي الشهر ونصف الشهر. وتقدر خسائر أبو سمرة بعشرات الآلاف من الدولارات، وقراره كان واضحاً: عدم اعادة الكرة حتى تتضح الأمور بشكل نهائي في القطاع. فمعظم الشمام الذي يبحث عنه أسامة كان يتم جلبه من دفيئات أبو سمرة التي تقع للشرق من دير البلح. وليس الشمام (الاناناس) المختفي الوحيد، فحتى شاحنات النقل المتوسطة التي تعود لتجار الخضار والفاكهة بالجملة التي كانت تجوب مناطق التماس في هذا الموسم من كل عام، لم يعد لها أثر، ليس فقط لخطورة التجوال في هذه المناطق، بل لأنه لا يوجد هناك ما يمكن أن يبحث هؤلاء التجار عنه. وتقلص ايضا وان لم يختف بالكامل انتاج القطاع من الطماطم والخيار الى حد كبير بسبب التدمير الذي لحق بالدفيئات. ولكن القطاع لم يشهد نقصاً في الكثير من انواع الخضار لأنها تزرع في دفيئات بعيدة عن الحدود وتحديدا في منطقة المواصي الساحلية. لكن هذه لا تشكل عزاء لإسماعيل برعي صاحب عدد من الدفيئات في المنطقة، لأن انتاجها كان يتم تصديره للخارج، الأمر الذي كان يعني مضاعفة العوائد المالية للزراعة.

لكن أكثر ما يقلق الفلسطينيين هنا هو عمليات التجريف التي لحقت بكروم الزيتون والتي تؤذن بانخفاض معدل انتاج القطاع من الزيتون وزيت الزيتون بشكل غير مسبوق، الأمر الذي يؤكد أن ارتفاعاً كبيراً آخر سيطرأ على اسعار هذين المنتجين اللذين تعتمد عليهما العائلات الغزية بشكل خاص. فمنذ العام الماضي شهدت اسعار زيت الزيتون ارتفاعاً كبيراً، حيث بلغ متوسط سعر تنكة الزيت 5 دنانير اردنية (8 دولارات). ويتوقع هذا العام وعلى نطاق واسع أن ترتفع اسعار الزيت ليس فقط بسبب قلة المحصول بل أيضاً بسبب انخفاض قيمة الدينار والدولار. لكن القطاع الزراعي لا يتأثر سلباً فقط بعمليات التجريف، بل بنقص الوقود الذي يحتاجه المزارعون لتشغيل الجرارات الزراعية ومحركات الرش، والمولدات التي تضخ المياه من الآبار، وغيرها. وبسبب هذا النقص عاد بعض المزارعين لاستخدام الحمير والبغال في حراثة الأرض. وقال الدكتور محمد الآغا، وزير الزراعة في الحكومة المقالة بغزة، أن 85 في المائة من القطاع الزراعي توقف عن العمل بشكل تام، نتيجة لشح الوقود وإغلاق المعابر والتدمير الإسرائيلي الممنهج للزراعة الفلسطينية. وأوضح الآغا أن عمليات التجريف التي تقوم بها إسرائيل تهدف الى اقامة حزام امني داخل القطاع.