أوباما يهدي فوزه إلى جدته التي ربته.. وظلت تخشى الرجال السود في الشارع

كلينتون ترفض الإقرار بالهزيمة وتتطلع إلى منصب «نائب الرئيس»

المرشح الديمقراطي للرئاسة أوباما يحيي مؤيديه في سان بول ليلة الثلاثاء قبل إعلانه خطاب فوزه (أ ب)
TT

أحدث فوز باراك أوباما بترشيح الحزب الديمقراطي له رجة غير مسبوقة في الولايات المتحدة، وأجمعت وسائل الإعلام الأميركية على القول إن اوباما «صنع التاريخ»، وأشارت الى إن فوزه «حدث تاريخي» وان أميركا لن تنسى «ليلة تاريخية» أعلن فيها لأول مرة فيه عن قيادة أميركي اسود الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية، وسيصبح ترشيح اوباما رسمياً في اغسطس (آب) المقبل عندما ينعقد مؤتمر الحزب الديمقراطي في دنفر بولاية كولارادو، لكن اوباما شرع في العمل كمرشح منذ الآن حيث سيبدأ اليوم حملته الانتخابية ضد المرشح الجمهوري جون ماكين انطلاقاً من ولاية فرجينيا المجاورة للعاصمة واشنطن. وفي غضون ذلك رفضت منافسته هيلاري كيلنتون الإقرار بهزيمتها وقالت لانصارها في نيويورك «كثيرون يسألون ماذا تريد كلينتون، انني اريد ما بقيت اقاتل من أجله، اريد احترام رغبات 18 مليون ناخب صوتوا من أجلي». وقال حاكم بنسلفانيا، اد رندال، الذي يعتبر من أقرب الشخصيات السياسية الى كلينتون «لقد انتهى الامر»، وكان هذا اول تصريح واضح من فريق كلينتون حول نهاية السباق.

وكان أوباما يتحدث في تجمع حاشد حضره 17 ألف شخص داخل القاعة و15 ألفا خارجها في مدينة سانت بول بولاية مينيسوتا بعد ان تجاوز عدد مندوبيه العدد المطلوب لفوزه حيث حصل على 2156 مقابل 1923 لصالح كلينتون، وقال أوباما في خطاب كان قوياًً وحماسياً الى أقصى حد وأمام انصار كانوا يهتفون بهيستيريا «اخترتم الا تستمعوا الى شكوكم ومخاوفكم، لكن استمعتم لآمالكم العظيمة وطموحاتكم الكبيرة... هذه الليلة نهاية الرحلة التاريخية وبداية رحلة اخرى»، وأضاف «في هذه الليلة اقف امامكم وأقول إنني سأصبح المرشح الديمقراطي لرئاسة الولايات المتحدة».

وأهدى اوباما فوزه التاريخي الى جدته التي تولت تربيته بعد أن انفصلت والدته عن والده حسين اوباما (المهاجر الكيني) وتزوجت بمهندس اندونيسي. وقال في هذا الصدد «هذه الليلة هي ليلتها». وكان اوباما اشار في وقت سابق الى جدته وهي من ولاية كنساس حين تطرق الى الترسبات العنصرية في اميركا «تربيت في أحضان امرأة كانت تخشى الرجال السود في الشارع وتتحدث عنهم بعبارات عنصرية».

وقال اوباما كلاماً طيباً في حق كلينتون التي تطمح الآن لتترشح معه لمنصب نائب الرئيس، وقال إنها صنعت التاريخ، وأضاف «صنعت التاريخ ليس لأنها امرأة قامت بما لم تقم به امرأة من قبل، لكن لأنها قيادية استطاعت استقطاب ملايين الأميركيين نظراً لصلابتها والتزاماتها تجاه القضية التي جعلتنا هنا هذه الليلة».

ونوهت كلينتون بدورها بما قام بها اوباما وقالت إنه حفز الكثير من الأميركيين للاهتمام بالسياسة ومتابعتها، وقالت «السؤال المطروح علينا الى اين سنذهب بعد الآن؟ والى اين يمكن ان نتوجه كحزب، وهذا السؤال ظل مطروحاً منذ بداية الحملة، لكنني لن اتخذ قراراً هذه الليلة».

وكان قد جرى اتصال هاتفي مطول بين اوباما وكلينتون الليلة قبل الماضية، وقال روبرت غبس، المتحدث الصحافي باسم اوباما، إنه سيجتمع قريباً معها «لبحث كافة الاحتمالات» وعندما سئل ما إذا كان احتمال ترشيحها نائب للرئيس من بين الاحتمالات قال لا يمكن الدخول في التفاصيل. وقالت شبكة «سي إن إن» إن جميع الاطراف التي لها علاقة مع اوباما او كلينتون لا تريد ان تتحدث عن ماذا يمكن ان يحدث خلال الايام المقبلة. يشار الى ان اوباما وكلينتون تحدثا امس في واشنطن امام مؤتمر «ايباك» الذي يهتم بتوطيد العلاقات الاميركية ـ الاسرائيلية. وقال رئيس حملة كلينتون، تيري ماكليف، بشأن ترشيحها لمنصب نائب الرئيس «أعتقد ان الكثيرين من مؤيديها يرغبون في وجود اسمها على البطاقة الانتخابية (بطاقة اوباما)»، وعلق غبس « لا توجد صفقة حتى الآن».

وقالت مصادر الحزب الديمقراطي إن عدداً من كبار المندوبين أعلنوا وقوفهم الى جانب أوباما مباشرة بعد اعلان نتائج آخر جولة انتخابية بين اوباما وكلينتون في ولايتي جنوب داكوتا ومونتانا، حيث فازت كلينتون في جنوب داكوتا بنسبة 55 في المائة مقابل 54 في المائة لصالح اوباما الذي فاز في مونتانا بنسبة 57 في المائة مقابل 41 في المائة لصالح كلينتون.

ويحتاج اوباما الى مساندة كلينتون، سواء كانت معه على البطاقة الانتخابية او لم تكن، لاقناع الطبقة العاملة من البيض والمتقدمين في السن بالتصويت لصالحه، حتى يستطيع ان يضمن الفوز على ماكين.

وبدأ فريق اوباما في التخطيط للمرحلة المقبلة لمواجهة المرشح الجمهوري جون ماكين، الذي قال إن اوباما لديه تصورات سيئة في مجال الأمن الوطني والقضايا الوطنية الأخرى. وقال ماكين إن المفتاح الرئيسي لكسب الانتخابات هم المستقلون وايضاً الديمقراطيون، وعندما سئل حول ما إذا كان سيرشح ديمقراطيا من المتعاطفين معه نائباً له قال ماكين «لا أعتقد انني سأفعل ذلك».

وألح أوباما ان اختلافاته مع ماكين ليست شخصية بل مع السياسات التي اقترح تطبيقها خلال هذه الحملة، وقال «كانت هناك مسافة بين ماكين وحزبه في الماضي لكن هذه المسافة لم تعد توجد خلال الحملة الانتخابية».

يشار الى ان هذه هي المرة الأولى منذ نصف قرن التي لا يترشح فيها رئيس أو نائب رئيس في هذه الانتخابات، وستكون المرة الأولى منذ عام 1960 التي سيتولى رئاسة البيت الأبيض عضو كونغرس، إذ ان القاعدة المتبعة كانت دائماً تعطي الأولوية للرؤساء ونوابهم او حكام الولايات.

وفي كلا الحالين، سواء فاز اوباما،46 عاماً، أو ماكين، سيكون ذلك حدثاً استثنائياً، في حالة اوباما سيكون لأول مرة في التاريخ الأميركي التي يدخل فيها رئيس اسود في البيت الأبيض، بعد ان نال السود حقوقهم المدنية عام 1965، بفضل نضالات قادها داعية الحقوق المدنية مارتن لوثر كنغ، واذا ما فاز ماكين فستكون ايضاً المرة الأولى التي يحكم فيها البيت الأبيض رئيس متقدم في السن،73 عاماً، وأسير حرب سابق.