الديمقراطيون أمام مخاطر في بلد لا يزال فيه العرق مسألة تثير انقسامات مريرة

أول انتخابات في تاريخ أميركا يدلي فيها غير البيض بنسبة 25% من الأصوات

TT

أصبح الحزب الديمقراطي مقدما على مخاطرة محسوبة تستند الى افتراض ان الاميركيين مستعدون لانتخاب اميركي من اصل افريقي رئيساً. وفي بلد لا يزال فيه العرق مسألة تثير انقسامات مريرة، يتردد معظم المحللين السياسيين في التحدث علنا عما اذا كان لون باراك اوباما سيكون عائقا أمام آمال الحزب للفوز بالرئاسة. إلا ان موسم الانتخابات التمهيدية يظهر بوضوح ان السباق لا يزال يشكل عاملاً مهماً في الخارطة الانتخابية، كما يقول الخبير النفسي والمحلل السياسي في جامعة واشنطن انطوني غرينوالد.

وتفوقت هيلاري كلينتون على اوباما باكثر من 80 % في 9 انتخابات تمهيدية في 18 ولاية، حسب دراسة اعدها غرينوالد ونشرها «مركز بيو للابحاث». وأضاف «من الواضح ان العرق لا يزال عاملا قويا في الانتخابات الاميركية، ولكن تأثيره يعتمد بشكل كبير على الخليط العرقي في الولاية المعنية». وتحدث اوباما عن المسألة العرقية في كلمة في مارس (آذار) رفض فيها فكرة ان العرق سيلعب دورا في الانتخابات. ولكن في السياسة الاميركية، فان هذه الظاهرة تحمل اسما هو «ظاهرة برادلي» التي ظهرت بعد خسارة رئيس بلدية لوس انجليس السابق توم برادلي السباق على منصب حاكم كاليفورنيا عام 1982 رغم انه كان متقدما في الاقتراع. وقال العديد من الناخبين في استطلاعات للرأي انهم لا يجدون مشكلة في ان يكون الحاكم اميركياً من اصل افريقي، ولكن عندما تم عد الاصوات، كان من الواضح انهم كذبوا. وقال كلاي ريتشاردز، مساعد مدير معهد الاستطلاع في جامعة كوينبياك، لوكالة الصحافة الفرنسية، أخيراً ان «العرق مسألة مهمة بالنسبة للطبقة العاملة.. ولكن مدى أهمية هذه المسألة في عملية الانتخابات ليست واضحة». وأضاف ريتشاردز «هناك بيض متقدمون في العمر لا يمكن ان يصوتوا لمرشح اسود ليصبح رئيساً». وحتى لو كان اوباما (المولود لأب كيني وأم بيضاء من كنساس) سجل نتائج افضل في العديد من الولايات التي تسكنها غالبية من الاميركيين من اصل افريقي مثل جورجيا وكارولاينا الجنوبية وميسيسيبي فاقت التوقعات، الا ان غرينوالد لا يزال متشائما. وقال «اخشى ان يكون لعرق اوباما اثر سلبي اكثر منه ايجابي». واضاف «بالطبع لديه الكثير من الميزات الى جانب تلك السلبية».

ولعبت كلينتون على وتر العرق خلال الانتخابات التمهيدية حيث اكدت انها ستكون مرشحة اقوى واكثر قدرة على هزيمة المرشح الجمهوري جون ماكين في نوفمبر (تشرين الثاني). واشارت الى المشاكل التي يواجهها اوباما في استقطاب اصوات الطبقة العاملة البيضاء. وقالت انها الوحيدة القادرة على الفوز في الانتخابات العامة المهمة في اوهايو وبنسلفانيا.

الا ان الخبير السياسي توم شالر من جامعة ميريلاند غير مقتنع بهذا الافتراض. وقال ان الاميركيين الذين لا يقدرون على انتخاب اميركي من اصل افريقي هم في معظمهم من المحافظين المتشددين. ومن غير المرجح ان يصوتوا لمرشح ديمقراطي في أي حال. واضاف «اعتقد ان ظاهرة برادلي ستنطبق على اوباما افتراض خاطئ».

وبعكس معسكر كلينتون، يعتقد شالر انه لا يمكن لأي مرشح ديمقراطي الفوز في المعاقل التقليدية للجمهوريين في الجنوب مثل ولاية كنتاكي وغرب فيرجينيا او تينيسي التي تفوقت فيها هيلاري كلينتون على أوباما.

وقال «انه ليس بحاجة الى هذه الولايات.. وليس بحاجة الى اوهايو، وهناك اشخاص في اوهايو وبنسلفانيا وميشيغان لا يمكنهم مساعدته». واضاف «السؤال هو ما اذا كان سيحصل على عددٍ كافٍ من الاصوات من اشخاص آخرين لتعويض ذلك. ولذلك اعتقد انه يمكن انتخابه ولكن عليه ان يحكم سيطرته على الامور. ولكنني لا اعتقد انه ستكون لمسألة العرق اثر سلبي». وقال شالر الذي ألف كتابا حول كيف يمكن للديمقراطيين الفوز في الانتخابات العامة دون الحاجة الى الولايات الجنوبية، ان هذه «ستكون اول انتخابات في تاريخ الولايات المتحدة يدلي فيها غير البيض بنسبة 25 % من الاصوات». واوضح ان من بين هؤلاء المتحدرين من اصل لاتيني الذين صوتوا بكثافة لكلينتون في الانتخابات التمهيدية، ولكنه من غير المرجح ان يصوتوا للمرشح الجمهوري ماكين في نوفمبربسبب موقفه المتشدد من الهجرة.

ولذلك، فان لدى اوباما آمالا عالية في الفوز بولايات جنوبية غربية مثل كولورادو ونيو مكسيكو ونيفادا حيث اظهرت الاستطلاعات انه يحقق نتائج جيدة ضد ماكين توازي نتائج كلينتون. وقال شالر ان اوباما «يسجل نتائج افضل بين المستقلين في الغرب الذين يحسمون نتائج الانتخابات في هذه الولايات».