الخلافات والشكوك داخل الحكومة اللبنانية وخارجها تثير مخاوف من تأخير مشاريع الخصخصة

TT

جزم اقتصاديون وخبراء بوجود تعقيدات شديدة ستواجه الحكومة الجديدة، بعد انتهاء مخاض التأليف، في مقاربتها الملفات الاقتصادية الاساسية وخصوصاً ما يتعلق بخصخصة بعض المرافق العامة.

ولاحظ مسؤول اقتصادي، طلب عدم الكشف عن اسمه، ان «الخلافات السياسية الحادة بين الاطراف اللبنانية تحول دون طرح ملفات ذات طابع استراتيجي وحسمها ضمن المهل العادية. وسيتبارى الوزراء في التدقيق في كل المواضيع المدرجة على جداول جلسات مجلس الوزراء وفي العودة الى مرجعياتهم في كل تفصيل، وذلك على خلفية الشكوك المتبادلة بين المكونات السياسية لحكومة الوحدة الوطنية المنشودة».

وبالإضافة الى عاملي الشكوك والخلافات السياسية، هناك تباعد مبدئي في وجهات نظر الاطراف المعنية بشأن مواضيع اساسية، في مقدمها موضوع الخصخصة الذي أثار سابقاً ريبة اطراف المعارضة وبعض اطراف الموالاة على رغم الحرص الذي ابدته الحكومة السابقة في استشارة وتكليف مؤسسات دولية معروفة بالموضوعية والثقة لإدارة ملفات الخصخصة.

وسيكون ملف خصخصة شركتي الهاتف النقال (الجوال) اول الملفات الشائكة المطروحة مجدداً امام الحكومة المقبلة، بعدما انجزت الحكومة السابقة آلية التخصيص وحددت المهل لاتمام عملية استدراج العروض، قبل ان تضطر الى تأجيلها مرتين. ويؤكد المسؤول الاقتصادي نفسه صعوبة السير مجدداً بهذا الملف من النقطة ما قبل الاخيرة التي بلغها سابقاً «فما كان ممكناً اصبح الآن خاضعاً للدراسة والتدقيق من قبل ممثلي المعارضة في الحكومة الجديدة. وربما عادوا بهذه الملفات الى نقطة البداية ما يستلزم أشهراً تقارب أو تزيد عن العمر المحدد للحكومة الجديدة التي تستقيل حكماً بعد اتمام الانتخابات النيابية في مايو (أيار) من العام المقبل».

ويُعوَّل على ملف خصخصة شركتي الهاتف الجوال لجذب ايرادات فورية تزيد على 7 مليارات دولار يتم استخدامها حصرياً من ادارة الدين العام البالغ نحو 44 مليار دولار. وهو ايضاً جزء من الالتزامات الداخلية للدولة اللبنانية في اطار مؤتمر «باريس ـ3» الذي خص لبنان بمساعدات وقروض تصل قيمتها الاجمالية الى 7.4 مليارات دولار.

ويطرح بعض السياسيين في المعارضة والموالاة اسئلة متعددة حول حيثيات خصخصة شركتي الهاتف الجوال، خصوصاً انها رابحة وتؤمن ايرادات سنوية تناهز المليار دولار. كما ان قطاع الاتصالات هو الاقل كلفة في موازنة الدولة قياساً بإيراداته الكبيرة، فيما قطاعات اخرى غير مطروحة جدياً للخصخصة حالياً رغم ما تمثله من عبء على الموازنة العامة ومنها قطاع الكهرباء الذي ينوء تحت عجز سنوي وصل الى 1.3 مليار دولار. وهذا الرقم مرشح لمزيد من التفاقم بفعل الارتفاعات المتواصلة في اسعار النفط. كما يثير سياسيون اسئلة حول التجاهل المستمر لطرح ملفات خصخصة اخرى بينها شركة طيران الشرق الاوسط (الميدل ايست) التي اضطر مصرف لبنان المركزي لتملكها قبل سنوات، ونجح في قيادتها للربحية بعد انجاز اعادة هيكلتها وتكوين اسطولها الجوي وتنويع خدماتها. لكن هذه المهمة لا تقع ضمن مهمته الاساسية كسلطة نقدية، مع الاشارة الى توجه سابق لدى الادارة الى طرح 25 في المائة من اسهم الشركة في البورصة وتم تأخيره بانتظار نضوج الظروف الداخلية الملائمة.