الاتصالات السياسية تتراجع لمصلحة «ترميم أمن بيروت».. وقطر تتدخل باتصال أميري وموفد يجمع المعلومات

الحريري ينتظر تجاوب المعارضة مع المعالجات الأمنية للعودة الى الحوار

TT

تراجع البحث في ملف تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة لمصلحة ملف «ترميم أمن بيروت» المهتز جراء الاشكالات شبه اليومية في شوارع العاصمة اللبنانية. فالاتصالات المتعلقة بتشكيل الحكومة متوقفة بشكل كامل من جهة النائب سعد الحريري الذي ينتظر «تطبيق الشق الأمني من اتفاق الدوحة» المتعلق بسحب السلاح والمسلحين من شوارع بيروت. واشارت مصادر بارزة في 14 آذار لـ«الشرق الأوسط» الى ان الحريري يعطي الفرصة لتطبيق المقررات الامنية التي تم التوافق عليها أول من أمس وتلك التي اتخذت في اجتماعات مجلس الامن المركزي وأنه يراقب مدى تجاوب الآخرين معها.

ودخلت قطر مجددا على خط المعالجات، عبر اتصال هاتفي اجراه أميرها بالرئيس اللبناني ميشال سليمان وإيفاد مدير مكتب رئيس الوزراء القطري الى بيروت لـ«جمع المعلومات» في ما يتعلق بالوضع الامني الذي تشكو منه قيادات الاكثرية وتحديدا تيار المستقبل الذي يبدي استياءه من «الواقع الامني» للعاصمة. وقد وصل الموفد القطري أمس الى بيروت، لكنه لن يجري اي اتصالات سياسية وسيحصر عمله في «استطلاع الوضع الأمني «خصوصا في العاصمة، على ان ينقل هذه المعلومات الى القيادة القطرية.

وتغلب الهاجس الامني على ملف التشكيلة الحكومية التي دخلت في «غيبوبة مؤقتة« قد تنتهي مساء الاحد أو صباح الاثنين، كما توقعت مصادر لبنانية بارزة، بعد ان تكون الاجراءات الامنية المتخذة قد بدأت تعطي ثمارها، وبعد ان تكون القيادات اللبنانية قد ازالت عنها «غبار» زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وذكرت المعلومات التي توفرت لـ«الشرق الأوسط» ان الرئيس المكلف تشكيل الحكومة فؤاد السنيورة الذي زار ليل اول من أمس الرئيس ميشال سليمان لم يتطرق الى التشكيلة الحكومية بقدر ما تطرق الى الجانب الامني والمعالجات الامنية.

ورأت الأمانة العامة لقوى 14 آذار في اجتماع عقدته أمس، ان «الأحداث الأمنية التي حصلت بعد انتخاب الرئيس سليمان تستهدف تجويف التسوية التي تم التوصل اليها في الدوحة، كما تستهدف ارباك العهد الجديد ومحاصرته». وأثنت على «الموقف الذي اتخذه رئيس تكتل المستقبل النائب سعد الحريري والقائم على إعطاء الأولوية للجانب الأمني من اتفاق الدوحة الذي يحرم استخدام السلاح في الداخل، وعلى مطالبته بلجنة عربية لتقصي الحقائق وتطبيق ما تم الاتفاق عليه«. ورأت قوى 14 آذار «أن الحل في المجال الأمني يحتاج الى قرار بجعل بيروت مدينة خالية من السلاح تمهيدا لتوفير الأمن والأمان في كل مناطق لبنان، فتطبيق الجانب الأمني من اتفاق الدوحة هو شرط لنجاح جانبه السياسي».

هذا، وتلقى الرئيس سليمان اتصالا من أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وتداول معه في «الأوضاع والتطورات السياسية والامنية الأخيرة». وأعرب الشيخ حمد عن دعمه للجهود المبذولة لاستكمال تطبيق اتفاق الدوحة والدور الذي يمكن ان تلعبه قطر في تقريب وجهات النظر بين القيادات.

ومن جهته، شكر سليمان أمير قطر على الاهتمام الذي أبداه، مؤكدا له «أن الحوار قائم على النقاط التي يدور البحث حولها بين القيادات السياسية، وصولا الى تشكيل الحكومة الجديدة». كما أكد له «ان التعليمات المشددة أعطيت الى الاجهزة الامنية لمعالجة الاشكالات التي حصلت في اليومين الماضيين وما نتج عنها من ذيول لمنع تكرارها».وتلقى الرئيس سليمان إتصالا للغاية نفسها من رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني.

وقال رئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، ان «اتفاق الدوحة حدد صيغة واضحة لشكل الحكومة الأولى في العهد الجديد، من حيث حصة رئيس الجمهورية والموالاة والمعارضة، اتفق عليها طرفا النزاع اللبنانيان. برعاية عربية ـ قطرية مشكورة. وانطلاقا من هذه الصيغة التي سهلت على رئيس الحكومة المكلف نصف المهمة، لم يعد أمامه سوى تذليل عقبات بسيطة، مفهومة في اللعبة الديمقراطية»، مستغربا «بعد أسبوع على بدء الاستشارات، التلطي وراء حدث أمني، ووصفه بالكبير والخطير، لعرقلة تأليف الحكومة».

واضاف: «ثمة شعور عام أن هذه الذريعة ما هي إلا تمثيلية للتهرب من تطبيق اتفاق الدوحة، خصوصا أن أحداثا أمنية خطيرة فعلا وقعت في الشمال والجنوب والجبل والبقاع وبيروت وبقيت من دون تحقيق. وعضت المعارضة مرة جديدة على جرحها، فلم تضع معرفة الحقيقة فيها شرطا، تسهيلا لتأليف الحكومة وانطلاقة العهد الجديد». ورأى أن «مسؤولية الأمن تقع على عاتق حكومة تصريف الأعمال، خصوصا أن وزارتي الداخلية والدفاع هما في تصرفها، وبالتالي فمسؤولية حماية اللبنانيين هي من واجباتها».

واعلن النائب ميشال المر امس انه لا يزال متفائلا بولادة الحكومة خلال الاسبوعين المقبلين رغم الاجواء غير المريحة امام الرئيس المكلف. وأسف لـ «بعض المواقف التي تؤخر عملية التأليف»، معتبرا ان «الاتفاق الشامل في الدوحة لا يمكن ان يتعثر نتيجة اسباب غير مقنعة صغيرة، وزير من هنا ووزير من هناك. ان ارادة اللبنانيين تطالب المسؤولين بالعودة الى ذاتهم وضميرهم وبضرورة التعالي عن المصالح الشخصية تمهيدا لتسهيل مهمة الرئيس المكلف، من جهة، ودعم مسيرة العهد الجديد الذي جاء بتأييد داخلي عربي واقليمي».

وقال بعد لقائه القائمة بالاعمال الاميركية في بيروت ميشيل سيسون ان «توزير (نجله) الياس المر يأتي نتيجة تعاون مسبق بين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ووزير الدفاع الياس المر في اصعب مرحلة مرت على لبنان. وكان الوزير الياس يشكل الغطاء السياسي للجيش، بالاضافة الى تأييد فئة كبيرة من اللبنانيين والمتنيين خصوصا للأداء الذي كان يقوم به خلال الأعوام الثلاثة الاخيرة».

ورفض المر تسمية المعرقلين، لكنه قال: «عند عودتنا من الدوحة كان الجميع يرحب بهذا الاتفاق الذي توج بانتخاب الرئيس. وقلنا ان الحكومة قد ترى النور قبل وصول الرئيس الفرنسي الى لبنان. اليوم، لن تتألف قبل وصول الرئيس ساركوزي. وهذا ما ينعكس سلبا على اللبنانيين ويعيدهم الى اجواء اليأس التي كانت سائدة قبل اتفاق الدوحة. وكل ذلك يأتي بسبب حقيبة وزارية بالزائد هنا او بالناقص هناك، فتجعل من ذلك سببا لشل البلد. وانا لم اسم الجهات التي تعرقل اليوم امام السفيرة الاميركية ولا هي دخلت مباشرة في تفاصيل الموضوع لانها تعرف جيدا ما يجري. وتعتبر ان الموضوع يخص اللبنانيين وهي على مسافة واحدة من الجميع».

وشدد عضو كتلة المستقبل، النائب عاطف مجدلاني، على «ضرورة تنفيذ الشق الأمني من اتفاق الدوحة قبل استكمال الشق السياسي».