إقالة مسؤولين كبيرين في سلاح الجو الأميركي

بعد وقوع خرقين نوويين خلال العام الماضي

TT

أقال وزير الدفاع روبرت غيتس المسؤولين المدني والعسكري في سلاح الجو الأميركي أمس، وهي خطوة غير مسبوقة جاءت بعد تحقيق للبنتاغون توصل إلى وقوع «سلسلة من الأخطاء» في حماية القوات الجوية للترسانة النووية الأميركية. وقد قرر غيتس إقالة رئيس سلاح الجو مايكل واين ورئيس أركان سلاح الجو مايكل موزلي، بسبب «تحول تركيز قيادة القوات الجوية عما يجب أن يكون أكثر المهام حساسية» حسبما قال غيتس أمس، مضيفا أنه سوف يقدم مرشحين لكلا المنصبين للرئيس بوش خلال وقت قصير. وتأتي إقالة واين وموزلي بعد فترة عصيبة لسلاح الجو، حيث حلقت قاذفة استراتيجية تحمل رؤوسا نووية عن طريق الخطأ فوق الأراضي الأميركية، كما وقعت حادثة أخرى عن طريق الخطأ عندما تم تزويد تايوان بمواد تحتوي على أسرار نووية، كما تم الكشف عن فضيحة رشوى بمبلغ 50 مليون دولار تتعلق بمعرض ثاندربيردز الجوي، حيث كسبت حق تنظيمه شركة يمتلكها أربعة جنرالات متقاعدين كانوا قد حازوا أربعة نجوم، وصديق مدني لقادة كبار في سلاح الجو. وغيتس هو أول وزير دفاع يقوم بإقالة الرئيسين المدني والعسكري لسلاح الجو في الوقت نفسه، مما يعزز من رغبته في إحداث تغييرات في مؤسسة البنتاغون لتقديم أولوياته، حسبما أفاد بعض المسؤولين. وبعد توليه لمنصبه بأشهر قليلة، في مارس (آذار) 2007، أجبر غيتس رئيس الجيش فرانسيس هارفي على الاستقالة بسبب معالجته لمشكلات الرعاية الصحية للجنود المصابين في مركز والتر ريد الطبي العسكري. وقد قاد تحقيق البنتاغون الذي اكتمل منذ وقت قريب بخصوص حادثة تايون ـ حيث تم شحن صمامات أربعة صواريخ باليستية بطريق الخطأ إلى تايوان عام 2006، غيتس إلى إدراك ضرورة القيام بخطوات كبيرة لتصحيح الأخطاء الفادحة في مراقبة سلاح الجو للترسانة النووية الأميركية. وقد بقيت هذه المكونات السرية التي تم شحنها بحوزة الجيش التايواني لمدة 17 شهرا. وقد توصل التحقيق الذي قاده كيركلاند دونالد وهو مسؤول البنتاغون عن الأمن النووي، إلى وجود «ضعف تدريجي» في معايير المحافظة على الأسلحة النووية، والخبرة الفنية والمراقبة خلال العقد الماضي. وقد أشار غيتس الذي تحدث أمس إلى مؤتمر صحافي في البنتاغون، إلى أنه بعد الحادثتين اللتين فقد فيهما سلاح الجو السيطرة على المكونات النووية، كانت هناك حاجة إلى إجراء تحقيق شامل، «ولم يكن ذلك مطلبا لقيادة القوات الجوية، بل تطلب تدخلي شخصيا».

وقد أفاد غيتس بأن حادثة تايوان «تعتبر فشلا كبيرا في المحافظة على أمن مكونات عسكرية حساسة وتعكس الأداء الضعيف لسلاح الجو». وفي شهر أغسطس (آب) فقد الجيش تتبع رؤوس نووية لمدة 36 ساعة عندما حلقت طائرة تحمل هذه الرؤوس بين نورث داكوتا ولويزيانا. وقد أفاد غيتس بأن المسؤولين لم يفشلوا فقط في هاتين الحادثتين، وإنما «فشلوا في إدراك مشكلات نظامية» أو معالجتها. وقال كذلك إنه قد تم تحديد «عدد كبير» من جنرالات وكولونيلات القوات الجوية، حيث من المحتمل «تعرضهم لإجراءات تأديبية».

وقد كتب وايت في خطاب استقالته لغيتس: «لقد قرأت مع الأسف التقرير الأخير بشأن مراقبة بعض المكونات النووية. وعليّ أن أكون على قدر المسؤولية التي أتوقعها من رجال القوات الجوية».

وقد تم استدعاء موزلي إلى واشنطن صباح أمس لمقابلة مايكل مولين رئيس هيئة الأركان المشتركة. وفي وقت لاحق من اليوم نفسه، سافر نائب وزير الدفاع غوردون إنجلاند لعقد اجتماع بين قادة كبار في سلاح الجو في أوهايو لمقابلة واين، حسبما أفاد مسؤول في البنتاغون. وقد شكر غيتس الرجلين على الخدمات التي قدماها. وقال: «إن مايك واين رجل شريف ومخلص وكذلك فإن موزلي قد أعطى عشرات السنين من الشجاعة والإخلاص لبلده».

وعلى الرغم من أن ذلك التقرير كان هو العامل الحاسم الذي دفع غيتس إلى اتخاذ قراره، إلا أن بعض المسؤولين يفيدون بأن مشكلات سابقة قد زادت من الشكوك حول فعالية قيادة سلاح الجو. وقد شهد العام الماضي خلافا بين سلاح الجو ومسؤولين كبار في البنتاغون حول موضوعات تشمل دور الجيش في الحرب العراقية وتفضيله للطائرات الجديدة المكّلفة من طراز اف 22. وقد أدى الخلاف حول تمويل هذه الطائرات إلى زيادة الغضب في إدارة بوش بسبب رغبة سلاح الجو في المزيد من الطائرات عما كان البيت الأبيض يرغب في طلبه رسميا. وقد أحس مسؤولو سلاح الجو الكبار كذلك بعدم مصداقيتهم في الكونغرس، حيث كان صانعو السياسات يتحدون الطلبات الكبيرة مثل الاتفاقية الخاصة بالدبابات وطلب الطائرات الحربية الحديثة. وقد أثارت النتائج الأخيرة حول الفساد وانخراط بعض القادة في عقد ثيندربيرد قلق الرأي العام. وفي خطابات بعثت بها إلى غيتس في شهر إبريل (نيسان) أشارت السيناتور كلير ماكسكل وهي عضو في لجنة الخدمات المسلحة، إلى موزلي بسبب تورطه في فضيحة العقد وطلبت توبيخه على الأقل. وقد أفاد موزلي بأن قربه من بعض مقدمي العطاءات للعقد يمكن أن ينظر إليه على أنه غير لائق، لكنه دافع عن هذه العلاقات قائلا إنها ضرورية لتطوير أفكار جديدة للخدمات التي يتم تقديمها. وقد مدح السيناتور كارل ليفين وهو رئيس لجنة الخدمات المسلحة غيتس أيضا، وقال إن توجيه المسؤولية كان: «غائبا عن مكتب وزارة الدفاع لمدة طويلة».

وقد أفاد غيتس بأن جيمس شلينغر وزير الدفاع السابق سوف يرأس لجنة مستقلة للتأكد من مراعاة «أعلى المقاييس» في مراقبة الأسلحة النووية. وقاد أفاد مسؤولون كبار في وزارة الدفاع بأن غيتس لديه بالفعل أسماء لخلافة واين وموزلي، ومنها: الجنرال كيفين شيلتون رئيس القيادة الاستراتيجية الأميركية، والجنرال جون كورلي رئيس القيادة الجوية، والجنرال نورتون شوارتز رئيس قيادة النقل الأميركية.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»