ساركوزي في القصر الرئاسي: إحياء الدولة اللبنانية لتفرض نفسها على الجميع

قال إن على القتلة أن يعرفوا أنهم سيدفعون الثمن

TT

هنا أبرز ما جاء في كلمة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في القصر الجمهوري في بعبدا: «في هذه المرحلة من الامل الهش بالنسبة إلى لبنان، تأتي إلى بيروت كل الأمّة الفرنسية بمختلف أطيافها السياسية، لتوجه إلى الشعب اللبناني بمختلف مكوناته رسالة صداقة وتضامن واخوّة، رسالة أمل والتزام. اليوم، تؤكد فرنسا بأسرها ثقتها بكل لبنان. بالنسبة إلينا، نحن الفرنسيين، لبنان هو كذلك ويجب أن يبقى، التقاطع الأجمل للحضارات والأديان، ورمز الانفتاح والتنوع المُعاش. وإذا كانت نشأت منذ قرون علاقة فريدة قربت الشعبين اللبناني والفرنسي، فذلك لأننا نتقاسم قيم التسامح واحترام الآخر نفسها وقبول الاختلاف. هذه القيم هي اساس ديمقراطيتكم. ويجب أن تتيح للمواطنين من كل الأصول والطوائف العيش معاً والحكم معاً في إطار الحوار والبحث الدائم عن التوافق لمصلحة كل اللبنانيين.

ان يتقاتل اللبنانيون كما بالامس، ويتألم لبنان، عندها تكون آلامكم آلامنا. ونحن لا نتوانى عن تقديم دعمنا لكم لكي نجد معكم، ومع كل الافرقاء المعنيين، طرقاً للتهدئة والتسوية. هذا كان منطق عملنا في صيف 2006 يوم سعينا مع إقرار القرار 1701 لكي يتوقف النزاع، ويتمكن بلدكم من الانصراف إلى إعادة إعماره.

اما أن يتصالح لبنان مع ذاته، فيخط درباً للأمل والمنطق عندها، نتقاسم نحن الفرنسيين مع اللبنانيين أملهم ورغبتهم في الانطلاق بورشة إعادة الإعمار. ذلك أن لدينا نحن الفرنسيين ايمانا بعبقرية جميع بنات وابناء هذا الوطن الساعين لان تعود الحياة إلى الانطلاق من جديد وتنجز مشاريع جديدة وتوضع إرادة الخلق لدى اللبنانيين وقوتهم لمصلحة الجميع، ولكي تتوقف الاغتيالات».

وأضاف متوجها الى الرئيس سليمان: «انتخابكم الباهر يدخل لبنان في مرحلة جديدة. إنتخابكم، فخامة الرئيس، ضمانة أمل للبنانيين كافة الذين يقدّرون الخصال الحميدة الكبرى لديكم التي حققت شهرتكم اثناء قيادتكم للجيش: جيش كان ضامناً لحرية التعبير يوم التظاهرات الضخمة التي عرفها «ربيع بيروت». جيش هو إحدى الركائز الاساسية للدولة ولطرق الدفاع عنها. جيش منتشر في الجنوب بالتنسيق مع قوات الطوارئ الدولية «اليونيفيل» كي تفرض الدولة اللبنانية سيادتها على اراضيها. واقول: جيش شجاع وعملاني، هو رأس حربة في مكافحة الإرهاب. كما أثبت ذلك في معارك نهر البارد، يوم لعبتم شخصياً دوراً أساسياً في ذلك. وعلى وجه الخصوص: جيش لبناني يشكل إحدى أهم المؤسسات في الدولة، ومن الأكثر احتراماً، كونها رمز للوحدة الوطنية. هذه الصفات فخامة الرئيس، سوف تضعونها في خدمة أهداف ومسؤوليات أكبر، لعل ابرزها: ضمان استقرار البلاد ومؤسساتها، وتوطيد حرية جميع المواطنين ورفاهيتهم ضمن احترام تنوعهم الثقافي والديني وأخيراً وليس آخراً إعادة لبنان إلى موقعه الطبيعي في المنطقة والعالم. هذه هي باختصار الأهداف المشروعة التي حددتموها في خطاب القسم الشهير الذي ألقيتموه في 25 ايار (مايو) 2008 الذي لقي ترحيب الجميع. إذاً، إن فرنسا بأسرها ترغب في مساعدتكم في إعادة إحياء الدولة اللبنانية، بحيث تفرض هذه الدولة على الجميع نفسها كدولة قوية ومستقلة. لكل الدول الحق في أن تكون مستقلّة. فكم بالحري أن يتمتع لبنان باستقلاله، فارضاً احترامه على الجميع كدولة تتمتع بمؤسسات متينة، واضعة نفسها في خدمة اللبنانيين كافة. إن فرنسا بأسرها، واوروبا بأسرها تريدان أن تقفا بجانبكم لمساعدتكم في تحقيق هذه الاهداف، التي تضمن الوئام والسلام الداخلي وتبعد التهديدات والمآسي التي تثقل بوطأتها على كاهل وطنكم والمنطقة. لقد كان هناك الكثير من الالم وسقط الكثير من الضحايا في لبنان. وهذا يجب أن يتوقف اليوم وليس غداً. اليوم، ومن دون أي شرط. عندها، وبعد مآسي الدم، واحتراماً لمفهوم الصداقة والثقة التي تجمعنا، سوف نعمل معاً من اجل توطيد العلاقة القائمة مع لبنان وإغنائها. لقد كنا إلى جانبكم في الايام السوداء كما في الايام الحلوة. واود أن أستذكر هنا، الالتزام الثابت في هذا الاتجاه للرئيس جاك شيراك. نحن إذاً سنبقى كذلك. فرنسا هي صديقة للبنان ولجميع اللبنانيين من دون أي استثناء، وسنبقى نصون الالتزام عينه لمواصلة مساهمتنا في كل المشاريع القائمة: يجب إعادة بناء الدولة وإعادة إحياء الاقتصاد والإفادة من كل توصيات «باريس- 3»... وهذا الامر هو ايضاً من مسؤولية رئيس مجلس الوزراء الأستاذ فؤاد السنيورة الذي أحييه بشكل خاص، وهو الذي اظهر شجاعة كبرى خلال هذه السنوات الأخيرة». وتابع: «فرنسا ترغب في مساعدة الجيش اللبناني، ضمن إطار بلورة استراتيجية دفاعية، من خلال حوار صادق بين اللبنانيين. وهذه الاستراتيجية لا يمكن بعد اليوم تأجيل البحث فيها. سنبقى بجانبكم كي لا يبقى استشهاد الرئيس رفيق الحريري وتلك القائمة الطويلة من الاغتيالات التي طاولت منذ تشرين الأول 2004 أبرز أبناء لبنان من دون عقاب. المجرمون القتلة يجب أن يعرفوا أنهم سيدفعون ثمن فعلتهم. هذا هو الهدف المقصود من إنشاء المحكمة الدولية التي دعمتها فرنسا سياسياً ودبلوماسياً ومالياً. واخيراً، سنبقى إلى جانبكم كي يُطبَّق، بصورة كاملة اتفاق الدوحة الذي توّج مسيرة حاولت فرنسا فيها أن تكون لها مكانة أساسية. وليُسمح لي أن أتوجه بالتقدير إلى دولة قطر وقيادتها كذلك إلى الجامعة العربية.

فخامة الرئيس، إذا سمحتم لي أيها الصديق ميشال مع مستهل ولايتكم وفيما ينطلق لبنان إلى مسيرة الأمل، وعليه أن يلتقط هذه الفرصة المهمة من تاريخه الطويل ليُرسي أسس المصالحة الوطنية، أود أن اقول لكم أنّ صداقتنا ليست فقط على المستوى الكلامي. وقد قررنا مع رئيس مجلس الوزراء إيفاد بعثة إلى لبنان، مطلع الاسبوع المقبل لنرى كيف يمكننا أن نضاعف حجم المساعدات المدرسية المخصصة للبنان ولخدمة اللبنانيين كافة. أعرف أن هناك 27 مؤسسة تربوية، ولا يعود لي أن اختار اليوم أيّاً منها سوف تستفيد من هذه المساعدة. وأضاف «خلال الشهر المقبل، سيقود رئيس الوزراء ووزيرا الاقتصاد والمالية بعثة اقتصادية مهمة للمساهمة في إعادة إعمار لبنان.

فخامة الرئيس، أود ان انقل لكم كل تقديري، مكرراً إرادتي الحازمة وهي عينها رغبة رئيس الوزراء السيد فرنسوا فيّون لدعمكم في كل المجالات التي تتمنون، وذلك بهدف بقاء لبنان مستقلاً بصورة كاملة ولبنان حر، ولبنان متحد، لأن لبنان عانى كثيراً في الماضي، وهو لأجل ذلك في حاجة الى مساعدة كل أبنائه أيّاً كانت طائفتهم. وهذا هو لبنان السيد».