فرنسيون من أصل مغاربي يجدون في أوباما قصة إلهام بالنسبة لهم

3 شبان بعد مشاركتهم في برنامج أميركي حول قادة المستقبل: نظرتنا لأميركا تغيرت

علي زاهي يتحدث إلى أصدقائه في منطقة بودي الفرنسية التي قضى فيها طفولته
TT

كان الحدث الأكثر أهمية بالنسبة لكريم زريبي مصافحة باراك أوباما المرشح للرئاسة الأميركية. وبالنسبة لعلي زاهي، كان الحدث الأهم لقاء البطل الذي طالما حلم به أثناء طفولته، ماجيك جونسون، نجم كرة السلة. بينما شعر محمد حميدي بالدهشة لمشاهدته مسجداً في واشنطن يفوق في حجمه المسجد القائم بقريته الأصلية في الجزائر. ويعتبر حميدي، من المدونين البارزين على شبكة الانترنت، وأما زاهي فيعمل مساعداً لعمدة بلدية كليشيه سو بوا، بينما يتولى رزيبي إدارة وكالة توظيف، وجميعهم فرنسيون ومسلمون ودون الثانية والأربعين من العمر ويعملون داخل الضواحي التي تحولت إلى رمز لمشاعر الإحباط التي يشعر بها الشباب من أبناء الجيلين الثاني والثالث من المهاجرين التي أسفرت عن اندلاع أعمال شغب على امتداد ثلاثة أسابيع في فرنسا عام 2005. وقد انضم الثلاثة، وغالبيتهم من أصل مغاربي، إلى الوفود المتنامية من المسلمين الأوروبيين البارزين الذين تتم دعوتهم للقيام بزيارات للولايات المتحدة لمدة 21 يوماً يجري تنظيمها من قبل وزارة الخارجية كجزء من «برنامج القادة الزائرين الدولي». ورغم قلة أعداد هذه الوفود، فإنها تشهد تنامياً مستمراً. وبالنسبة للفرنسيين الثلاثة الذين اشتركوا بالبرنامج منذ بضعة أشهر، ساعدت زيارتهم للولايات المتحدة في تحسين وجهة نظرهم إزاء قوة عظمى تسود مشاعر الكراهية وانعدام الثقة حيالها داخل مجتمعاتهم. وقال زاهي، 32 عاماً، رئيس فريق العمل المعاون لعمدة «كليشي سو بوا»، التي شهدت أعمال شغب عام 2005 في أعقاب مقتل اثنين من الشبان ذوي الأصول الأفريقية أثناء مطاردة قوات الشرطة لهما: «إن الكثير من الشبان يعتقدون أن أميركا تشن حرباً ضد المسلمين. أقول لهم إن أميركا تشكل أموراً كثيرة، فهي البلاد التي بها مرشح رئاسي أسود ومجتمع مسلم يتميز بالثقة بالنفس. وأقول لهم إن الشعب الأميركي مضياف وكريم». وفي أعقاب هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 الإرهابية واكتشاف أنه تم التخطيط لتلك الهجمات من قبل إسلاميين عاشوا في هامبورغ بألمانيا، جعلت وزارة الخارجية الأميركية من التواصل مع مسلمي أوروبا أولوية لها، طبقاً لما صرح به جيمس بولوك، مدير الشؤون العامة داخل السفارة الأميركية بباريس. بيد أنه حتى هذه الجهود الأميركية المتواضعة أثارت القلق داخل فرنسا، فمثلا، صدر فيلم تلفزيوني وثائقي حول البرامج الثقافية الأميركية في الضواحي الفرنسية وبرامج الزيارة تحت عنوان «وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في الضواحي». علاوة على ذلك، حذرت مجلة «ماريان» ذات الميول اليسارية، من «سيطرة أميركية على العرب والسود». وقال زاهي، الذي تجول أثناء زيارته للولايات المتحدة الخريف السابق بكل من تكساس وأركنسو وأوريغون وواشنطن العاصمة ونيويورك، إنه شعر بتعرضه لرد فعل سلبي، موضحاً أنه تعرض لاتهامات من قبل كثيرين بكونه جاسوساً، في أعقاب نشر صحيفة «لو باريزيان» مقالاً يزعم أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية تجند أبناء الضواحي، إلى جانب صورة كاريكاتويرية لمسلم يصلي على سجادة صلاة تحمل صورة العالم الأميركي. وعلى الجانب الآخر، أوضح جستان فيز، الزميل بمعهد الأبحاث بروكنغز الأميركي والذي عمل مستشاراً لوزارة الخارجية الفرنسية، أن الحكومة الفرنسية نفذت برامج مشابهة مع الولايات المتحدة، فعندما اجتذبت أعمال التخريب المعادية للسامية داخل فرنسا تغطية واسعة من جانب وسائل الإعلام الأميركية عام 2002، سعت وزارة الخارجية الفرنسية لاجتذاب القيادات والصحافيين من اليهود الشباب لبرامج الزيارات الخاصة بها.

وقال زريبي، الذي ينتمي لأب جزائري وأم جزائرية ـ فرنسية، إنه كان يعتقد بأن الأقليات داخل الولايات المتحدة مهمشة ثقافياً، لكن زيارته للبلاد غيرت وجهة النظر تلك. وعلق قائلاً: «لقد شاهدت الحلم الأميركي بعيني. ويجسد باراك أوباما هذا الحلم»، مشيراً إلى أنه، مثل أوباما، له جدة مسلمة وجدة مسيحية.

وقال حميدي، الذي يعمل بمدرسة ثانوية إلى جانب عمله كمدون على الانترنت: «لست ساذجاً. أدرك تماماً لماذا دعونا، لكن ذلك لم يكن جهداً فجاً لحشد التأييد، وإنما كان مصدر استمتاع لنا وتعلمنا من الزيارة الكثير». وأوضح حيمدي أنه عاين تفاقم مشاعر كراهية واشنطن خلال السنوات الأخيرة، مستطرداً أن بعض تلاميذه انخدعوا بالآيديولوجية الجهادية خلال التسعينات، ثم تحولوا ضد واشنطن عام 2003 بعد بدء حرب العراق. وأعرب عن اعتقاده أن أحد العوامل التي تأجج مشاعر العداء للولايات المتحدة الاعتقاد بأن دعمها القوي لإسرائيل يعود بالظلم على الفلسطينيين. وقال المسلمون الثلاثة إن زيارتهم للولايات المتحدة جعلتهم يدركون حقائق عن فرنسا ومشاعر الانحياز والتحامل بها. وأكد زاهي وزريبي أن التغطية السلبية لوسائل الإعلام الفرنسية لزيارتهم للولايات المتحدة نابعة من مشاعر معاداة المهاجرين. وقال زريبي: «من المثير للضحك أن يتهمنا الناس بأننا عملاء. متى اتهم أي شخص سياسي فرنسياً أبيض شارك في هذا البرنامج بأنه يعمل لحساب وكالة الاستخبارات المركزية؟».

وأشار زاهي إلى أنه على خلاف الحال داخل الولايات المتحدة، تجد النخب الفرنسية صعوبة في تخيل أحد أبناء الأقليات قائداً للبلاد في المستقبل. وأضاف: «ربما يفسر ذلك رد فعل المؤسسة الفرنسية المنطوي على قدر كبير من الشعور بالاضطهاد حيال ما تقوم به أميركا في الضواحي، فربما يخشون من ظهور أوباما فرنسي».

* خدمة «نيويورك تايمز»