باكستان: صعود المسلحين في الشريط الحدودي يكشف إهدار فرص ثمينة

نائب أميركي: الوضع أشبه بحرب عصابات قديمة

TT

أعلن دبلوماسيون ومسؤولون معنيون بمكافحة الإرهاب أن الولايات المتحدة وحلفاءها أهدروا فرصة ثمينة لتعزيز التحالفات مع الزعماء القبليين الذين يجري النظر إليهم باعتبارهم عناصر جوهرية في جهود طرد المتطرفين الإسلاميين من الملاذات الآمنة التي يحتمون بها على امتداد الحدود الباكستانية ـ الأفغانية، وباتوا يواجهون الآن الحاجة لبذل جهود مكلفة وطويلة الأمد لاستعادة النفوذ هناك. وأوضح هؤلاء المسؤولون أن كبار قادة قبائل البشتون يتمتعون بنفوذ سياسي هائل ومكانة اجتماعية كبرى، خاصة داخل المناطق القبلية الواقعة على الحدود مع أفغانستان التي لا تخضع في معظمها لسيطرة الحكومة المركزية. إلا أن واشنطن وحلفاءها في إسلام آباد وكابل لم يجعلوا من مسألة تكوين تحالفات معهم أولوية أمامهم، رغم توافر أدلة حول تنامي قوة القاعدة وطالبان داخل المناطق القبلية الحدودية، حسبما أكد المسؤولون. يذكر أنه بمجرد إقرارهم لسيطرتهم، قام المسلحون بذبح أو تهديد المئات من هؤلاء الزعماء القبليين في إطار حملة اعترف المسؤولون الأميركيون أنها أسفرت عن تقويض جهودهم لمكافحة الإرهاب بصورة خطيرة. ويتفق مسؤولون أميركيون وباكستانيون وأفغان على أن الفرصة المهدرة تؤكد على إخفاق كبير للسياسة الأميركية، وأنه رغم مليارات الدولارات التي تم إنفاقها حتى الآن، لم يتم إحراز تقدم ملموس نحو إحراز الأهداف المرتبطة بجهود مكافحة التمرد، ومن بينها العمل مع زعماء القبائل على تحديد السبيل الأمثل لخدمة المقيمين بالمناطق الخاصة بهم. وعليه، تحقق القاعدة وطالبان نجاحاً أكبر بكثير في توسيع دائرة حركة التمرد التي يشنوها، عما هو الحال مع جهود واشنطن وحلفائها للقضاء عليها. وأكد أحد كبار المسؤولين بوزارة الخارجية المعنيين بالقضايا جنوب الآسيوية أن التغلب على الضرر الحالي سيتطلب بذل جهود دؤوبة بمجال مكافحة التمرد على مدار سنوات عديدة. جدير بالذكر أن قبائل البشتون مارست الحكم داخل أجزاء واسعة من باكستان وأفغانستان على امتداد قرون عديدة، وغالباً ما تم ذلك خارج نطاق سيطرة الحكومة المركزية. ولا ينتمي البشتون بصورة عامة إلى المسلحين الإسلاميين، لكن طبقاً للقوانين القبلية التي يخضعون لها فإنهم ملزمين بتوفير الملاذ لأي شخص يطلبه، بما في ذلك المتطرفين. في أعقاب إطاحة القوات التي قادتها واشنطن بطالبان عام 2001، فرت معظم العناصر المسلحة المتبقية عبر الحدود إلى داخل الأراضي الباكستانية. من جانبهم، ضغط المسؤولون الأميركيون على الرئيس الباكستاني بيرفيز مشرف لتكوين تحالفات مع زعماء القبائل، خاصة عندما بات من الواضح أن القاعدة وطالبان تكتسبان قوة متنامية، حسبما أوضح هنري كرمبتون، الذي تولى منصب سفير وزارة الخارجية لشؤون مكافحة الإرهاب بين عامي 2005 و2007، وعمل قبل ذلك بمجال مكافحة الإرهاب داخل وكالة الاستخبارات المركزية.

* خدمة لوس أنجليس تايمز ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»