المغرب يفتح تحقيقا حول الشغب في سيدي إفني والجهات التي روجت لسقوط قتلى

المدينة تستعيد تدريجياً مظاهر الحياة الطبيعية فيها

TT

بينما نفى محافظ إقليم تزنيت (حوالي 780 كيلومترا جنوب الرباط) سقوط ضحايا خلال تدخل للسلطات الأمنية بمدينة سيدي إفني لإعادة حركة السير الى طبيعتها في ميناء المدينة، الذي كانت مداخله محاصرة من قبل مجموعة من الشباب العاطل، استمعت الشرطة القضائية، بأمر من وكيل الملك (النائب العام) في المحكمة الابتدائية بالرباط، لحسن الراشدي، مدير مكتب «الجزيرة» في الرباط، وذلك بخصوص المعلومات التي بثتها القناة القطرية أول من أمس، والتي تحدثت عن وفاة ستة الى عشرة أشخاص خلال تدخل قوات الأمن لتفريق تظاهرة احتجاجية بميناء سيدي إفني.

وفي سياق ذلك، قال خالد الناصري، وزير الاتصال (الإعلام) المغربي، إن الحكومة فتحت تحقيقا حول ملابسات أحداث الشغب التي شهدتها مدينة سيدي افني، خاصة في ما يتعلق بالجهات التي روجت لخبر وقوع قتلى في صفوف المحتجين. وأوضح الناصري في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الترويج لفكرة حدوث وفيات يروم إحداث البلبلة بدون سند واقعي أو قانوني، معتبراً ذلك «أمراً خطيراً». وكانت السلطات المغربية قد اعربت في وقت سابق عن استغرابها من بث قناة «الجزيرة» لهذه المعلومات الخاطئة، مشيرة إلى أن مكتب «الجزيرة» في الرباط، سبق وأن أبلغ من طرف وزارة الداخلية أن التدخل الامني لم يخلف أية ضحايا في الارواح. وأكد الناصري أن الحكومة المغربية منكبة على حل القضايا الاجتماعية بمنطقة سيدي افني، بالطرق المناسبة، لكنها ترفض الفوضى، مثلما ترفضها جميع الدول الديمقراطية، إذ لا تقبل أي منها حدوث شغب، مشيراً إلى أن السلطات الأمنية تدخلت، بعد أن نفذ صبرها، لفك الحصار على الميناء الذي نتجت عنه خسائر مالية كبيرة. وكشف الوزير الناصري عن قيام السلطات المحلية في سيدي افني بالتفاوض مع المحتجين في الميناء قبل حصول التدخل الامني، مؤكدا ان السلطات المحلية، ومنتخبي المنطقة، قاموا طيلة أسبوع بمفاوضات للحيلولة دون وقوع ما حدث، بيد ان تلك المفاوضات وصلت الى الباب المسدود، نظرا لان الجهات التي رعت الاحتجاج تصرفت تصرفا خارج القانون، ووضعت مطالب تعجيزية، على حد تعبيره. وأشار الوزير الناصري إلى أن تلك المطالب ربما كان منطلقها يحظى بقليل من المشروعية الاجتماعية، من قبيل المطالبة بتشغيل العاطلين عن العمل، لكن تلك المطالب ألبست لبوسا سياسويا، على حد قوله. من جهته، أوضح سويلم بوشعاب، محافظ تيزنيت، في تصريحات صحافية ادلى بها الليلة قبل الماضية، أن «تدخل السلطات لم يسفر عن أي ضحايا، وأن الأمور عادت إلى نصابها». وأضاف أن هذا «التدخل كانت له آثار جد إيجابية على سكان المدينة الذين شعروا بأنه لا بد من حسم الموضوع، وأن تتحمل المصالح الأمنية مسؤوليتها لاستتباب الأمن».

وأشار المحافظ إلى أنه «تم اتخاذ عدة إجراءات من طرف السلطات المحلية والجهوية، وكذا المنتخبين وأعيان المنطقة، حيث تم عقد اجتماعات مع ممثلي هؤلاء الشبان من أجل إيجاد حلول سلمية للمشاكل المطروحة، لكن دون التوصل إلى أية نتيجة». وأضاف أن «المصالح الأمنية تدخلت وفكت الحصار، فأخذت الشاحنات طريقها الى وجهاتها المعروفة»، مشيرا إلى أن «كل هذا تم طبقا للقوانين الجاري بها العمل، وتحت مراقبة النيابة العامة». يذكر أن مجموعة من الشباب العاطل عن العمل قامت منذ 30 مايو (ايار) الماضي بإغلاق مداخل ميناء سيدي إفني، الذي كانت توجد به89 شاحنة محملة بكميات هامة من الأسماك في ملكية رجال أعمال من مختلف أنحاء البلاد.

إلى ذلك، قال شهود عيان ان مدينة سيدي إفني، بدأت أمس تستعيد تدريجيا مظاهر الحياة الطبيعية بعدما تحولت، أول من أمس، إلى مدينة شبه مهجورة لا تتحرك في أحيائها وشوارعها إلا وحدات الأمن المختلفة التي دخلت في مواجهات مع فئات من السكان خاصة الشباب، جراء قيامهم باحتجاجات اجتماعية.

وبدأ المواطنون امس يخرجون من منازلهم للوقوف عند مداخل الأزقة والدروب، فيما لم يبادر أصحاب الدكاكين والمتاجر إلى فتح محلاتهم مخافة عودة القلاقل إلى المدينة، التي ترتب عليها وقوع العشرات من الإصابات سواء في صفوف قوات الأمن أو المحتجين. وأضاف شهود العيان أن جل شوارع المدينة بدت خالية من دوريات رجال الأمن، ومختلف قوات التدخل التي حلت بالمدينة ليلة الجمعة السبت بينما ظلت سيارات نقل القوات العمومية مرابطة في أماكن استراتيجية من المدينة تحسبا لأي طارئ، بعدما تم استتباب الأمن في المدينة.

ومن جهته، وصف خالد الشرقاوي السموني، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان (منظمة غير حكومية)، ما جرى في سيدي افني، بأنه «أمر مؤسف». وانتقد السموني تدخل قوات الأمن، الذي وصفه بـ«العنيف»، ضد مظاهرة سلمية تروم الاحتجاج على تلكؤ الحكومة، ومسؤولي المنطقة في إنجاز وعود قطعوها على أنفسهم منذ عام 2005، والرامية الى تشغيل شباب المنطقة في صناعات تحويلية خاصة بالأسماك، والسماح لهم بالاستثمار في قطاع الصيد البحري. وأكد السموني، الذي كان يتحدث مساء أول من أمس في مؤتمر صحافي بالرباط، عقب حدوث الاضطرابات الاجتماعية في سيدي افني، أن الطريقة التي عالجت بها السلطات الأمر، تظهر غياب المفهوم الجديد للسلطة، وترجع بالمغرب الى العقود السابقة. ومن جهته، نفى ابراهيم سبع الليل، رئيس فرع المركز ذاته في سيدي افني، خلال المؤتمر الصحافي، أي صلة للحركة الاحتجاجية بسيدي افني، بجبهة البوليساريو. وقال «إن المحتجين المتحدرين من المنطقة، لا علاقة لهم بجبهة البوليساريو، بل كانوا دائما يحملون العلم الوطني في يد، وصور العاهل المغربي الملك محمد السادس في اليد الاخرى».