المالكي يبحث في طهران «الحملة الدعائية» الإيرانية المناهضة للاتفاقية العراقية ـ الأميركية

نائب في الائتلاف الحاكم: رئيس الوزراء لن يذهب للمعاتبة أو المحاسبة بل لتمتين العلاقات

الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد يستقبل بحرارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في طهران أمس (أ.ب)
TT

اكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للمسؤولين الايرانيين خلال زيارته لطهران، أن العراق لن يستخدم قاعدة للمس بأمن ايران ودول مجاورة. فيما اكد مسؤول عراقي بارز في وزارة الخارجية ان المالكي سيبحث قضايا ترسيم الحدود والتجاوزات الايرانية على الآبار النفطية الحدودية.

وقال المالكي خلال لقاء مع وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي «لن نسمح ان يتحول العراق الى قاعدة للإضرار بأمن إيران والدول المجاورة». وأضاف ان «الاهداف الاستراتيجية للحكومة العراقية في زيارة العراق تقوم على ترسيخ علاقات بلاده مع ايران والدول المجاورة على اساس النوايا الحسنة والعلاقات المتينة وهذا ما ترغب به كافة المجموعات والشعب العراقي». وأوضح ان «استقرار الأوضاع في العراق أو عدم إحلال الأمن في العراق يمكن ان يؤثر على المنطقة برمتها ونحن نعتبر إقرار الأمن في العراق وايران من اهداف البلدين ولن نسمح ان يتحول العراق الى قاعدة للاضرار بأمن ايران والدول المجاورة»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

من جهته، أكد متقي ان «استراتيجية» ايران هي «توطيد علاقات الصداقة بين البلدين».

والتقى المالكي، الذي يقوم بثالث زيارة له الى ايران منذ توليه مهامه في 2006، مسؤولين ايرانيين آخرين بينهم الرئيس محمود احمدي نجاد.

ونقلت وكالة الاسوشييتد برس عن مسؤول عراقي مقرب من المالكي، فضل عدم الكشف عن اسمه، ان المالكي سيقدم شكاوى للجانب الايراني حول «الحملة الدعائية» الايرانية المناهضة للاتفاقية، كدليل على التدخل الايراني في الشأن الداخلي العراقي.

كما سيثير المالكي الادعاءات الاميركية حول قيام ايران بدعم وتمويل وتسليح وتدريب الميليشيات الشيعية في العراق. كما سيبحث المالكي خلال زيارته قضايا اقتصادية خصوصا التزود الاضافي بالطاقة الكهربائية وتصدير النفط واستيراد المياه.

والشهر الماضي شكل المالكي لجنة للتحقق من الاتهامات الاميركية حول تدخل ايراني في شؤون العراق. وتأتي تصريحات المالكي في وقت يتفاوض فيه العراقيون والاميركيون منذ مطلع مارس (آذار) حول اتفاق «تعاون وصداقة طويل الامد» سيحدد اطار العلاقات بين البلدين في المستقبل وخصوصا الوجود العسكري الاميركي في العراق.

ويرمي الاتفاق المعروف باسم «اتفاقية وضع القوات» الى وضع اسس قانونية لوجود القوات الاميركية على الاراضي العراقية بعد 31 ديسمبر (كانون الاول) عندما ينتهي العمل بالقرار الدولي الذي ينظم حاليا انتشارها في هذا البلد.

وكان علي الدباغ، الناطق باسم الحكومة العراقية، قد اشار في وقت سابق الى ان المالكي سيبحث اتفاقا استراتيجيا مع الجانب الايراني. وقال حيدر العبادي النائب في البرلمان العراقي والقيادي في حزب الدعوة الاسلامية الذي يتزعمه المالكي لـ«الشرق الاوسط» إنه «ليس هناك دافع لعقد اتفاقية امنية مع ايران، ولكن اتفاقيات من نوع آخر اقتصادية او ثقافية او في مجالات الإعمار».

وأوضح العبادي أن المالكي سوف يطرح خلال محادثاته في ايران وخلال زيارته للاردن قريبا تمتين العلاقات العراقية مع كافة دول الجوار، وان العراق «جاد» في ألا يسمح باستخدام اراضيه وأجوائه لاي عمليات عسكرية ضد اي من جيرانه بشكل عام وضد ايران بشكل خاص بسبب المخاوف التي تبديها طهران من ذلك.  غير انه اضاف قائلا ان «اي تدخل في شؤون العراق من قبل ايران او اي دولة اخرى سيعرض العلاقة بين بغداد وتلك الدول الى الخطر او التراجع، لذا نحتاج الى الابتعاد عن مثل هذا التدخل، وحصر التعامل بين البلدين عن طريق المؤسسات الدستورية والرسمية وليس عن طريق فئات وجماعات من أجل بناء علاقات متينة بعيدة عن الخلافات والمشاكل». من جهته، أكد النائب عباس البياتي عن كتلة الائتلاف العراقي الموحد، أن زيارة المالكي لإيران «تأتي في اطار استثمار التحسن الأمني والسياسي الذي حصل في البلاد، ورغبة من القيادة السياسية في بغداد بترجمة هذا التحسن في حركة دبلوماسية نشطة على دول عربية وإسلامية ممكن ان تساهم في تعزيز هذا التحسن». وقال البياتي لـ«الشرق الاوسط» إن العراق يريد علاقات متوازنة مع اميركا وايران ولن يقف الى جانب أي منهما في حال الاعتداء من قبل أحدهما على الآخر، وانما سيكون العراق عامل تهدئة وتبريد لمنع وقوع اي صدام اميركي ـ ايراني. وأوضح النائب العراقي أن هذه الزيارة لن يتخللها توقيع اي اتفاق أمني مع ايران كرد على الاتفاقية الامنية بين واشنطن وبغداد، لأن الاتفاقيات الموجودة في هذا الشأن بين البلدين كافية وتضمن مصلحتهما وتحافظ على المشتركات المتعددة بين بغداد وطهران. وأضاف «المالكي لم يذهب لإيران من أجل المحاسبة او المعاتبة وإنما ذهب وهو يحمل رغبة عراقية صادقة في إقامة علاقة قوية متينة مع ايران ومع سائر الدول الاخرى، وكذلك من أجل التوضيح للجانب الايراني بان العراق قادر على اتخاذ المواقف التي من شأنها حفظ سيادته».

من جهته، أكد لبيد عباوي وكيل وزير الخارجية العراقي لـ«الشرق الاوسط» أن زيارة المالكي والوفد المرافق له لإيران تحمل في طياتها معطيات كثيرة في كافة المواضيع التي تتعلق بالعلاقات الثنائية ومنها ما يتعلق بالتدخل الايراني بالشؤون الداخلية للعراق والقضايا العالقة كالتجاوزات الايرانية على الآبار النفطية الحدودية والخلافات حول اتفاقية ترسيم الحدود الموقعة بين ايران والعراق عام 1975 ومسار خط الداموك، والتي سيتم طرحها خلال المباحثات بين مسؤولي البلدين.