شريكا الحكم في السودان يتوصلان إلى اتفاق لإنهاء أزمة «أبيي» النفطية

مسؤول في الحزب الحاكم لـ«الشرق الأوسط»: إدارة مشتركة وحدود مؤقتة.. وتأجيل التحكيم الدولي

ياسر عرمان من الحركة الشعبية لتحرير السودان يتحدث للاعلام بعد لقائه الرئيس السوداني ونائبه في الخرطوم أمس (رويترز)
TT

طوى شريكا الحكم في السودان، حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان، صفحة الخلاف بينهما حول تبعية منطقة «أبيي» الغنية بالنفط. واعتمدت مؤسسة رئاسة الجمهورية المكونة من الرئيس عمر البشير ونائبه الأول رئيس الحركة الشعبية، سلفا كير، والنائب، علي عثمان محمد طه، في اجتماع نادر لها في بيت الضيافة «مقر إقامة الرئيس»، اعتمدت وثيقة اتفاق أبيي بشكلها النهائي، ووقعت عليه ليصدر في مرسوم جمهوري خلال الفترة القليلة القادمة. وفيما اعتبرت الحركة الشعبية الوثيقة بمثابة قوة دفع جديدة لاتفاق السلام الشامل الموقع بينمها «نيفاشا»، وصفه حزب المؤتمر الوطني بأنه «ميلاد جديد لاتفاقية السلام الشامل»، وخلا الاتفاق من ضمانات محددة لتنفيذه.

وقال الدرديري محمد احمد، عضو اللجنة المشتركة لحل ازمة أبيي، عن حزب المؤتمر الوطني، لـ«الشرق الأوسط» إن الضمانات لتنفيذ الاتفاق هي فقط البنود المنصوص عليها في الاتفاق نفسه، من تحكيم وغيره، فضلا عن إرادة الطرفين في تنفيذ تلك البنود، والوصول بها الى بر الأمان. وقال محمد احمد في تصريحات صحافية «إن الملامح الرئيسية للاتفاق تضمنت ترتيبات امنية تعيد الطمأنينة للمنطقة وتبسط نفوذ القوات المسلحة والمشتركة والشرطة، وسيتم نشرها تباعا بهدف تأمين المنطقة وسلامة المواطنين، واتخاذ ترتيبات اعادة النازحين الذين هجروا المنطقة عقب الأحداث الأخيرة فورا، والاتفاق علي الشروع في تعيين الإدارة المؤقتة لأبيي من المؤتمر الوطني والحركة الشعبية من بين مواطني المنطقة، على أن تباشر صلاحياتها ومهامها وفقا لبروتوكول أبيي، فضلا عن اتفاق الطرفين علي حل نهائي يحتكمان بصدده إلى هيئة دولية متخصصة في التحكيم تنظر في ما يقدمانه إليها في ما يتصل بترسيم الحدود النهائية لمنطقة أبيي. وإذا لم يتفق الطرفان على التحكيم خلال شهر من تاريخ التوقيع تتولي المحكمة الدولية بلاهاي ذلك ويصدر امينها العام قرارات بتعيين هيئة التحكيم وتحديد مشارطته».

وكشف أن الرئاسة أقرت اهمية تحريك كافة البنود الأخرى لاتفاقية السلام الشامل، خاصة في ما يتصل بقانون الانتخابات وترسيم الحدود بين الشمال والجنوب وتعاون الشريكين لإكمال مفاوضات دارفور وإنجاز ما هو متبق من بروتوكول المنطقتين وغيرها. واعتبر الدرديري الاتفاق ميلادا جديدا لاتفاقية السلام الشامل، وتوقع أن تقوم الحركة الشعبية بعد الاتفاق بتقديم مرشح جديد لها بدلا من أدوارد لينو ليتولي منصب رئاسة الإدارة.

من جانبه، قال ياسر عرمان، عضو اللجنة المشتركة لمعالجة قضية أبيي، إن وثيقة الاتفاق تعد تحريكا لكل اتفاقية السلام الشامل بعد التواصل لاتفاق حول أبيي، وأضاف أن رئاسة الجمهورية وجهت بالاستمرار في مناقشة كل القضايا المتصلة بقانون الانتخابات، والمصالحة الوطنية. وعبر عرمان عن الرضاء التام للحركة الشعبية والمؤتمر الوطني علي الاتفاق، وقال: إننا نعتبره محطة وقوة دفع جديدة للطرفين في اتجاه السلام الشامل. ويتمحور الخلاف حول أبيي في ان حزب المؤتمر الوطني يرى ان المنطقة تتبع لشمال السودان تاريخيا ويجب ان تظل على هذا الحال، فيما ترى الحركة الشعبية ان المنطقة التي تقطنها قبيلتا المسرية العربية ودينكا نقوك ذات الأصول الأفريقية تتبع لجنوب السودان أصلا وتم تحويلها بقرار إداري للشمال في العام 1905، وظلت أبيي تشكل العقبة الرئيسية في جميع مفاوضات حل مشكلة الجنوب لأكثر من خمسة عقود من الزمان، وكان ملف أبيي بمثابة الملف الأكثر تعقيدا في مفاوضات نيفاشا التي انتهت باتفاق السلام المعروف باتفاق السلام الشامل، حيث الحق في للحظات الأخيرة لكتاب اتفاق السلام الذي يحمل «6» بروتكولات سلام من بينها بروتكول ابيي، وهو مقترح مقدم من الإدارة الأميركية، وافق عليه الطرفان بعد نقاش وحذف وتعديل، ولكن البروتوكول ظل محل الخلاف في التنفيذ، خاصة بعد تقرير جدلي قدمه خبراء حددهم البروتكول لتحديد حدود أبيي في العام 1905، ومنذ مطلع العام الحالي تصاعدت الأمور في أبيي بصورة مستمرة أدت الى اشتباكات بين الطرفين كان آخرها في مايو (أيار) الماضي والتي اسفرت عن حرق اغلب المدينة وتشريد اكثر من 50 ألفا من مواطني المنطقة. ويذكر ان الاتفاق الحالي جاء بعد مفاوضات مستمرة استغرقت أكثر من ثلاثة أسابيع حفلت بالخلافات والجدل حول مصير المنطقة، وبسبب أبيي ودارفور علقت الإدارة الأميركية اخيرا مفاوضات بينها وبين الحكومة السودانية لتطبيع العلاقات المتردية بين البلدين.