العطية لـ«الشرق الأوسط»: الموعد النهائي لاتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي في سبتمبر المقبل

المجلس الوزاري الخليجي ينتقد تقرير وزارة الخارجية الأميركية حول الاتجار بالبشر

TT

قال عبد الرحمن العطية، الأمين العام لمجلس دول مجلس التعاون الخليجي، لـ«الشرق الأوسط»: «إن الاتحاد الأوروبي يقحم قضايا سياسية أدت إلى تأخر إبرام اتفاقية التجارة الحرة بين دول التعاون والاتحاد الاوروبي، موضحا أنهم تبنوا شراكة استراتيجية أوروبية مع إسرائيل يحاولون فرضها على دول التعاون التي ترفض إقامة أي علاقات مع إسرائيل حتى التوصل الى اتفاق سلام شامل يؤدي الى قيام دولة فلسطينية وإنهاء الاحتلال». وبين أن هذا الأمر «غير مستحب ولا يدعو للارتياح من دول المنطقة»، مؤكدا خلال رده على سؤال «الشرق الأوسط» أنه في سبتمبر (ايلول) القادم ـ وهو موعد المفاوضات بين الجانبين ـ سيكون اللقاء النهائي بين الطرفين «إما أن يتم توقيع الاتفاقية، أو إيقاف المفاوضات».

جاء ذلك خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده العطية ووزير الدولة للشؤون الخارجية القطري، احمد بن عبد الله آل محمود، رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري، عقب انعقاد أعمال الاجتماع الوزاري لمجلس التعاون في دورته الـ107 برئاسة دولة قطر، والذي عقد مساء أمس بقصر المؤتمرات في جدة.

وبخصوص أزمة التضخم في دول المنطقة، أوضح الوزير القطري أن المجلس الوزاري كلف هيئة استشارية إعداد دراسة شاملة عن أسباب وحلول المشكلة، مؤكدا أنها ستخرج للنور في الوقت القريب.

وحول عملية السلام في الشرق الأوسط، أعرب المجلس الوزاري، عبر بيانه الختامي، عن إدانته وشجبه لاستمرار الاعتداءات والممارسات الوحشية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بشكل يومي ضد أبناء الشعب الفلسطيني، ودعا المجتمع الدولي إلى بذل مزيد من الجهد للضغط على إسرائيل، وتحذيرها من خطورة الاستمرار في تجاهل المساعي والمبادرات السلمية العربية والدولية وتحدي قرارات الشرعية الدولية، ومطالبة إسرائيل بوقف عمليات تهويد القدس وبناء المستوطنات ورفع الحصار الجائر على قطاع غزة وإغلاق المعابر، وكافة الإجراءات التي من شأنها مفاقمة المعاناة الإنسانية لأبناء الشعب الفلسطيني، مؤكدا ضرورة تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته السياسية والأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني.

وفي سياق متصل، جدد المجلس الوزاري مطالبه بضرورة وأهمية الوحدة الوطنية الفلسطينية، باعتبارها الأساس لحماية المصالح العليا للشعب الفلسطيني، داعيا الفرقاء للعودة إلى الالتزام باتفاق مكة المكرمة.

كما جدد مطالبته لإسرائيل بالانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة، بما في ذلك مرتفعات الجولان السورية إلى خط الرابع من يونيو (حزيران) 1967، ومن باقي الأراضي اللبنانية المحتلة في جنوب لبنان، وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، معربا عن قلقه إزاء توجه الاتحاد الأوروبي إلى رفع مستوى العلاقات العالمية والسياسية والأمنية مع إسرائيل، في الوقت الذي تتواصل فيه انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان، وعدم الوفاء بالتزاماتها، فضلا عما تم الاتفاق عليه في اجتماع أنابوليس، وكذلك عدم تعاملها بجدية مع مفاوضات الحل النهائي.

وثمن المجلس الوزاري عاليا الجهود التي بذلها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر لجمع الفرقاء اللبنانيين في العاصمة الدوحة لإجراء الحوار الوطني، حيث توصل الفرقاء اللبنانيون إلى «اتفاق الدوحة» والخروج بحل سياسي للأزمة، مبينا أن بادرة الشيخ حمد تأتي تتويجا للجهود التي قامت بها الجامعة العربية واللجنة الوزارية العربية برئاسة الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري.

وفي الشأن اللبناني أيضا، قدم المجلس تهانيه للرئيس ميشيل سليمان، مرحبا بانتخابه رئيسا للجمهورية اللبنانية، وشدد على ضرورة استكمال اتفاق الدوحة من خلال تشكيل حكومة الوحدة الوطنية والبدء بإجراء الحوار الوطني، وأعرب عن أمله في أن ينعم لبنان وشعبه بالأمن والاستقرار والرخاء.

وفي الشأن العراقي، دعا المجلس الوزاري إلى ضرورة تعزيز الدور العربي في استقرار وأمن العراق ودعم حكومته، مشيدا بالزيارة التي قام بها الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير خارجية الإمارات الذي لم يحضر اجتماع البارحة، وأناب عنه محمد أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية.

كما دعا المجلس الأمم المتحدة الى ضرورة إنهاء موضوع إعادة الأرشيف الوطني لدولة الكويت التي استولي عليه من قبل خلال الغزو العراقي للكويت في أغسطس (آب) 1990.

واعتبر البيان الختامي للمجلس الوزاري الخليجي التقرير الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية للعام 2008، حول الاتجار بالبشر بأنه «حمل الكثير من المعلومات المغلوطة وغير الصحيحة، والتي تهدف إلى ممارسة ضغوط غير مبررة لأهداف سياسية، وندعو وزارة الخارجية الأميركية إلى مراجعة سياستها غير الودية تجاه دول المجلس».

وجدد المجلس الوزاري مطالبه بجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من كافة أسلحة الدمار الشامل بما فيها منطقة الخليج، بحسب البيان. مع إقرارهم بحق دول المنطقة في امتلاك الخبرة في مجال الطاقة النووية للأغراض السلمية.

وتناول البيان الختامي الوضع الإيراني، خاصة احتلال طهران المستمر للجزر الإماراتية الثلاث «طنب الكبرى، وطنب الصغرى وأبو موسى»، حيث أكد في هذا السياق مواقفه الثابتة والمعروفة والمتمثلة في دعم حق السيادة لدولة الإمارات العربية المتحدة لجزرها الثلاث المحتلة، وعلى المياه الإقليمية والإقليم الجوي والجرف القاري، والمنطقة الاقتصادية الخالصة للجزر الثلاث، وذلك باعتبارها جزءا لا يتجزأ من دولة الإمارات العربية المتحدة، وعبر عن أسفه لعدم إحراز الاتصالات مع إيران أية نتائج إيجابية من شأنها التوصل إلى حل لقضية الجزر، «مما يسهم في تعزيز واستقرار المنطقة».

ودعا المجلس الجمهورية الإسلامية الإيرانية للاستجابة للمساعي والدعوات الصادقة لدولة الإمارات لحل القضية عن طريق المفاوضات مباشرة، أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.

وفي الشأن الصومالي، عبر المجلس عن إدانته للاعتداء على مدينة أم درمان، الذي استهدف السودان، وأكد تضامنه مع الحكومة السودانية، داعيا إلى معالجة الأزمة في دارفور عن طريق الحوار والوفاق الوطني وبما يحقق لأبناء الشعب السوداني الأمن والاستقرار والرخاء في كافة أرجاء البلاد.

كذلك تطرق البيان إلى الشأن الصومالي، حيث دعا كافة الأطراف الصومالية الى التخلي عن العنف ووقف العمليات التي تستهدف عرقلة مسيرة المصالحة الوطنية، والعمل على تحقيق الوفاق الوطني، ودعم مؤتمر المصالحة الذي عقد في جيبوتي، ونشر الأمن والاستقرار في ربوع كافة الأراضي الصومالية. كما أكد المجلس على ضرورة الالتزام بالتعهدات والاتفاقات التي جرى توقيعها في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية بتاريخ 16 سبتمبر (أيلول) 2007، برعاية خادم الحرمين الشريفين.

وكان البيان الختامي لاجتماع المجلس الوزاري الخليجي قد أشاد بدعوة رابطة العالم الإسلامي التي نظمت للمؤتمر الإسلامي العالمي للحوار، والذي تم برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على مدى ثلاثة أيام نهاية الأسبوع الماضي، بإقامة حوار بين أتباع الأديان والحضارات بهدف إشاعة ثقافة التسامح وتعزيز التفاهم والحوار بين كافة الشعوب. وفي المجالات الأمنية بين دول المجلس، أبدى المجتمعون رضاهم حول قرار وزراء داخلية المنطقة، بإقرار الاستراتيجية الأمنية الشاملة لدول مجلس التعاون، مرحبين بالاتفاقية الثنائية التي وقعتها السعودية وقطر بخصوص تنقل مواطني الدولتين بالبطاقة الشخصية.

كذلك قدم المجلس تهانيه لمملكة البحرين بفوزها بعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، كما رحب بموافقة المنظمة الدولية على أن تكون البحرين مقرا لتدشين التقرير العالمي للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث عام 2009.

وفي شأن عربي أعرب المجلس الوزاري عن إدانته للتفجير الإرهابي الذي وقع أخيرا في الجزائر وراح ضحيته عدد من الأبرياء، حيث أكد في هذا الصدد دعمه مجددا للجهود الدولية لمكافحة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله أيا كان مصدره ومبرراته.

وحول مسيرة العمل الاقتصادي الخليجي، طالب البيان الختامي دول الاتحاد الأوروبي بعدم إقحام قضايا سياسية في الاتفاقية التجارية، معربا عن تطلعهم للانتهاء من المفاوضات والتوقيع على اتفاقية تجارة حرة بين دول الخليج والاتحاد الأوروبي قبل نهاية العام الجاري.