إسرائيل تماطل في الإفراج عن أموال السلطة رداً على دعوة أبو مازن للحوار ورسالة فياض للأوروبيين

حكومة عباس تعجز عن دفع رواتب الموظفين العموميين ونقابتهم تحتج

TT

أكد مصدر اسرائيلي مسؤول ان التأخير في دفع المستحقات الفلسطينية من أموال الجمارك بقيمة 78 مليون دولار، التي تتسبب في تأخير دفع الرواتب لموظفي السلطة عن مايو (أيار) الماضي، هو اشارة تحذير اسرائيلية للرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، ترمي الى الاعراب عن الامتعاض من دعوته لاسئناف الحوار مع حركة حماس. وثمة سبب آخر للتأخير وهو احتجاج اسرائيل على رسالة بعث بها رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض للاتحاد الاوروبي، يطالبه فيها بعدم رفع مستوى العلاقات مع اسرائيل بسبب موقفها من الاستيطان وعملية السلام. واحتج اولمرت على هذه الرسالة الى ابو مازن خلال لقائهما في القدس الغربية قبل اسبوع تقريباً.

وقال المصدر الاسرائيلي انه سيجري تحرير هذا المبلغ في القريب، ولكن ليس قبل أن تصل الرسالة الى القيادة الفلسطينية. وأضاف هذا المصدر ان أبو مازن «يلعب لعبة خطرة» بمفاوضات التفاهم مع حماس، وان اسرائيل تدرك انه يرمي من وراء هذه اللعبة التعبير عن رفضه للمخطط الاسرائيلي تنفيذ عملية اجتياح واسعة في قطاع غزة ردا على استمرار حماس في اطلاق الصواريخ على البلدات الاسرائيلية.

وكانت مصادر اسرائيلية قد كشفت ان رئيس الوزراء، ايهود أولمرت، أبلغ ابو مازن، في اللقاء، انه ينوي تنفيذ عملية اجتياح. فرد عليه ان الاجتياح سيشكل ضربة له وللمفاوضات الجارية، موضحاً ان من يعتقد بأن الاجتياح سيؤذي حماس، فهو مخطئ، داعياً الى الاستمرار في الجهود للتهدئة مع حماس، لأن ذلك يخدم مصلحة المفاوضات أكثر.

وعندما فشل أبو مازن في إقناع أولمرت، غادر الى رام الله وكان أول ما فعله هو اطلاق الدعوة للحوار مع حماس. وقالت هذه المصادر ان حماس وفتح، تديران حوارا معمقا في الأسابيع الأخيرة، وانهما توصلتا الى تفاهمات في معظم القضايا، وان العقبة أمام انهاء التفاهمات تكمن في طلب ابو مازن من حماس قبول التزامات منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة مع اسرائيل، وهو ما يرفضه معظم زعماء الحركة.

وكانت مصادر اسرائيلية أخرى، قد أفادت، أمس، ان أبو مازن اتجه نحو اعادة الحوار مع حماس، بسبب تعثر المفاوضات الرسمية مع اسرائيل والشعور بأن حكومة أولمرت عاجزة عن التقدم فيها الى اتفاق حتى نهاية السنة. ووصفت صحيفة «معاريف»، أمس، بعض وقائع التفاوض التي تدل على هذا التعثر. الى ذلك، ونتيجة المماطلة والتسويف الاسرائيليين في الافراج عن اموال السلطة التي تصل الى حوالي 250 مليون دولار، لم تتمكن حكومة سلام فياض حتى امس من دفع رواتب موظفيها لشهر مايو (ايار).

وأثار ذلك حنق نقابة الموظفين العموميين التي اتهمت الحكومة بتعمد تأخير دفع الرواتب. وقال بسام زكارنة، رئيس نقابة العاملين في الوظيفة العمومية بالضفة الغربية، ان الحكومة تعمدت تأخير رواتب الموظفين في إطار «تكتيك واضح» للتهرب من تنفيذ الاتفاقية التي وقعت أخيرا بينها وبين النقابة. واعتبر زكارنة ان حكومة فياض «لجأت لهذا التكتيك بسبب رفض النقابة لمبلغ 1000 شيكل فقط من المستحقات التي لا تنسجم مع روح الاتفاق الموقع بين الجانبين، مطالبا بصرف عاجل للرواتب. أما حماس فتساءلت عن «مصير ملايين الدولارات». وقال علاء الدين البطة، رئيس نقابة الموظفين في القطاع العام، بغزة «بعد كل مؤتمر تعقده الدول المانحة برعاية أميركية يطل علينا فياض بالحديث عن مبالغ طائلة وعدت تلك الدول تقديمها لخزينة السلطة، إلا أن الموظفين لم يروا شيئاً من ذلك»، رافضا الربط بين تأخير صرف الرواتب والمماطلة الإسرائيلية في تحويل أموال الضرائب. وتابع «لماذا تقبل السلطة أن تبقى رهينة لابتزاز الاحتلال، ولم تحاول ولو لمرة واحدة التحرر من التبعية للاحتلال الإسرائيلي، عبر استثمار الأموال التي تدخل خزينتها في المشاريع الوطنية». وتساءل «أم أن تحكم الاحتلال برقبتها شرط لاستمرارها». واتهم فياض امس اسرائيل، بالمماطلة وقال «واجهنا صعوبة في التزام اسرائيل بدفع المستحقات التي كان من المفترض ان تحول يوم الاثنين الماضي». وبحسب فياض، فان الرواتب ستسدد للموظفين اليوم، في حال التزمت اسرائيل بتحويل المستحقات الضريبية للسلطة». وقال فياض في مؤتمر صحافي عقده في مدرسة المغتربين برام الله، اثناء جولة تفقديه لسير امتحانات الثانوية العامة التي بدأت في فلسطين امس، «ان الجانب الاسرائيلي ابلغنا (اول من) امس بتحويل المبلغ للسلطة، لكن نعتقد ان الحوالة غير كاملة، ويقال إنها تنقص بحوالي 70 مليونا عن المبلغ المستحق، وفي حال وصول الحوالة يوم غدٍ ستصرف الرواتب للموظفين».