كوشنير يدعو الفرنسيين إلى الاستمرار في العمل بالجزائر

تفنيد مزاعم اعتداء جديد وتحديد «السرية» المنفذة لهجوم بني عمران

عناصر أمن يقفون أمام الموقع الذي شهد تفجيراً بمنطقة بني عمران أول من أمس (ا.ف.ب)
TT

دعا وزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير، أمس الفرنسيين الى الاستمرار بالعمل في الجزائر، وذلك بعد الاعتداء الذي وقع أول من أمس شرق العاصمة الجزائرية، وأسفر عن مقتل مهندس فرنسي وسائقه الجزائري. وقال كوشنير في تصريح لإذاعة «آر تي ال»: «هذا بلد يجب أن نعمل فيه، وهو بلد نعمل فيه والعلاقات التجارية وعلاقات الصداقة مهمة جدا ويجب تطويرها». ورداً على سؤال لمعرفة ما اذا كانت باريس تنوي إصدار تعليمات سلامة جديدة لرعاياها في الجزائر، قال كوشنير: «كلا، بطبيعة الحالة يجب توخي الحذر لكن لا تعليمات معينة». لكن كوشنير الذي كان قد زار الجزائر يوم الجمعة الماضي للمشاركة في اجتماع لوزراء خارجية دول المتوسط، قال إن «هذا البلد خطر اذ حصلت خمسة اعتداءات في غضون ايام قليلة». إلا أنه أضاف «عندما نتحدث الى المسؤولين الجزائريين والى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة فهم عازمون على الاستمرار ومكافحة ما يعتقد في كل مرة انه الاعتداء الاخير».

في غضون ذلك، فندت الجزائر أمس مزاعم وقوع هجوم إرهابي جديد أمس، وأكدت أن حصيلة اعتداء أول من أمس لم تتجاوز قتيلين، على عكس ما تردد بأنها بلغت 13 قتيلاً. ونفى وزير الاتصال عبد الرشيد بوكرزازة لصحافيين صحة ما تردد عن وقوع اعتداء في البويرة (100 كلم شرق العاصمة) أمس. وكانت وكالة «رويترز» قد أوردت هذا الخبر، قائلة إن التفجير استهدف محطة حافلات بالمدينة، قبل أن تتراجع عنه في وقت لاحق.

وعاشت أحياء كثيرة بالعاصمة حالة ذعر بسبب ورود إشاعات عن حدوث تفجيرات جديدة، اتضح في الأخير أنها كلها عارية عن الصحة. وذكرت مصادر محلية في البويرة لـ«الشرق الأوسط»، أن المدينة ظلت هادئة طول نهار أمس حيث لم يسجل فيها أي شيء غير عادي. وهرع موفودون عن غالبية الصحف إلى عدة أماكن بالعاصمة تردد أنها شهدت تفجيرات، بينها محطة الحافلات المركزية بالضاحية الشرقية، وساحة الشهداء بقلب مدينة الجزائر العاصمة. واتضح أخيراً أن تلك الأنباء عارية عن الصحة.

من ناحية أخرى، قالت مصادر مطلعة إن تحريات مصالح الأمن بخصوص التفجير المزدوج الذي وقع أول من أمس ببني عمران (70 كلم شرق العاصمة)، بينت أن العملية نفذتها «سرية جراح» التابعة لتنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي». وتمكنت «الشرق الأوسط» أمس من الوقوف على آثار التفجير الذي وقع بمنطقة بني عمران، حيث انتشر رجال الشرطة العلمية على جانبي الطريق السريع الرابط بين العاصمة والبويرة (100 كلم شرق) لجمع شظايا القنبلتين اللتين تم تفجيرهما بطريق التحكم عن بعد. ونفى مصدر أمني بالمكان وقوع 12 قتيلا في العملية، واستنكر ما سماه «التضخيم الاعلامي» لحصيلة الضحايا. وأفاد بيان لوزارة الدفاع تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن صحفاً محلية «تناولت خبرا مفاده مقتل 13 شخصا إثر انفجار قنبلتين على مستوى محطة سكة الحديد ببني عمران، وتفند وزارة الدفاع الأرقام التي تداولتها وسائل الاعلام وتؤكد بأن الاعتداء أسفر عن مقتل شخصين: رعية فرنسي وسائقه جزائري الجنسية وهما عاملان بمؤسسة فرنسية مختصة في الأشغال العمومية»، تدعى «رازال». وذكرت مصادر بمكان الانفجار أن القنبلة الأولى استهدفت سيارة مدير الأشغال الفرنسي بيار نوفاك، حيث أصيب بشظاياها المتطايرة فقتل على الفور. ولقيَّ سائقه سمير سيد، 39 سنة، نفس المصير. ونجا فرنسي آخر يشتغل في مشروع بسكة الحديد من التفجير، حيث كان يقود سيارته وراء سيارة مواطنه. ويتكون الفريق العامل في شركة «رازال» من 9 أشخاص، 4 منهم فرنسيون.

وأوضحت مصادر مطلعة أن التحريات الأمنية، ترجح وقوف «سرية جراح» وراء عملية بني عمران. وتستمد المجموعة المسلحة المكونة من 6 عناصر، حسب المصدر، اسمها من الجبل الذي تأوي إليه ببني عمران. ويعد المكان معقلا لتنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي». وترى مصادر متتبعة لسلسلة الأعمال الارهابية التي وقعت في الأيام الأخيرة، أن مصالح الأمن قرأت مجموعة رسائل من وراء التفجير المزدوج، أهمها أن التنظيم المسلح مصمم على تنفيذ تهديدات سابقة باستهداف الرعايا الفرنسيين بالتحديد، بدعوى أن فرنسا تدعم السلطات الجزائرية في حربها ضد الجماعات المسلحة. أما من حيث توقيت العملية فاللافت أنها وقعت قبل ساعات من تنقل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (ظهر أمس) إلى «المعرض الدولي للمنتوجات» الذي تشارك فيه كل سنة مئات الشركات التي تمثل غالبية دول العالم.