الراضي سيطلب من العاهل المغربي إعفاءه من الوزارة إذا انتخب قائداً للاتحاد الاشتراكي

لشكر يتهم الدولة وحركة الهمة بالتدخل في شؤون حزبه

TT

اعلن عبد الواحد الراضي، وزير العدل المغربي عن اعتزامه، في حالة انتخابه امينا عاما لحزب لاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، رفع ملتمس للعاهل المغربي الملك محمد السادس، يطلب فيه اعفاءه من مهامه كوزير للعدل. وأعرب الراضي عن اعتزازه الكبير بالثقة الملكية الموصولة، مؤكداً التزامه بالوفاء الدائم لمبادئ الحزب، ولخياره الديمقراطي الحداثي، واستراتيجيته النضالية. وجاء اعلان الراضي، وهو ايضا عضو في المكتب السياسي للحزب، عن ذلك، في بيان صدر عنه، اعلن فيه رسميا عن ترشيحه لمنصب الامين العام للحزب، وذلك عشية انعقاد المؤتمر الثامن للحزب يوم الجمعة المقبل. ولاحظ مراقبون ان بيان الراضي كتب بصيغة يفهم منها انه شبه متيقن من ظفره بمنصب الامين العام المقبل للحزب.

وقال الراضي إن عزمه على الإقدام على الترشيح، مستشعرا جسامة هذه المسؤولية النبيلة، التي تتطلب تفرغا كاملا وتكريسا لكل الجهود للنهوض بها، بما يستجيب لثقة كافة الأخوات الاتحاديات والإخوة الاتحاديين، وبما يرتضيه أعضاء الحزب والمؤتمرون، ملتزمين على الدوام بهويتهم السياسية المتميزة، وشخصيتهم الحزبية المستقلة، في اختيار قيادتهم وهيآتهم التقريرية والتنفيذية، بكل حرية واقتناع ديمقراطي.

وعزا الراضي إقدامه على هذا الترشيح إلى اقتناعه العميق بـ«المبادئ النبيلة»، التي كافحت من أجل نصرتها، وعلى مر خمسة عقود من الزمن، أجيال من المناضلات الاتحاديات والمناضلين الاتحاديين، في وفاء راسخ لتضحياتهم، من أجل تقدم وعزة المغرب، وثقة كبيرة في جدارة أجيالنا الصاعدة للسير ببلدنا إلى الأمام، بـ«عزيمة وإقدام شبابنا الملتزم». وأضاف الراضي أن مبادرة ترشيحه للأمانة الجسيمة لقيادة حزب القوات الشعبية، تنبع من غيرته الصادقة والتزامه الراسخ بما يقتضيه تمتين وحدة الحزب وتحديثه «ليظل حاملا لمشعل الدفاع عن الوحدة الوطنية والترابية للبلاد، وهيأة سياسية متصدرة للنضال الديمقراطي، والبناء الجماعي لمغرب المواطنة الكريمة، والديمقراطية الاشتراكية، والوحدة والتنمية المستدامة».

وشدد الراضي على أنه لا يريد من ترشيحه «إلا تسخير كل طاقاتي وتجربتي، وتضافر جهودي مع كل اتحادي واتحادية، من أجل تبوؤ هذا الحزب العتيد، الذي نشأت فيه، وكان لي شرف النضال في صفوفه، طوال نصف قرن، المكانة الجديرة بتاريخه النضالي، وتجذره الشعبي، ووزنه السياسي سواء بإسهامه المشهود في ترسيخ دعائم دولة الحق والقانون، وبناء مجتمع ديمقراطي حداثي، أو بتعميق الارتباط بهموم وانشغالات الجماهير الشعبية، والعمل على إيجاد الحلول الناجعة لها، في قرب من المواطن، وتكتل مع القوى الوطنية الديمقراطية التقدمية».

ويقول الراضي «في التزام بجعل مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، والعمل بمناهج جديدة تشاركية وديمقراطية، على تأهيل الحزب لمواصلة النهوض بدوره الطلائعي في خدمة المصالح العليا للبلاد».

الى ذلك، اتهم إدريس لشكر، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (مشارك في الحكومة) الدولة المغربية، وجمعية «حركة من أجل كل الديمقراطيين»، التي يتزعمها النائب فؤاد عالي الهمة، الوزير المنتدب السابق في الداخلية، وأعضاء في دواوين بعض الوزراء المنتمين الى حزبه، بالسعي الى تفجير المؤتمر الثامن للاتحاد الاشتراكي. وأكد لشكر، الذي كان يتحدث أمس في مؤتمر صحافي بالرباط، أن بعض الجهات تريد فعلا دفن حزب الاتحاد الاشتراكي، والاستيلاء على كوادره، وإنهاء دور الحزب الريادي في المشهد السياسي المغربي، مشيرا الى أن الترويج لاعتماد مبدأ اللائحة في انتخاب أعضاء المكتب السياسي للحزب، من لدن المؤتمر، تزامنت مع انطلاق عمل «حركة من أجل كل الديمقراطيين». وأوضح لشكر انه لا يطلق كلامه على عواهنه، بل لديه مؤشرات سياسية تؤكد ذلك، مثل انتخاب مندوبي الحزب، إذ أنه في حالة عدم إنصاف لائحة منتسبي الحزب في الفروع المحلية، وفي الاقاليم، وكذا الجهات (المناطق)، فمعنى ذلك ان الاتحاديين يهيئون كوادرهم لحركة عالي الهمة.

وافاد لشكر بأنه ليس ضد اعتماد مبدأ اللائحة بالتمثيل النسبي، ولكنه ضد اللائحة الإقصائية والتمييزية، وضد عدم شموليتها لباقي الأجهزة المسيرة للحزب ضمنها المجلس الوطني، موضحاً أن اللائحة بالتمثيل النسبي تعني أنه في حالة حصولها على نسبة 30 في المائة من اصوات المؤتمرين، فإن تمثيليتها في القيادة يجب أن تكون بنفس الدرجة، أما اللائحة الثانية التي روج لها أخيرا في اجتماع المجلس الوطني، فستخلق، في نظره، ارتباكا حقيقيا كونها تدعو الى ضرورة تغيير ثلثي اعضاء المكتب السياسي المنتهية ولايته، ولا تزن عدد الاصوات المحصل عليها بعدد المقاعد المخصصة لأعضاء المكتب السياسي. وقال لشكر: «لنفترض أن اللائحة الاولى حصلت على 600 صوت، والثانية على 566 والثالثة على 520، فمعنى ذلك ان اللائحة الاولى ستمثل في قيادة الحزب بنسبة ثلثي المقاعد، فيما الثلث الباقي يتم اقتسامه بالتساوي مع اللائحتين، وهذا يعني الإقصاء، وهذا ما تريده الدولة».

وبخصوص مسألة ترشيحه للامانة العامة للحزب، قال لشكر إنه لم يحدد بعد موقفه بشأن ذلك، الى حين توضح العديد من الامور المبهمة، معتبرا الترشيحات المقدمة حتى الآن بأنها مخالفة للقانون، في إشارة الى ترشيح الراضي، وزير العدل، وفتح الله ولعلو، وزير المالية السابق، والحبيب المالكي، وزير التربية والتعليم السابق.

وحذر لشكر منتسبي الحزب من مغبة السقوط في إغراق المؤتمر بالمشاكل التنظيمية، والحديث عن هندسة جديدة للحكومة، وتناسي القضايا الكبرى التي تمر منها البلاد، وخاصة في جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، موضحا أن البعض يناقش فقط مسألة انتخاب قيادة الحزب من لدن المؤتمر، في الوقت الذي يؤكد فيه القانون الاساسي أن المجلس الوطني هو من ينتخب المكتب السياسي.

واعتبر لشكر أن ما جرى ويجري في الحزب يعد خطرا عليه، مشيرا الى ان البعض يسعون الى تفجيره اثناء انعقاد المؤتمر. وتساءل لشكر عن الاسباب التي جعلت منتسبي الحزب لا يناقشون قضية مغادرة الحكومة من عدمها. وأعرب لشكر عن أمله في إنجاح محطة المؤتمر، معبرا عن تفاؤله في تجاوز الصعاب المطروحة، داعيا الدولة الى رفع يدها عن شؤون الحزب، وعدم تبخيس العمل الحزبي، وتفريغه من كوادره.

من جهة أخرى، أعلنت مجموعة «إعادة بناء الاتحاد الاشتراكي» سحب ترشيح علي بوعبيد، نجل زعيم الحزب الراحل عبد الرحيم بوعبيد، للامانة العامة للحزب. وقررت المجموعة دعم لائحة الراضي، كونه استجاب لمجموعة من الشروط؛ ضمنها ضم لائحته أسماء كوادر شابة من الحزب، وقبوله عدم الجمع بين منصب الأمين العام، وأي منصب حكومي.

وقال حسن طارق، عضو المجلس الوطني للحزب: «إننا في مجموعة إعادة بناء الاتحاد الاشتراكي، قررنا سحب ترشيح علي بوعبيد، ودعم لائحة الراضي، كونه قرر تقديم استقالته من وزارة العدل، قبل أن ينطلق مؤتمر الحزب، وتطبيق الافكار التي نادت بها المجموعة من أجل القطع مع ممارسات الماضي، وتحويل الانظار من الصراع الشخصي والدوران في الحلقيات المصغرة، الى مناقشة القضايا المصيرية للحزب والبلاد».