كوريا الجنوبية: الحكومة تعرض تقديم استقالتها بسبب أزمة استيراد اللحوم الأميركية

عشرات الآلاف تظاهروا في شوارع سيول احتجاجا على اتفاقية أبرمتها الحكومة مع واشنطن

متظاهرون في سيول أمس يحاولون منع وزير الزراعة شانغ وون شان من الصعود الى المنصة والتحدث عبر مكبر الصوت (أ.ف.ب.)
TT

عرضت الحكومة في كوريا الجنوبية تقديم استقالتها أمس بعد ضغوط الشارع والمظاهرات المستمرة منذ أسابيع اعتراضا على رفع الحظر عن استيراد اللحوم الاميركية بسبب مخاطر اصابتها بمرض جنون البقر والمفروض منذ عام 2003، الا انه لم يعرف ما اذا كان الرئيس لي ميونغ باك سيقبل استقالة الحكومة كاملة. وقالت وكالة يونهاب الكورية انه من المرجح ان يقبل الرئيس استقالة بعض الوزراء في الحكومة. ورجحت أن يستبدل ستة وزراء على صلة باتفاق استيراد لحوم الابقار الاميركية ومن بينهم وزير الخارجية يو ميونج هوان ووزير الزراعة تشونج وون تشون ووزير المالية كانج مان سو.

ووصفت الوكالة الاستقالة الجماعية التي عرضها مجلس الوزراء الذي لم يمر على ولايته سوى ثلاثة أشهر، بأنها غير مسبوقة.

ونزل عشرات الالاف الى الشوارع أمس أيضا في مظاهرة حاشدة احتجاجا على رفع الحكومة الحظر على استيراد لحوم الابقار الاميركية، وتحولت المظاهرات في شوارع سيول الى مواجهات عنيفة مع الشرطة. وتوفي متظاهر أول من أمس متأثرا بجروحه بعد اسبوعين من محاولته احراق نفسه احتجاجا على الاتفاق.

وكان رئيس الوزراء هان سيونج سو قد أصدر بيانا أمس جاء فيه: «نحن مسؤولون بالكامل عن الأزمة الناتجة عن مسألة رفع الحظر على استيراد لحوم الابقار الأميركية، ولذلك قررنا الاستقالة لمساعدة الرئيس على احتواء الموقف في أقرب وقت ممكن».

ومن أجل التوقيع على اتفاق التجارة الحرة المتعثر مع الولايات المتحدة، وافق الرئيس لي على استئناف كامل لاستيراد لحوم الابقار الاميركية خلال اجتماعه الذي عقد في 17 إبريل (نيسان) الماضي مع الرئيس الاميركي جورج بوش. ويأخذ منتقدو القرار على الرئيس لي ميونغ باك خضوعه لضغوط الحليف الاميركي الذي جعل من استئناف الواردات شرطا مسبقا للمصادقة على اتفاق التبادل الحر التاريخي الموقع مع سيول في ابريل 2007 . وتحاول سيول إقناع الشعب بالقول إن السماح بدخول مصدري اللحم البقري الاميركي إلى السوق الكوري سيكون جزءا من الاتفاق المتبادل إذا رغبت شركات السيارات والصلب والنسيج الكورية الجنوبية في دخول السوق الاميركي.

وفي مواجهة الاستياء الشعبي، اعلنت الحكومة في مطلع يونيو (حزيران) انها لن تقبل استيراد لحوم للابقار التي يزيد عمرها عن ثلاثين شهرا، مؤخرة بذلك فعليا استيراد اللحوم، وهي تسعى لادخال تعديلات على الاتفاق في الوقت نفسه انها ليست قادرة على اعادة التفاوض على مضمونه بالكامل. وارسل فريقان من المفاوضين الكوريين الجنوبيين الى واشنطن أول من أمس في محاولة للتوصل الى حل. وكانت سيول قد وافقت في يناير (كانون الثاني) 2006 على فتح سوقها للحوم المجردة من العظام للابقار التي تقل اعمارها عن ثلاثين شهرا، لكن السلطات رفضت منذ ذلك الحين عدة شحنات بعد العثور على قطع صغيرة من العظام فيها. وقبل فرض الحظر في 2003، كانت كوريا الجنوبية تشتري لحوم ابقار بقيمة 850 مليون دولار سنويا.

وينتظر الاتفاق التجاري الشامل موافقة الكونغرس الاميركي منذ أن وقعت سيول وواشنطن اتفاقا مؤقتا قبل عام. وقدم أصحاب المزارع الاميركيون التماسا للمشرعين لفتح كامل للسوق الكوري الجنوبي الذي كان ثالث أكبر سوق لهم قبل وقف الواردات خوفا من مرض جنون البقر في عام 2003.

وأصاب الكثير من الكوريين الجنوبيين الذعر بسبب تقارير تشير إلى أن الكوريين عرضة وراثيا لمخاطر الاصابة بمرض جنون البقر. وقال معارضو الاتفاق إن اللحم البقري الاميركي لن يكون فقط على موائد العشاء لكن ربما تجدونه في الوجبات الخفيفة وغيرها من المنتجات الاستهلاكية.

ونفت حكومة كوريا الجنوبية الانتقادات ووصفتها بأنها جزء من حملة تستند إلى مخاوف لا أساس لها عن اللحم البقري الاميركي لاثارة غضب المحتجين. وقبل نزول عشرات الالاف الى الشوارع للتظاهر، أعلنت الحكومة حالة التأهب القصوى في صفوف الشرطة استعدادا للمظاهرات التي تترافق أيضا مع الذكرى السنوية الـ21 للمظاهرات المؤيدة للديمقراطية التي أجبرت نظام الحكم العسكري آنذاك على قبول نظام الانتخابات الرئاسية المباشرة. وتراجعت شعبية الرئيس لي المؤيد للشركات والأعمال بشدة إلى أقل من 20 في المائة في 107 ايام فقط منذ توليه السلطة بعد انتخابه بأعلى نسبة تأييد على الإطلاق في البلاد.