استمرار تبادل الاتهامات بـ «المسؤولية» بين الموالين والمعارضين

بالرغم من الاتفاق على خطورة الوضع

TT

تواصلت امس ردود الفعل الشاجبة والمستنكرة للحوادث الأمنية المتنقلة في لبنان بين أنصار المعارضة والموالاة. ولم يخل الأمر من تبادل اتهامات، على رغم الإجماع على خطورة هذه الحوادث وما يمكن أن تجر إليه، وما يمكن أن ينتج عنها من فرز سكاني جديد وحقد لا بد أن يتطلب جهدا كبيرا ووقتا لمعالجته والقضاء على أسبابه، ولم يمنع الهدوء الحذر المستمر في المناطق التي شهدت الاشتباكات اخيرا، الاطراف المتنازعة عن اطلاق المواقف الحادة.

وفي هذا الاطار قال وزير الدولة لشؤون مجلس النواب ميشال فرعون، عقب زيارته امس متروبوليت بيروت لطائفة الروم الارثوذكس المطران الياس عودة: «إن هناك هواجس وقلقا تنتاب جميع اللبنانيين جراء الوضع الأمني واستمرار الاستفزازات في بيروت وبعض مناطق البقاع التي تهدد السلم الأهلي».

أما رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن، فاعتبر عقب زيارته نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان «ان الأوضاع لا تحتمل أكثر مما احتملت وخصوصا من الناحية الأمنية، حيث نرى كل يوم انتكاسات من هنا وانتكاسات من هناك يمكن ان تعود بنا الى الوراء. لذلك علينا ان نحمي الوضع الأمني والوضع الاجتماعي والمعيشي في لبنان».

وكان الشيخ قبلان قال في مناسبة اخرى: «نعيش حالات من الفلتان الأمني في بعض المناطق، ونسمع تصريحات متحدية، ونشهد تحريك الأموال من قبل البعض في إثارة الفتن والحساسيات. وعلى هؤلاء ان يحذروا من انقلاب الناس عليهم لأن هذا المال سيرتد على أصحابه سلبا».

من جهته، اعتبر النائب علي عسيران انه «يتوجب على القوى الامنية، من جيش وقوى امن داخلي وغيرها، ان تضع حدا للشوائب الامنية المتنقلة والمبادرة الى اجراء مصالحات في الاماكن التي شهدت اشتباكات وتوترات، اذ انه لا يجوز ان يبقى الوضع سائبا». وقال: «يبدو ان السياسيين قد تخلوا عن أحد أهم اعمالهم، وهو تقريب الناس وأبناء المجتمع الى بعضهم البعض. والمطلوب من الجيش اللبناني بذل كل جهد لوضع حد للنزاعات التي تهدد الوطن والكيان في اسرع وقت قبل فوات الاوان».

وقال النائب عاصم عراجي: «نحن لسنا مطمئنين حتى الآن لأن ما حصل (في سعدنايل وتعلبايا) شيء مخيف. وقد استعملت فيه كل الاسلحة الخفيفة والمتوسطة وحتى ان هناك كلاما عن استعمال السلاح الثقيل ومدافع الهاون. وهذه أمور خطيرة وخصوصا اذا ما استعملت في البلدة نفسها او في الحي نفسه بين ناس عاشوا فترة طويلة مع بعضهم البعض... هذا شيء خطير. واذا لم يتم وضع حد سريع ومعالجة السبب يعني اننا قادمون في اي وقت وبعد حصول اي مشكل صغير، الى استعمال هذه الاسلحة مجددا».

وتحدث عن «اتصالات هادئة» واكبت هذه الحوادث. وذكر أن الجيش اضطر الى الاستعانة بالمغاوير من خارج منطقة البقاع ليتمكن من السيطرة على الوضع. واعتبر «ان الجيش يجب ان يستعمل الحزم والقوة .. والكل يقول نريد الأمن ثم الأمن عن طريق الجيش وحده. وهذه هي لغة الجميع».

من جهته، دعا عضو كتلة «المستقبل» النائب جمال الجراح القوى الأمنية، وتحديدا الجيش، الى «ممارسة سلطته كاملة على الجميع وفي جميع المناطق، وان يكون هو المرجعية الأمنية الوحيدة وهو الوحيد الذي يملك السلاح ويتصرف في الموضوع الأمني». واشار الى «ان الجيش دخل كل المناطق التي كانت مسرحا للتوترات باستثناء بيروت. فهناك مناطق لم يدخلها الجيش كما يجب او لم يستتب فيها الوضع الأمني. ولايزال بعض المواطنين يتعرضون للمضايقات ويضربون ويشتمون وبخاصة عندما يحاولون العودة الى منازلهم». ولفت الى انه تم توقيف شخصين اول من أمس في أحداث البقاع الاوسط، ولكن المتسبب الحقيقي بكل الإشكالات الكبيرة التي حصلت ليل أول من أمس والمدعو حسين دندش لم تتمكن القوى الأمنية من توقيفه بعد.

ووصف عضو كتلة «المستقبل» النائب عزام دندشي ما يجري حاليا في لبنان بـ«العرقنة» داعيا «الطرف الاخر الى تغليب مصلحة الوطن لا المصالح المذهبية والاقليمية». وقال: «المطلوب الاعتذار من اهل بيروت ووقف الاعتداءات المستمرة قبل دخول حركات اصولية على الخط تغلب الاعتدال والوسطية». ورأى ان «هناك تفسيرات عدة لما يجري امنيا. فهل هي رسالة الى العهد الجديد بان الامن لهم وليس لرئيس الجمهورية؟ ام رسالة الى الاكثرية رفضا عمليا لاعادة تكليف الرئيس (فؤاد) السنيورة؟ ام رسالة الى راعي اتفاق الدوحة، اي دولة قطر والجامعة العربية، كون اتفاق الدوحة اعاد التأكيد على مرجعية اتفاق الطائف؟ وبالتالي فإنهم يريدون الاثمان الاضافية قبل تسهيل تنفيذ ما تبقى من اتفاق الدوحة».

واعتبرت الهيئة العليا في المكتب الوطني للتنسيق المركزي «ان الامساك بأمن بيروت وضبطه سيشكل التجربة الاولى للعهد الجديد لبسط سلطة الدولة بقواها الذاتية، تمهيدا لنشره في كافة المناطق اللبنانية، حيث امتدت يد الفتنة والارهاب الى الشمال والبقاع». ولفتت، في بيان اصدرته أمس، الى «ان السلاح غير الشرعي لايزال يسرح ويمرح في بيروت، مستبيحا حرمات البيوت متطاولا على الكرامات، مهجرا الكثيرين من منازلهم، زارعا الرعب في النفوس، معطلا الحركة الاقتصادية، حارما على ابناء العاصمة حرية التجول الآمن في مناطقهم، منفذا سياسة قمعية مدروسة تدل على مدى الحقد بحق العاصمة وابنائها».

واستنكرت «جبهة الحرية» بشدة «استمرار المناكفات الأمنية المتنقلة في اكثر من منطقة لبنانية» مشددة على «وجوب اضطلاع القوى الأمنية الرسمية بواجباتها الكاملة»