لاجئون عراقيون: الحلم الأميركي ليس في متناول أيدينا

لاجئة: كنت مستشارة في السفارة الأميركية ببغداد واليوم عاطلة عن العمل

TT

وصل نحو 5000 آلاف لاجئ عراقي الى الولايات المتحدة منذ أواخر العام الماضي. ويقول هؤلاء اللاجئون انهم فوجئوا بعدم وجود دعم لهم من المؤسسات الاميركية التي عملوا لديها في العراق والتي ساهمت أول الأمر في إيصالهم الى الولايات المتحدة، وانهم يواجهون مستقبلا مجهولا لاسيما مع قلة فرص العمل.

وكان علي الضابط السابق في جيش صدام حسين يعرض خدماته كمترجم على الجيش الاميركي قبل خمس سنوات بعيد الاجتياح الاميركي للعراق، وهو اليوم يبحث عن عمل في واشنطن.

وعلي، الذي طلب عدم كشف اسمه الحقيقي، هو من عشرات العراقيين «المحظوظين» الذين تمكنوا من الانتقال الى أميركا والذين يترددون في واشنطن على وكالة توظيف مكلفة مساعدة العراقيين ذوي الكفاءات العالية في غالب الاحيان على ايجاد عمل في مجال اختصاصهم. غير انهم دفعوا ثمن حظهم هذا باهظا.

عمل علي طوال اربع سنوات لحساب الجيش الاميركي في بغداد وقد منح وساما مكافأة على عمله الممتاز، وفي سبتمبر (ايلول) الماضي فر الى سورية بعدما وشى أحد به بتهمة التعامل مع العدو.

وحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، فقد وصل علي قبل أربعة اشهر الى الولايات المتحدة حيث حصل على وظيفة كمفتش عمل في مصنع لقاء 65.6 دولارات في الساعة «لدي خبرة أكثر من 15 عاما كضابط وفني في الجيش العراقي واحمل شهادة ترجمة فورية. اود العمل في الطيران». وأضاف والحنين يغمره «انني عالق بين نارين. أود رؤية زوجتي وابنتي وابني من جديد لكن لا يمكنني الرحيل. الارهابيون، تعلمون كيف تسير الامور (..) احيانا اشعر انني هائم بلا هدف».

وغادة واحدة من هؤلاء ايضا، وتمكنت من الحصول على فرصة عمل في شركة مرموقة في ولاية فلوريدا. وتقول غادة لـ«الشرق الاوسط» انها وصلت الى اميركا اواخر العام الماضي غير انها لم تتمكن من الحصول على عمل الا بعد ستة أشهر، انفقت خلالها معظم مدخراتها التي جمعتها اثناء عملها لسنوات مع شركة اميركية في بغداد تعنى بتنفيذ مشاريع مدنية في العراق. وتضيف أنها قضت الأشهر الاولى متنقلة في منازل اصدقاء ومعارف باحثة عن العمل في مدن متعددة حتى حالفها الحظ قبل شهرين في الحصول على عمل. وتقول غادة انها تعيش وحيدة الآن في شقة صغيرة في مدينة نائية وانها لم تر أحدا من عائلتها منذ عدة أشهر ولا تعرف متى ستلتقي بهم مرة اخرى. وروى لاجئ عراقي آخر عرف عن نفسه باسم مستعار هو ياسر يعقوب، انه كان يعمل منذ 2003 لحساب الوكالة الاميركية للتنمية الدولية «يو اس ايد» في البصرة. ويقول «انتقلت الى أميركا بعدما تلقيت تهديدات وقتل اثنان من زملائي»، موضحا انه يعمل «ليعتاش» بائعا يتقاضى نسبة على مبيعاته في ولاية ايلينوي، فيما يعمل لاجئون آخرون نواطير في مبان او أمناء صناديق او يغسلون الأطباق في المطاعم.

وتصف إيمان التميمي نفسها أنها «لاجئة تبحث عن عمل» بعدما كانت في الماضي مستشارة سياسية لدى مكتب السفارة الاميركية في البصرة. وهي مشتاقة لابنة شقيقتها وتقول «علي ان اعمل هنا حتى اؤمن لها الفرص نفسها التي يحظى بها هؤلاء الاطفال الذين يلعبون في الخارج، انها تستحق ذلك». والعراقيون الاربعون تقريبا الذين يبحثون عن وظائف عبر هذه الوكالة سبق ان تعاملوا مع شركات او وكالات حكومية اميركية او مع الجيش الاميركي، لكنهم يشكون من ان المؤسسات او العسكريين الذين تعاملوا معهم لم يقدموا لهم أي رعاية او مساعدة في المقابل.

وقال ياسر «ان منظمات عديدة تحصل على عقود في الشرق الاوسط وتكسب الملايين، لكن ايا منها لم يعرض علينا حتى الآن عملا في الولايات المتحدة لحمايتنا».

وفي 2007 أسس كيرك جونسون الذي سبق ان عمل لحساب وكالة يو اس ايد في العراق، جمعية غير ربحية اسمها «ذي ليست بروجكت» لمساعدة اللاجئين العراقيين على الاستقرار في أميركا. ويقول «هناك على الدوام منظمات غير حكومية وشركات متعاقدة من الباطن تعمل في العراق بموجب عقود تمولها حكومتنا»، مضيفا «نظرا الى حجم هذه العقود التي تم الحصول عليها على حساب العراقيين، يمكننا الاعتقاد بان في وسعهم توظيف بعض هؤلاء العراقيين بعدما باتوا لاجئين».

توني ماركوارت الرقيب السابق في الحرس الوطني الاميركي هو من الاشخاص الذين ساعدوا بصفة فردية بعض العراقيين على اللجوء الى الولايات المتحدة، وهو يندد بتلكؤ الشركات والوكالات الاميركية بهذا الشأن.

وكتب ماركوارت رسائل الى علي واستقبله في المطار وساعده على تخطي المعاملات الادارية الصعبة وإيجاد عمل. ويقول «كانت فترة صعبة. لم نصادف من بادر وقال لنا (سنساعدكم)»، مشيرا الى ان «هؤلاء العراقيين عرضوا حياتهم للخطر لمساعدة الاميركيين وائتلافهم».

وتعهدت الولايات المتحدة باستقبال 12 ألف عراقي بين اكتوبر (تشرين الاول) 2007 و سبتمبر (ايلول) 2008، من اصل مليونين فروا من العراق منذ 2003، غير انها لم تستقبل منذ الاول من اكتوبر (تشرين الاول) سوى 4742 لاجئا، ما يعني انها لم تحقق سوى 40% من هدفها المعلن.